علي دُغمان
فوبيا..ثمّة من يتعقّبني، فعدت إلى البيت مُباعدًا بين خطاي..
وما إن فتحت الباب حتّى اندلعت رائحته كذاكرة تُعيد تشكيل تفاصيل البيت، فاندسست في الفراش، مُتناسيًا إطفاء الضوء..
غير أنّ الغطاء طفق ينزاح عنّي شيئًا فشيئًا، فتكوّرت على نفسي، فيما تعالت ضحكاته أكثر فأكثر..
صارت يده تتحسّس جسمي، تفتّش فيه بنهم وفضول، فانتفضت كمن سرى بجسمه تيار كهربائي..
حينها التقت النظرات معًا، فرميته بحجر التيمومة، الغرض المتبقّي من رائحة أبي، فتكسّر وجهه إلى مئات الأجزاء والشظايا، فتضاعفت صورته أكثر فأكثر، وتعالت ضحكاته أكثر فأكثر، بينما كنت أركض باتجاه الشارع..
مرآة المرآة..
تعوّدنا النظر في صورة جدّي بعيون الناس، فرأينا الوهم في صورة إنسان..
وتعوّدنا حين نسأل:
- لما وجه جدّي كالكرتون؟..
فكان يأتينا الجواب دومًا مشفوعًا بصفعة على القفا:
- تأدّب مع سيّدك..
وكبرنا، وبدل أن نسأل:
- لما وجه جدّي يُشبهنا؟..
فصلنا الصورة عن المرآة، فعلمنا أنّنا مثله لم نعرف الفرح بعد، ولا الحياة..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق