28 سبتمبر :
يوم أن مات الزعيم في الجبهة
وتلد الجبهة طفلها
الصافي الجميل..
وتسوق الأيام بعضها
البعض..
ويحل يوم الثامن
والعشرين من سبتمبر عام 1970. وكان يوما أسودا يفوق سواده هزيمة يونيو.
حتي الساعة الثامنة
مساء ظلت الجبهة في حالة قلق وتوتر ، لم يكن أحد يتصور أن تكون الكارثة بحجم مأساة
يونيو وأكبر ، الإذاعة المصرية قطعت بثها الاعتيادي وراحت تذيع آيات متواصلة من
الذكر الحكيم ، إلي أن أذيع بصوت نائب الرئيس
أنور السادات نبأ وفاة الزعيم القائد جمال عبد الناصر لتنفطر الجبهة هلعا ويعلو نحيب الجنود ويمرغون أنفسهم في تراب
الخنادق. وأصيب بعضهم بحالات إغماء. ولم يكن بوسع احد من الضباط أن يمنع نفسه من
النشيج الصامت. ويوم تشييع الجنازة وفد
إلى قيادة التشكيل وكتائبه سكان قرى السويس
المجاورة يرفعون الرايات السوداء والخضراء ويدقون الطبول الحزينة ويعولون ،
وفدوا يقدمون العزاء للمقاتلين. وخطب فيهم الضابط محاولين تخفيف وقع الفجيعة .
وأقيمت على أرض التشكيل ليلة المأتم ، تناوب فيها عدد من الجنود تلاوة القرآن الكريم.. ووزعت القهوة المرة.
وفي صباح اليوم التالي بدت الجبهة مسكونة بوحشة
اليتم. وكان العدو خلف ساتره الترابي أشد حرصا على عدم الإتيان بأفعال من شانها
خرق وقف إطلاق النار، فقد كان مقاتلو
الجبهة منكفئين على بحار من الغضب لا شطوط لها.
وتعاهد الجميع علي
استكمال المشروع الناصري في تحرير الإرادة والأرض مهما كلفهم ذلك من تضحيات .
وتسوق الأيام بعضها
بعض..
وتلد الجبهة طفلها
الحائر الحزين..
وتخلو الذاكرة الجبهوية
إلا من حادثين :
* مأساة يونيو ..
* وموت جمال عبد
الناصر..
ويتراكم في الحلوق تراب كثير وتتحول الأغنيات
العذبة إلى مواويل ضجر. وينتقل قائد التشكيل ومن بعده نائبه ويحل محلهما غيرهما.
لكن الأيام الخالية من
كل مجد لا تمكن إنسانها من النظر حوله بعين الرضا . وتغط الجبهة في سكون بارد
مريب.
وفي بداية عهد الرئيس أنور السادات ترد إلى
التشكيل وإلي التشكيلات الأخري تعليمات برفع شعار غامض " مصر أولا "
ولما لم يتوصل أحد إلى معناه ترك وظل مجرد كلمات مهجورة لا تعني شيئا.
هذا الشعار داسته أقدام
الجنود في تحد ظاهر وهم ينطلقون من خنادقهم في ظهيرة يوم السادس من أكتوبر 1973
إلي الضفة الشرقية مع صيحات هادرة وعالية ( الله أكبر والنصر للعرب )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق