2013/12/09

نور على الطريق.. قصة بقلم: خيري عبدالعزيز

نور على الطريق

  خيري عبدالعزيز
الطريق إسفلتي متهالك.. طويل ممتد.. لا أرى آخره, ولكني أعلمه.. يصل قريتي ويخترقها في العمق.. أخطو عليه بمفردي, ونجم منتصف الليل يلمع فوق رأسي, والقطار يغادرني, ململما معه بقايا الضجيج والونس, ليتركني فريسة لحكايات القرية القديمة..
   أتلمس خطاي فوقه حذرا, بسبب نخر الزمن الذي وسمه بالندوب العميقة, والترعتان على جانبيه راكدتين مخيفتين, كما لو أنهما لفظتا الحياة منذ الأزل, والأشجار العملاقة تتشابك أغصانها الكثيفة, فتزيد الليل ظلمة ورهبة..
   أشعر أن عفريت الطريق الشهير يتقافز من حولي.. شخشخة أوراق الأشجار منه.. وحركة المياه المفاجئة أيضا منه.. والحيوات المريبة التي تظهر هنا وهناك منه.. هو يراقبني بالتأكيد الآن كما يراقب القط الفأر, قبل أن يُعمل في مخالبه وأنيابه..
   تزل قدمي.. أكاد أسقط.. يرتجف قلبي, وأجد آهة فزعة تشق حلقي, فأتأكد أنني صرت نهبا للخوف.. أقرأ آية الكرسي في خشوع أعلمه في نفسي في وقت الأزمات, وأنا أتسمع مرتعبا ونسا للقطار الذي لفظني.. فلا أسمع سوى صمت الليل ونقيق الضفادع, وعواء ممطوط قادم من الأغوار البعيدة..
   أطلق لقدمي العنان..
   يتلقفني ضوء على امتداد البصر.. شعاع واثق, مسلط بالتمام تحت قدمي.. تنفست الصعداء.. هدأت.. فذاك أبي..

ليست هناك تعليقات: