زمن
بقلم: عبدالقادر صيد
لباس متهرئ و وجه
بائس ، لا تحتاج إلى حصص طويلة في علم
الفراسة لكي تتأكد من أنه صعلوك ، بل يخيّل إليك أن الفضيلة تنتحر على وجهه ،و لكن
ما إن يتكلم حتى تستغفر الله ألف مرة ،لأنه يصدمك بكلام ثابت و روح هادئة تخالف اختلافا كبيرا
مظهره ،تبقى متحيرا في سر يسبح في بحة صوته و فحوى كلامه ، و يبقى هو مزهوا بهذه
الميزة التي منحه الله إياها ، و كلما خرجت من سحر كلامه ترقبت أن تأتي الشرطة في
أي لحظة لتضبطكما معا متلبسين بأي جريمة كان اقترفها أو هو مرشح لارتكابها ، فوجهه و هيئته شبهتان صارختان ، تجزم أنه لم
يمر على مرحلة الطفولة ، لا شك أن ظله أجمل منه،و لكنك لا تدري متى بدأت مراسيم
الطلاق بين هذا الظل و شكله رغم محاولاتهما الحثيثة في التعايش الودي. بعض ارتساماته
سحنة سائق مخالف للقانون ، ينظر إليك بكل
وقاحة منتظرا التلذذ برؤية التقزز على وجهك ، و هنا أستطيع أن أتوقف، لأن القصة بالنسبة
إليّ انتهت، فقد شفيت قلبي ، و لكن القارئ لا ينتظر من كاتب متواضع مثل هذه
الشطحات ، لأنه يراها سمجة ، لذلك سأحاول أن أكمل . هذا الكائن يأتي كل مساء إلى
بناية قديمة ليس فيها ضريح ، و لكن سماها صاحبها زاوية صوفية ، و هكذا بدأ الناس
يتعودون على تسميتها ،و يكررها غيرهم
ليسلم فقط من الجدال ، حتى اكتسبت ذلك بالتقادم ،فماذا يفعل صاحبنا هنا ؟
يلتف حوله شبان على الفطرة من العصر إلى المغرب ، ينتظرون منه خلالها تفسير بعض الحكم الصوفية و فكّ مفارقاتها ،
متحملين منه الدخان الذي يتعاطاه و بعض العبارات التي يمكن أن تعتبر نابية ،و
لكنها ليست صريحة ، و قد تسألني: أين مكانك أيها القاص ؟ أنا أحد أؤلئك الشباب ، و
قد أجمع كلهم على نكران كلامي هذا في حقه، كنت صامتا متأملا ، و كان دائما يكرّر
لي مبتسما ببراءة لا أقرأ فيها إلا المكر:
ــ أكرهك ،لأنك في
داخلك لست صافيا اتجاهي ..
أحس بتأنيب الضمير
.. أبكي ، و أبكي داخلي ، لأن روحي تنافرت مع أرواح الصالحين ..
هل أنتم معه في
أنني لست صافي الطوية إزاءه ؟ بعد ثلاثين سنة ـ أي هذا العام ـ اكتشف أنه
تاجر أسلحة دوليّ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق