خمار وثوب فضفاض
بقلم: عبد القادر كعبان
أرفض وضع الخمار على شعري. لا خيار لي. أصبحت
مجبرة على الوقوف كل يوم لارتدائه أمام المرآة. لطالما كنت أرفض فكرة الحجاب.
متمردة بطبعي. أفضل انتعال الكعب العالي ووضع روج أحمر قبل الخروج.
أمي المسكينة ترفض ذلك. ربما خوفها من ابن
سيئ الطباع يجبرها على الانصياع والرضوخ دائما. أحلم بأن أكون مختلفة عن الأخريات.
أخي كغيره من الرجال يلاحق الفتيات الجميلات. ألمحه كلما خرجت من بوابة الجامعة.
يركب السيارات الفارهة معهن. يمضي في خوض مغامرات مع أصدقائه الأثرياء. أما أخته
فيدفن أنوثتها في خمار وثوب فضفاض. لم أكن راضية بذلك. كنت أريد أن أصفعه. أتذكر
أنه صرخ في وجهي. فضلت زيارة بيت الجيران يومها. خرجت دون ارتداء ثوب الاحتشام.
انفعل غاضبا في وجهي:
- لا تخرجي بدون حجاب شرعي مرة أخرى..
بنبرة سخرية أجبته:
- شكرا على نصيحتك يا مولانا..
كلما دخلت سألتني الجارة لماذا أخفي مفاتني
وأنوثتي الساحرة. هي تعلم أنني محجبة أو بالأحرى محتشمة كرها. تتساءل هي الأخرى:
- ترى كيف سينظر إليك الرجال؟
ربما ترى أنني سأصبح عانسا كالكثيرات من بنات
الحي. هن محجبات عن قناعة. لا أدري. هل الحجاب حاجز لزواج الفتاة؟! صراحة لست
مقتنعة بكلامها.
حملتني أجنحة ذاكرتي إلى يوم شديد الحرارة.
الامتحانات كانت في بدايتها. خرجت متذمرة لصعوبة الأسئلة. رأيت جملة من الشباب
يتحرش بجسد فتاة متبرجة. قوامها الفارع ممشوق. شعرها طويل كذيل الفرس. حاول أحدهم
مداعبة نهديها الفاتنين. هي لم تقل شيئا.
ارتبكت من الخوف. تخيلت نفسي مكانها. جسدي
الفاتن لقمة في فم شباب جائع. أيعقل؟! كنت أتمنى أن لا أتخيل ذلك المشهد. أسرعت
الخطى. دخلت حمام البنات. فتحت الصنبور. غسلت وجهي بماء بارد. واجهتني تلك المرآة
بملامح خبيثة تثير أنوثتي. كشفت عن شعري للحظات. تخيلت جسدي مكشوفا أمام الشباب.
اقترب أحدهم والتصق به. اعتصر قلبي ألم شديد. وضعت الخمار على رأسي. استغفرت الله.
خرجت بعدما أدرت وجهي عن تلك المرآة. مشيت
بين الطلبة. صوت الشباب اخترق أذني. تخيلت نفسي متبرجة. فتاة تضج أنوثة. تصبب
العرق من وجهي. أمسكت بطرف ثوبي الفضفاض خوفا من أن يفتضح أمري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق