لغتنا العربية ..نحو بعث جديد لإبراهيم حمزة ، كتاب
ما زال يحمل أملا فى الغد
عن
دارالعماد للنشر والتوزيع ، صدر كتاب " لغتنا العربية .. نحو بعث جديد "
للكاتب إبراهيم حمزة ، متناولا فى ثلاثة مباحث " واقع اللغة العربية "
ثم "اللغة العربية .. تاريخ من النور " ثم " محاولات للإجابة عن
كيفية النهوض باللغة العربية ، فاللغة
العربية ليست مجرد وسيلة تخاطب بين الشعوب فى حيز جغرافى ومن هنا تنبع أهمية
الموضوع ، فالعربية لغة الدين الذى أضاء سماء الجزيرة العربية ، وتتناول الدراسة
دور الإعلام ولغته ، مؤكدة أن " فالعرب على أتم استعداد للتنازل عن تراثنا
جميعه بما فيه من لغة وشعر وأدب وأخلاق وغيره لقد غرق العالم كله فى المستنقع
الأمريكى ، وصب الأمريكيون عليهم أطنان من أدوات التجميل ، ليجعلوا الآخرين
مقبولين لديهم . .
***
ومع تدنى اللغة
إعلاميا ، وجدنا أنه فى الأسبوع الذى ضربت
فيه الطائرات الأمريكية أحد المستشفيات فى أفغانستان ، وعبرت فيه الدبابات
الإسرائيلية للضفة الغربية ، كان عدد المظاهرات فى الوطن العربى صفراً . . نعم
صفراً "
ويتابع
البحث رصد حالة التدنى اللغوى مستشهدا برأى وقد لخصت المذيعة المغربية المتقاعدة
" لطيفة الفاسى" حال المذيعات أو قل سوء حالهن من خلال معرفة وثيقة بهن
؛ تقول :- " المذيعات يلقين نشرات
الأخبار ملحنة ، بمعنى أنها كثيرة الأخطاء
، ومغناة فى نفس الوقت ، فلا نطقهن سليم ، ولا أسلوبهن مقبول ، ومن بينهن من لا تستطيع فتح فمها كما ينبغى ، والحروف
تبدل ، فالظاء والضاد والدال والذال كلها تصبح دالاً ، والموضوع ينطق المودوع ،
و " أعضاء الحكومة" تنطق "
أعداء الحكومة والتاريخ ينطق " الطاريخ" وغيرها من الأخطاء الفاحشة التى
نسمعها ، فالقناة المغربية قدمت استقالة من اللغة العربية التى تنتحر أمام أعينهم
وهم صامتون ، وأعتقد أنهم هم أيضاً لا
يعرفون اللغة العربية ولا يحبونها وإلاَّ لما أصبحت مشوهة كما هى الآن ".
***
وفى مقابل هذا
الانتحار اللغوى ، نجد فى العصر العباسى عالمنا المبرد يروى قصة تبين مدى اهتمام
العرب بلغتهم بشكل بالغ ،حيث " كان
أبو عثمان المازنى قد جاءه يهودى ، وسأله أن يقرئه كتاب سيبويه ، وبذل له مائة
دينار ، فامتنع أبو عثمان من ذلك . قال المبرد : -
يا
سبحان الله ترد مائة دينار مع فاقتك وحاجتك إلى درهم واحدٍ ! فقال : نعم يا أبا
العباس . أعلم أن كتاب " سيبويه" يشتمل على ثلثمائة آية من كتاب الله ولا
أرى أن أُمكن منها كافراً . فسكتُّ ( أى
المبرد راوى القصة ) ثم مضت الأيام ، وجلس الواثق يوماً للشرب وحضر ندماؤه ، فغنت
جارية : -
أظلوم أن مصابكم رجلاً *
* * * أهدى السلام تحية ظلم .
فنصبت
"رجلاً" ، ورأى الجالسون فيه الرفع باعتباره خبر إن ، فوقع النزاع حتى
جاءوا بإمام علماء النحو فى زمانه أبى عثمان المازنى ، بعـدما أمر الواثق بكتابٍ
لولى البصرة بتسيير المازنى إليه مبجلاً معظماً . . وذكروا له البيت ، فقال :
الصواب مع الجارية ، ولا يجوز فى " رجلاً " غير النصب ، لأن مصاب مصدر
بمعنى الإصابة ، ، ورجلاً منصوب به والمعنى أن إصابتكم رجلاً أهدى السلام تحية ظلم
. فظلم خبر إن . ففهم الواثق وعلم أنه الحق ، وأمر للمازنى بألف دينار وتحف وهدايا
وذهبت له الجارية هدايا.
ويرصد
الباحث علاقة التضايف بين العربية واللغات الأخرى ، مستشهدا بوجود كلمات غير عربية
فى لغتنا ، وهو ما فسره" الصولى " هذا الأمر بما رواه عن على بن الصباح
قال : سمعت الحسن بن رجاء يقول : ناظر فارسىٌ عربياً بين يدى خالد البرمكى ، فقال
الفارسى : ما احتجنا إليكم قط فى عملٍ وتسمية ؛ ولقد ملكتم فما استغنيتم عنا فى
أعمالكم ولا لغتكم ، حتى طبيخكم وأشربتكم وما فيها على ما سمينا . فسكت عنه العرب ، فقال له البرمكى :- قل له :
اصبر لنا نملك كما ملكتم ألف سنة، بعد ألف سنة كانت قبلها لا نحتاج إليكم ، ولا
إلى شىء كان لكم.
هناك تعليق واحد:
خالص المحبة يا أعز وأرقى الأصدقاء ..دمت غاليا
إرسال تعليق