مدارات كواكب النجاح
بقلم : د.اسماء الطناني
مخلوقة هي العينين كي تري ألوان الكون
الباهرة،فلون الشمس الذهبي وقمرها الليلي الفضي، ولون الورود المزهرة، وموضوعة هي الأذنين
علي جانبي رأس الانسان كي تستمع إلي أروعالألحان التي تعزفها الطبيعة، و كل حواس الإنسان
مخلوقة لإدراك جمال خلق الله في كونه اللانهائي.
فأن تري لون السماء في الصباح؛ يعني أن
تتنفس روعة الإتساع وشموخ العلاء.
أن تري لون الشمس الذهبي المائل للحمرة عند
أقصي أوقات الشروق؛ أن تُبني بيوتاً من النشاط في خلاياك.
أن تخطو خطوات فوق الأرض؛ أن تشعر بمعني
الرسوخ والقوة.
أن يجري مجري بصرك كالنهر فوق مجموعة متراصة
من الزهور مطلية بألوانها الطبيعية؛ أن ترفرف روحك كاليمامة الحرة السعيدة في
السماء.
وأن تستمع أذنيك إلي صوت البلبل عندليب
التغريد ؛ يعني أن تشعر أن روحك تغني معه وتتفاءل بإيجابية واسعة المدي وممتدة الوقت.
أن تستمع لسيمفونية صوت العصافير؛ أن تبتهج
وتقول سبحان الله الذي جعل تلك المخلوقات الصغيرة تعطينا تلك الألحان الجميلة.
أن تلتقي أذنيك صدفة بصوت هدهد مار بجوارك
أو في مكان بعيد؛ أن تستبشر خيراً فدائما ما يستبشر الناس خيرا بصوت هدهدة الهدهد ويذكرك
ذلك علي الفور بقصة الهدهد مع سيدنا سليمان وما تسببه ذلك الهدهد من خير في دخول
ملكة سبأ في دين الله، لذلك يستبشر الناس بصوته كل خير.
أن تستمع لكل هؤلاء أو بعضاً منهم؛ أن تري
آية الله في أن كل شيء يسبح بحمده كلٌ بلغته، وأن تشعر بمدي سعادتهم أنهم تحت سماء
الله وفوق أرضه يبتهلون في محراب جمال الطبيعة الخلابة.
ويكفي النظر أو الاستماع لأي مما سبق من
الأمثلة لتشعر أولا: بجمال خلق الله، ثانيا: بالسعادة، ثالثا: بالتفاؤل والثقة في
الله.
نعم الثقة في الله فكل تلك الطيور تخرج من
أعشاشها صباحا جائعة وتعود وقد إمتلأت بطونها من خيرات الله لتنام في سعادة و
هناء، ولو فسرنا ذلك علي الإنسان المتوكل علي الله، فهو يخرج واثقاً في أن الله لن
يضيع إجتهاده و سعيه في الحياة و اصراره علي النجاح وعدم يأسه وتفاؤله وثقته في أن
وعد الله حق، فيخرج مطمئن القلب، مفعهم بالسكينة و الهدوء النفسي، عالماً أن له رب
لن يضيع أجر من أحسن عملاً، فيسعي بكل اتقان و فرحة، ومهما قابلته في الحياة من
صعوبات، أبدا لا يقنط من رحمة الله و مهما قابله من عسر ينتظر اليسر فيأتيه علي
طبق من ذهب، فإن مع العسر يسرا.
إنها دعوة من الطيور و غيرها من المخلوقات
الحية لنا نحن البشر أن نثق في الله في كل شيء، ليس في الرزق فقط بل في أنه سيفعل
لنا كل الخير فبيده الخير فقط، " بيدك الخير" صدق الله العظيم، وهو جزء
من الآية 26 من سورة آل عمران.
كما أن الزهور في عالم النباتات هي نموذج
يدعمنا بالصبر والصمود فتلك الزهرة التي تراها بلونها الخلاب المبهر، هي من
الصامدين الصابرين فلولا أنها صبرت علي عوامل الجو المختلفة من رياح وأمطار و ليل
مظلم ونهار حار في الصيف؛ لما اسعدتنا وأبهرت اعيننا بجمالها، فالصبر جميل مثلما
وصفه الله في الآية رقم 18 من سورة يوسف" فصبر جميل" صدق الله العظيم.
فجمال الصبر يكمن في أنك تثق تماما في أن الله سيجزيك خير الجزاء علي اجتهادك
وعملك ولن يضيع أبدا أجرك.
إن الصبر و الثقة بالله هما مدارات تسبح
فيها كما تسبح الكواكب ثم يلتقي المداران في نقطة هي نقطة مكافأة الله لك علي
الصبر.
دمتم في سعادة دائمة لا تنقطع عنكم أبداً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق