المستقبل بعد ثورة 25 يناير
أحمد بدوي*
لم تقع ثورة 25 يناير وقوع الصاعقة على النظام الحاكم فحسب، ولكنها صعقت كذلك توقعاتنا السابقة عن المستقبل، وأزالت السقوف التى حبست أفكارنا، وجعلت التفكير في كل ما كان غير ممكن .. ممكن.
بالتأكيد فإن ما حدث فاق خيال أكثر المتفائلين بالتغيير، وقلب الطاولة على كل هياكل النظام السابق. في البعض الاحيان نعتقد أن ما يحدث هو حلم سينتهي اذا أيقظني أحد. لكنى أدرك بمرور الأيام أن ذلك ليس حلما .. إنها حقيقة.
إن نظرة سريعة إلى يوم واحد فقط قبل الثورة ويوم بعد انتهائها يوضح لنا تماماً مقدار الفجوة الكبيرة في توقعاتنا، وفي بعض الأحيان قصورنا الفكري، أو قرائتنا الخاطئة للتاريخ، أو مدى ضيق تفاؤلنا لمستقبل البلاد. يوم 24 يناير 2011 ساده هدوء يعكس استمرارية حالنا، فالنظام السابق مشغول باستكمال الديمقراطية الشكلية، مستمرُ في الاستحواذ على كل حدود السلطة ومناطق النفوذ، ولكن ذلك كان يتم بشكل غاشم على أي حقوق للغير في المشاركة في رسم مستقبل هذا الوطن، ظهر ذلك في عدد من المناسبات، كسيادة الحزب الحاكم على المجالس النيابية بشكل سافر عكس غروراً لا حدود لها. كانت أنشطتهم تقف على غرور لا يخشى الزمن، يتعامل معنا في ظل ثوابت صنعها هو. وفي نفس هذا اليوم (24 يناير 2010)، كنا نحن –من هم خارج النظام- لا تتجاوز أحلامنا الحدود التي أقرها لنا النظام، آمالنا فقيرة متواضعة تحلم بتمثيل ولو محدود في إدارة مصر، نحلم ببضع كراسٍ في مجلس الشعب أو الشورى، وغير ذلك من الأحلام البسيطة.
مستقبل جديد .. نبنيه بأيدينا
وبعيدا عن الإسهاب، سأحاول أن أوجز رؤيتي الشخصية عن مستقبل بلدنا بعد ثورة 2011 في عدد من النقاط:
• التعليم: استشرف نظام تعليميا شيقا للطلاب، جاذباً لهم، يغذي قدراتنا العلمية والأدبية معا، يستفيد من التجارب الدولية، يستفيد من تجارب علمائنا بالخارج، يرتبط بسوق العمل، يرتبط بحلم دولة قوية متقدمة. نظاماً تعليمياً يعطي الأهمية المناسبة للفنون المختلفة، نظاما يشجع على التنافس الشريف في كل المجالات. نظاما يحفظ حق المدرس في المدرسة وخارج المدرسة.، نظاما يعيد صياغة العلاقة الصحيحة بين التلميذ ومدرسه.
• الثقافة: نحلم بثقافة تحض على كل أشكال التحضر، ثقافة تحبب أبناء مصر في بلدهم. نحلم بالعودة الحقيقية للقراءة، في المدرسة في البيت في الشارع في المواصلات .. نحلم بإدارة ورقابة أدبية لا رقابة أمنية على المنتجات الثقافية. نحلم بنشر الفنون في كل الأنحاء بشكل عادل لا يؤثر عاصمة على نجع. نحلم بتشجيع المواهب الناشئة في كل الفنون، ولنسهل طريقها نحو الابداع والاحتراف.
• الإعلام: نحلم بإعلام يقف أرضية الحقيقة، يستند إلى الشعب لا إلى الحكام فقط. نحلم بإعلام يحترم كافة المهن، إعلاماً يُوصل أصوات الفئات الضعيفة، نحلم بإعلام يشارك في تنمية بلده، مشجعا على التفوق في كل المجالات.
• السياسة: الآن فقط نستطيع أن نبني هيكلا سياسياً يضمن مشاركة الجميع، يبتعد عن الارهاب الأمني، يشجع على المشاركة الفعالة، نظاما لا يدع لأحد أن يستولي عليه ظلما، نظاما يشارك فيها المرأة والرجل.
• العمران: نريد بناء مصر جديدة .. بناء مدن وقرى جميلة واسعة ومريحة، بها أماكن واسعة يمكن أن ننشأ فيها ملاعب، ومسارح، مساجد، كنائس، حدائق .. نحلم بمدينة غير ملوثة ..
• الدخل: أحلم بتنمية دخل مصر، وتوزيعه توزيعا بشكل عادل. أحلم بتشجيع المصريين على الانتاج والمشروعات الصغيرة والمتوسطة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق