ماذا بعد سقوط الأصنام؟!
الخامس والعشرون من يناير يوم لا نظير له في التاريخ المصري، القديم والحديث.
يوم تأججت الثورة الشعبية واشتعلت في كل مكان بمصر تعلن سقوط كل أصنام العجوة التي صنعتها الأنظمة الفاسدة وروجت لعبادتها دهورا طويلة جعلت مصر العظيمة تتأخر عن ركب التقدم والمدنية بعد انتشار الفساد الذي طال كل شيء بداية بالمؤسسات الدينية ومرورا بالحكومة وجهازها الإداري والبيروقراطي وانتهاء بما كان يطلق عليه المعارضة المصرية من أحزاب كرتونية للمعارضة أو جماعات تتخذ من الخلفية الإسلامية مرجعية لها أو جماعات الخارج التي دأبت على زرع بذور الفرقة والفتنة بين نسيج الشعب الواحد من مسلمين أو أقباط ، وكلها أحزاب أو جماعات لم تختلف حقيقة عن الوجه الآخر للنظام السياسي الفاسد.
ثورة شباب يناير أسقطت كل الأصنام ووضعتنا جميعا أمام حقيقة جديدة، أن الشارع في مصر يصنع مستقبله دون حاجة إلى رموز.
خلال العقود الأخيرة شاخ النظام المصري وشاخت معه أجيال كثيرة تعاملت معه أو دارت في ركابه قربا وبعدا برغم التفاوت العمري بين الأجيال المختلفة إلا أن داء الشيخوخة أصاب الجميع.
والآن في لحظات مفترق الطرق لا يجوز لأحد أن يقفز فوق جواد الثورة وأن يعتلي منابرها سواء كان في فيالق النظام القديم بوجهيه الفاسدين سلطة أو معارضة.
ومن حق الشباب الذين حطموا الأصنام أن يتقدموا ليبنوا مصر الجديدة القائمة على الحرية الحقيقية وتكافؤ الفرص ونظام سياسي يعبر عن الشارع بصدق بضمانات قضائية وبفصل كامل بين السلطات.
وأن تعتمد أي سلطة ستتولى حكم البلاد على تأييد الشارع ونبضه وليس على بطش وجبروت أجهزة الأمن والبلطجية.
في هذه اللحظة الفارقة يجب أن تعقد محاكمات عادلة تحت غطاء سلطة قضائية مستقلة لكل أصنام النظام الفاسد ورجالاته الذين سرقوا خيرات مصر ومحاسبتهم وإعادة ما هو للشعب للشعب.
ليست المشكلة فيما أظن في التوجه الذي يجب أن تسلكه الدولة المصرية الجديدة سواء أكان عودة للاشتراكية أو استكمالا للرأسمالية.. لكن المهم في جميع الأحوال أن نعيش تحت عباءة القانون وسيادته واحترام الحريات الخاصة والحرص على الدور الاجتماعي للدولة وصياغة نهج جديد لمنظومة التعليم والثقافة المصرية.
وأن تقوم المنظومة الأمنية الجديدة على احترام الفرد وحقوقه الأساسية في التعبير والتظاهر والمعاملة القانونية داخل أقسام الشرطة ووضع ضمانات جديدة وصارمة لقضاء نزيه مستقل.
وألا ننفق ثروات الشعب على جهاز أمني يقمع الشعب ويحمي الفساد وأن نعود لتطبيق حقيقي لمقولة الشرطة في خدمة الشعب التي ظللنا نرددها كثيرا دون أن نجد لها مردودا في الشارع وبين الناس.
ثورة يناير كانت ثورة ضد الفساد الذي جعل البعض يستولي على ثروات الأمة وأراضيها فيجب علينا أن نستعيد ثروات الأمة ونعيدها للدولة من جديد من خلال ما ينتج عن تحقيقات قضائية موسعة.
ومن المهم أيضا أن يكون لمصر إعلام وطني مستقل لا يعمى عن رؤية الحقيقة ولا يعيش أوهاما انتهى عصرها كما هو الحال في الإعلام القومي الذي يجب محاكمة كل رموزه الذين أنفقوا الملايين للدعاية للفساد والمفسدين وتضليل الناس ونشر الأكاذيب ومحاربة الحريات ووسائل الاتصال الحديثة التي تنقل نبض الشارع..
يجب محاكمة من قطعوا وسائل الاتصال ومنعوا الانترنت عن المصريين وأعادونا إلى عصور الظلام.
مصر نهضت من غفوتها ولن يستطيع أحد بعد الآن أعادة تماثيل العجوة لتتحكم في مصائرنا من جديد.
عاشت مصر حرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق