2011/02/14

الفساد الثقافي.. الطريقة المثلى للتدجين

الفساد الثقافي.. الطريقة المثلى للتدجين
أحمد طوسون

واكب الانفجار الثوري المصري انفجار فئوي في مؤسسات عامة تعامل المسئولون عنها على إنها تكيات خاصة دون حساب أو مساءلة..
 نهبوا وسرقوا وأعطوا وحرموا وفق هواهم ونزواتهم..
 لذا بمجرد أن انفجر البركان الثوري حتى امتد لهيبه إلى المكاتب الفخمة التي اعتلاها أهل الحظوة وصرخ المظلومون في وجههم يطالبونهم بالرحيل.
لكن صمت المثقف المصري على فساد مؤسسته امتد حتى بعد الانتصار الذي حققته الثورة.
ردة فعل لا مفاجأة فيها بعد أن برعت المؤسسة الثقافية في تدجين روادها عبر سنوات طوال نجحت خلالها أن تنشر الفساد وقيمه وتتلاعب بالمال العام لصالح بقاء المسئولين في أماكنهم وإسكات المعارضين والمناوئين عن طريق زرعهم في مجلات المؤسسة وتعيينهم مستشارين ثقافيين ليتقاضوا في نهاية الشهر الآلاف بلا مقابل إلا الصمت.
ولأن المثقف المصري يعلم أن الفساد الثقافي أكبر من أن يحصر، وأن مهاجمة مسئول هنا أو مسئول هناك سيستدعي عداوات لا حصر لها من جيش المنتفعين فلاذوا بالصمت إيثارا للسلامة وعدم استعداء طابور طويل من الفسدة والمفسدين واكتفى البعض بكلمات رنانة عن المستقبل والتغيير بينما يرقد فوق صدر المؤسسات الثقافية أسماء بعينها لا تريد أن تنزاح وأن تفسح الطريق أمام الأجيال الجديدة لتأخذ فرصتها في رسم مستقبل أفضل بدلا من عقول تحجرت واعتادت أن تسير مع القافلة أينما سارت.
نريد لجانا للمجلس الأعلى للثقافة من الشباب بدلا من عواجيز الفرح الذين بقوا لدهور في أماكنهم لا يعترفون بقدرة عقارب الزمن على الحركة، نريد مجلسا للثقافة المصرية بكل أقاليمها وليس حكرا على القاهريين والمقيمين بالعاصمة، نريد لهيئة قصور الثقافة أن تعود هيئة لنشر الثقافة الجماهيرية وألا يقتصر دورها على تدجين المثقفين وإرضاء الصحفيين بأموال الشعب، وأن تعود هيئة الكتاب للكتاب والمثقفين وبابا واسعا لأطياف الثقافة المصرية المتعددة، نريد لجان قراءة بسلاسل الكتب من أدباء ومثقفين حقيقيين وليس من لجان يتم اختيارها من طرقات المؤسسات الثقافية ومن الصحفيين كنوع لتبادل المنافع، نريد مشروعا حقيقيا للترجمة وأن نحاسب من اهتموا بالكم على حساب الكيف وأعادوا إصدار ترجمات ضعيفة وخائنة ولا تقدم جديدا، نريد من قطاع الثقافة الخارجية دورا حقيقيا للثقافة المصرية برؤية حضارية قائمة على التفاعل بين الثقافات وبمشاركة كتاب ومثقفين من كل الأطياف .. نريد للمثقف دورا في رسم السياسات والتخطيط للمستقبل وأن يشارك بفاعلية في كل أقاليم مصر مع المحافظين بأفكار تساعد المجتمع على النهضة ونشر ثقافة الحوار والاختلاف.. نريد اتحاد كتاب مستقلا عن الدولة يرعى الثقافة المصرية ويكون ضميرا للأمة وقضاياها.
لكن قبل أن نتمادى في الأحلام علينا أولا أن نمتلك القدرة على التخلي عن مصالحنا الصغيرة وأن تمتد أيدينا أولا لنفتح أبواب الحظيرة التي حبسنا أنفسنا داخلها لننطلق مع جموع المواطنين لصناعة وطن أفضل.

هناك 4 تعليقات:

ربيع مفتاح يقول...

نجحت ياطوسون فيما أردنا التعبير عنه كمثفين وأتفق معك تماما وأتمنى بالفعل أن يقترن التغيير الثقافى بالتغيير السياسى

ربيع مفتاح

صلاح رزق يقول...

تحياتي لكن لقد قلت بإيجاز كل ما يمكن أن يقوله المخلصون من مثقفي هذا الوطن الحبيب

غير معرف يقول...

http://www.moheet.com/show_files.aspx?fid=448216

أحمد طوسون يقول...

الصديق العزيز أ.ربيع مفتاح، و( لا أعلم إن كان التعليق الثاني لأستاذنا الدكتور صلاح رزق أم تشابه في الأسماء)لكما في كل حال التحية والمودة وإن كان الوضع في الثقافة يحتاج إلى ثورات لهدم أبنية الفساد