2011/02/03

" المكتبات الشخصية" لمؤلفته نها محمد أحمد عثمان

" المكتبات الشخصية" لمؤلفته نها محمد أحمد عثمان

د.سناء الشعلان/ الأردن
selenapollo@hotmail.com

عن الدار الثقافية العلمية في القاهرة للعام 2007 صدر كتاب""المكتبات الشخصية" لمؤلفته نها محمد أحمد عثمان" في واقع 196.وتفتتح المؤلفة كتابها بضبط مفهوم المكتبات الشخصية وأهميتها،وتعريف صاحب المكتبة الشخصية بعد عرض قائمة من التّعاريف المتعددة والمتباينة في هذا الشّخصية لتخلص إلى أنّ المكتبة الشّخصية هي التي ينشئها الأفراد في منازلهم أو مكاتبهم لخدمة أغراضهم الشّخصية ولخدمة المحيطين بهم من أصدقاء وأهل،وتظلّ في حوزتهم في مكان إقامتهم أو مكاتبهم،وقد تؤول بعد وفاة أصحابها إلى أيّ مكتبة رسمية أو تؤول إلى الورثة. ومجموعاتها تدور في نطاق تخصّص أصحابها واحتياجاتهم واهتماماتهم الشّخصية.
أمّا صاحب المكتبة الشّخصية،فهو الشّخص الذي يشتري،ويجمع الكتب بطرق مختلفة بانتظام في مجال تخصّصه أو في موضوعات اهتمامه لخدمة أغراضه الشّخصية،ولخدمة المحيطين به من الأهل والأصدقاء.وأصحاب المكتبات الشّخصية،أيّ الذين يجمعون الكتب في مكتباتهم الشّخصية على ثلاثة مستويات،هي:الجامع العادي،والجامع عاشق الكتب،والجامع مجنون الكتب.
فجامع الكتب العادي هو الشّخص الذي يشتري،ويجمع الكتب بانتظام في مجال معين،أيّ في مجال تخصّصه،أو في موضوعات اهتمامه،وكذلك يّهدي من هذه الكتب.في حين أنّ الجامع عاشق الكتب،هو شخص يحبّ الكتب،ويشتري،ويجمع،ويُهدي الكتب،وكذلك يعرف كيف يميّز بين الجيد والرديء منها،وسبب جمعه للكتب هو الحبّ المخلص لها. أمّا الجامع مجنون الكتب،فهو الشّخص الذي يشتري،ويجمع،ويسرق،ويبيع كلّ ما لديك من أجل الكتب،وجمعها بأيّ طريقة كانت،فهو لا يهمّه طريقة جمع الكتب.
وتستعرض المؤلّفة أهمية المكتبات للأشّخاص والمجتمعات والحضارة جمعاء في ضوء حديثها عن تاريخ المكتبات الشخصية في العالم،وهو تاريخ ضارب في القدم،فقد ازدهرت المكتبات الشّخصية في مصر القديمة،وفي العراق القديمة،وفي الشّام القديمة،وفي اليونان،وفي روما،مروراً بالحديث عن المكتبات في العصور الوسطى لاسيما في الشّرق المسلم ثم في أفريقيا المسلمة وفي الأندلس،انتهاءً بالحديث عن المكتبات في العصور الوسطى في أوروبا،لاسيما في القرن الخامس عشر ميلادي،وهو يعدّ قرن التحوّل في أوروبا من عصور التخلّف والجهالة إلى عصور التقدّم بسبب اختراع الطباعة،وتوسّع حركة الكشوف الجغرافية.وفي هذا القرن بالتحديد شرع الباحثون والنبلاء في تكوين مكتباتهم الشّخصية،ولذلك نرى انتشار هذا النوع من المكتبات في إيطاليا وألمانيا وانجلترا وفرنسا وروسيا،ودول وسط أوروبا مثل المجر وسويسرا،وكذلك أمريكا، وإن كانت جميعاً قد عانت من صعوبات،مثل:ارتفاع أسعار الكتب،وانخفاض الدّخل.
وتعرض المؤلّفة أشهر المكتبات الشّخصية في المجتمع المصري الحديث منوهة باقتضاب بسير أصحابها،وعلاقتهم الوثيقة بالثقافة والعلم،وهذه المكتبات هي: مكتبة عباس العقّاد التي بلغت حوالي 19091 مجلّد،ومكتبة أحمد تيمور باشا التي كانت تحتوي على 28200 مجلّد،ومكتبة أحمد زكي باشا التي كانت تحتوي 20104 مجلّد،ومكتبة أحمد طلعت باشا التي كانت تحتوي 30000 مجلّد.
وتستعرض المؤلّفة في كتابها أهم الفئات العمرية لأصحاب المكتبات الشّخصية،وعلاقة ذلك بالاهتمام باقتناء الكتب،وكذلك علاقة المستوى التعليمي بذلك،فضلاً عن دراسة علاقة الحالة الاجتماعية بهذا الأمر،كذلك تتطرّق إلى وسائل قضاء وقت الفراغ لدى أصحاب المكتبات الشّخصية.
وتحصر المؤلّفة أسباب تكوين المكتبات الشّخصية لدى أصحاب هذه المكتبات على اختلاف وظائفهم وأعمارهم،ومستوياتهم التعليمية،ومحل إقامتهم في مجموعة من الدوافع والأسباب هي:جعل الكتب قريبة عند الحاجة إليها،وأهميتها في إثراء الحياة الثقافية والفنية والفكرية،وإنجاز أعمال متعلّقة بالوظيفة،وحبّ القراءة الحرّة والتثقيف العام،وحبّ جمع الكتب،ونتيجة الجوّ الثقافي قي المنزل،أيّ النشأة في بيئة ثقافية،وبُعد مكان المكتبات الرسمية،وجزء من مكونات المنزل،وقصور المكتبات المدرسية أو الجامعية وعجزها،وتعويد الأولاد على القراءة منذ الصّغر،والاهتمام بأحوال العالم ولاسيما أحوال المسلمين.
وتعتقد المؤلّفة أنّ المكتبات الشّخصية تتراوح في الغالب بين خمسين وألف وعاء،ليطلق عليها اسم مكتبة.وهي تُعرّف المكتبة الشخصية بأنّها وثيقة تحمل قدراً من الحقائق أو المعلومات أو البيانات أو الأفكار والمفاهيم في شكل دائم بغض النّظر عن المادة التي حملت عليها الوثيقة أو سمات المعلومات نفسها.وهي تفسّر قلة مجموعات المكتبات الشّخصية بقلّة الموارد المالية،أو بكثرة الالتزامات المادية،أو بانشغال أصحابها بأعمالهم أو بحياتهم اليومية عن تنمية مقتنيات مكتبتهم الشّخصية.
ويلعب الكيان المادي للمكتبات الشخصية دوراً هاماً في تحقيق الاستفادة القصوى منها،ويشمل هذا الكيان الموقع،والمساحة المخصّصة لهذه المكتبات،والأثاث كالمناضد والمقاعد والرّفوف،والتجهيزات التي لابدّ منها حتى يمكن الانتفاع من المكتبة انتفاعاً مجدياً،وكذلك يجب أن يكون الأثاث مريحاً وجذاباً،وأن يتوفّر في مكان المكتبة الشّخصية الهدوء،والإضاءة الجيدة،والتّهوية حتى يستطيع صاحب المكتبة الشخصية أن يستفيد منها كما يجب،وكذلك فإنّ تخصيص ميزانية لتزويد المكتبات الشّخصية بأوعية المعلومات يجعلها قادرة على مواجهة احتياجات صاحبها من المعلومات،وتنمية مجموعاتها نمواً مطرداً.
ومن جهة أخرى فإنّ تنظيم المجموعات المكتبات الشّخصية وفهرستها من الأشياء الضرورية التي تصبح المكتبات دونها مجرد مخازن أو مستودعات لا يسهل على أصحابها استخدامها أو الانتفاع بها؛فتنظيم المجموعات يهدف إلى أن تكون مجموعات المكتبات الشّخصية مرتبة ومنظمة بطرق معينة تسهل الاستفادة منها،والفهرسة والتّصنيف من العمليات التي تعمل على الوصول السّريع إلى المعلومات الموجودة في مجموعات المكتبات الشخصية.
وغالباً مايقوم أصحاب المكتبات الشّخصية برصد المعلومات التالية على فهارس مكتباتهم مهما اختلفت أنواعها وأشكالها وطرق فهرستها:العنوان،والمؤلف،والعنوان،والموضوع،ورقم الوعاء في الفهرس،وعدد الصفحات،وبيانات النّشر.
وقد يلجأ أصحاب المكتبات الشّخصية إلى تنقية مجموعاتهم،ويقُصد بذلك استبعاد أوعية المعلومات التي لم تعد صالحة ضمن مجموعات المكتبات،وذلك لأنّها قدمت من ناحية شكلها المادي،أو أنّها تحتوي على أخطاء علمية أو عيوب في الإخراج أو عيوب في الصناعة أو في الطباعة،أو لوجود أكثر من نسخة مكرورة من وعاء واحد. وفي حالة كهذه قد يلجأ أصحاب المكتبات إلى إهدائها إلى الأصدقاء أو التخلّص منها أو إهدائها إلى مكتبة ما،أو بيعها أو اللجوء إلى طريقة ما بمعرفة أصحابها.
وأصحاب المكتبات الشّخصية يتفاوتون في درجات الاستفادة من مكتباتهم الشّخصية؛إذ توجد معوقات تحول دون الاستفادة من مكتباتهم بالشكل الأمثل،منها:كثرة الأعمال والأعباء المهنية،وعدم وجود وقت فراغ،والانشغال بوسائل ترفيه أخرى،وعدم تشجيع الجوّ المنزلي على القراءة،وعدم تنظيم المكتبة.
وفي إزاء الاستخدام الشّخصي للمكتبة،نستطيع أان نحصر الخدمات التي يقدّمها أصحاب المكتبات الشّخصية إلى الأهل والأصدقاء والأقارب عن طريق مكتباتهم عبر إعارة الكتب والمواد إليهم،أو إهدائها إليهم،أو تصويرها أو السّماح لهم بالاطلاع عليها.
وفي ضوء التقدّم الإلكتروني والتقني في الوقت الحاضر باتت المكتبة الشّخصية قابلة لتحتوي على ما يسمّى بالمكتبات الإلكترونية التي يمكن تعريفها بأنّها بيئة تخزين إلكترونية،تجمع فيها الكتب والدوريات،ومصادر المعلومات الأخرى في هيئتها الرقمية باستخدام النّظم والبرمجيات التي تسمح للمستفيد بالوصول إليها آلياً،وتتصفحها لأغراض الإفادة منها.

ليست هناك تعليقات: