2012/05/21

نصوص قصيرة جدا بقلم: سعاد محمود الأمين


نصوص قصيرة جدا
سعاد محمود الأمين
بودوفِلك
ينتظر خروجها مُتلهفًا، يَغلقُ البابَ خلفها، وينظر من ثُقب المِفتاح حتى يراها تبتعد وتتوارى فى طريقها للعمل. ينطلق الزوج العَاطِل حيث تَجمُع فتيات الشوارع الكَواعِب عند ناصية الحى، يَتجولن فى الأحياء للتَسوّل وعرض بضاعتهن الرخيصة.  يَستدرج الزوج  الفتاة الضَحية، ويدخلها حُجرته ويعزف على جسدها الغض خربشات انحرافه، ويقضى وطره عنوةً واغتصابا ويحملها مسرعًا. ويلقى بها فى الشارع. الفتاة لاتستطيع النهوض ولا البكاء، من هوّل الصدمةِ والألم فتزحف على الأرض مبتعدة وتتلاشى. كانت الجارة تراقبه دائمًا.فهو رَجُل خيالها الوسيم، المفتول العضلات، الأنيق، حُلو الحديث،  لم تفلح فى لفت نظره الى أنوثتها يومًا، فهى تريد أن تستعيض به زوجها الغائب سِنينًا عددا. كانت تحسد زوجته على إخلاصه لها. ولكنها اليوم قد رأته يقذفُ الفتاة الصَغِيرة خارج منزله مُمَزقة. عرفت سبب عزوفه عنها إنه بودوفلك. واجهته بحقيقته فسقطا معا..عادت الزوجة من العمل.

المُتجَول
ضَحِكت بصوتها الجَهُورى الصاخب ومدت يدها تتحسس قسمات وجهه قائلة:لقد كَبرت وأنت تتجول ببضاعتك فى حيّنا، لقد جئتنا طِفْلًا.ابتسم خجلاً وازاح يدها عن وجهه. واصلت حديثها وهى تقوده للداخل: والآن أنت رجلاً.. ودفعته داخل الحُجرة. أمام المرآة رأى جسده كاملاً لأول مَرّةٍ.
عندما هَمّ بالخروج مسرعاً احتضنته،فإنتابه شعور مُبهم فخارت قواه فوقع على الأريكة.  فواصلت عواطفها المحمومة مع البائع المُتجول، الذى بلغ الحُلم حديثًا، فدفعها بعيدًا عنه غير مُصدقًاــ إن هذا السُلوك يصدر من هذه العجوزالمتصابيةـ فسقطت على الأرض دون حراك.  حاول الهَرب ولكن يدًا قويةً أمسكت بتلابيبه. نظر الى الزوج متوسلاً أن يسمعه.  سَجلت محاضر الشرطة: التعدى على المنزل عنوة، ومحاولة السرقة، والإغتصاب.
 جلس البائع  المُتَجول بين القضبان يبكى.. زارفاً دموع الطفولة.....

اسْتِدراج
ـ إن لم تستطيعى دفع الإيجار  لابد أن تخلى منزلى..
نظرت اليه  بإنكسار وقالت:... أنا لا أملك المال..منذ أن سافر....
إسْتشاط غضب قبل أن تكمل حديثها فلقد  سئمه ثم أردف قائلا: أرحلى اليوم قبل الغد.. أنا محتاج...
قاطعته قائلة: تعال غدا سوف أدبر المال.
دعته للدخول ليأخذ فلوسه . دخل دون تفكير فخرجت مسرعة، وأغلقت باب الحجرة، وتوسطت فناء المنزل وصرخت مستغيثة بأعلى صوتها: يا ناس ياهُوى أنجدونى....وا...واك... لقد تهجم على المحامى الكبير صاحب المنزل.  هرع الجيران والمارة الى  داخل المنزل،  وجدوه محبوسًا يحاول جاهدًا شرح مايجرى ولكنه لم يجد من يسمعه وسط هرج ومرج الحضور وقذائف السّب والشتم المنتقصة لرجولته. اقتيد للمخفر.
دخلت حجرتها ونامت كما لم تنم من قبل......

الحُوار الكَارِثى
ــ سألتنى عن أهم اختراع.. إنه الكمبيوتر.
هز ميمى رأسه نافيا: كَذِبٌ.. كاذب
ــ ماهو أهم اخترع فى رأيك؟
هممممم وضحك حتى بانت أسنانه اللبنيه التى لم تسقط  وقد نخرها التَسوس:
لانك لاتستطيع أن تتحدث مع أميرتك فى الكمبيوتر... فتراك أمى ويسمعك كل من فى المنزل.. ولكنك تُحدثها من الجَوّال فى الحَمْام... ها.. ها. وترسل لها الرسائل على طاولة الغداء.. وتخرج أحيانا به  لتُحادثها و...
ذُهل الأب ثم قال مُقاطعًا: هل كنت تُراقبنى أيها ال....
ترددالطفل ونظر الى أبيه خائفًا: كانت ماما تُرسلنى خلفك... عندما تحاول الإختباء بالجَوّال لتحادث أميرة و..أنا أسمعك..تقول...زجره غاضبًا وهب واقفًا يبحث عن جواله ثم أردف قائلًا:
ــ أمك تعرف أميرة؟   .
تَوجْس الطِفْل عندما تغيرت ملامِح الأب، وهرول مسرعًا ليخبر أمه، فوجدها تبكى وقد قذفت بجَوَال أبيه من النافذة، بعد أن قرأت الرسالة الواردةـــ (أنا فى انتظارك  العاشقة أميرة)ـــ التى أتى بها ميمى اليها خلسة وشغل أبيه بالحُوار..الكارِثة.

ليست هناك تعليقات: