الحقيقة المرَة
بقلم:عبدالكريم
وحمان
مسرحية اجتماعية من مشهدين
الشخصيات
رياض : الزوج
علياء : زوجته
أسامة : آخ علياء و مقيم مع الزوجين
زهير : ابن خالة الزوجة علياء
سمير : صديق أسامة
الخادمة
المشهد الأول
في بيت الزوجين رياض و علياء.
ساعة حائطية تشير إلى الساعة العاشرة و أربع دقائق
صباحا.
يدخل أسامة من الجهة اليمنى و هو يخبئ شيئا ما في كيس
بلاستيكي أسود. يسمع طرق. يتجه أسامة إلى
الجهة اليسرى للمسرح و يفتح الباب. يدخل سمير، صديق أسامة.
سمير: مرحبا أسامة.
هل استطعت الحصول على مال؟
أسامة ( بصوت منخفض) : ليس المال. و لكن حصلت على شيء
يمكننا بيعه و شراء غرضنا. و الآن ، هيا بنا حتى لا ينفضح أمري.
تطهر علياء من الجهة اليمنى.
علياء : إلى أين يا أسامة ؟ ( تلاحظ وجود سمير صديق
أسامة ) آه، أنت هنا يا سمير... كيف حال والدتك الحاجة شيماء ؟
سمير : بخير و على خير... تبلغك تحياتها.
علياء : بلغها تحياتي أيضا و قل لها أني لابد سأقصدها في
اليومين القادمين لغرض صغير.
سمير : سأبلغها يا ست علياء.
علياء : و أنت
يا أسامة ، لم تخبرني إلى أين أنت ذاهب ؟
أسامة ( يبلع ريقه )
: سوف ... سوف أخرج مع صديقي لقضاء بعض الأغراض.
علياء : أرجو أن تعود باكرا. فأنا بحاجة لك لإيصالي
لمكان ما بالسيارة. و كما تعلم ، فليس لدي رخصة سياقة.
أسامة : ألا يمكن أن تطلبي من زوجك إيصالك؟ لدي بعض الأشياء الضرورية و لن أعود إلا ليلا.
علياء ( بحدة ) : بل أنت من سيوصلني و ليس رياض ، هل
تسمع؟ فأنت كثير الخروج و التغيب عن البيت و أنا لا أعرف حتى أين تغيب؟
أسامة ( يبتسم) : و أين تعتقدين أنني أغيب؟ أشاهد
مباريات كرة القدم في المقهى رفقة أصدقائي و ... ها هو سمير حاضر ها هنا يمكن أن
يؤكد أقوالي. ( يلتفت إلى سمير ) أليس كلامي صحيحا يا سمير ؟
علياء ( تتكلم قبل أن يجيب سمير ): ما من أحد سيوصلني
إلى المكان الذي أبغي سواك..... سأنتظرك
في الساعة الحادية عشرة ظهرا. هل تسمع؟
أسامة: و لكن....
علياء ( مقاطعة أسامة ) : لا أريد جدالا. الأمر محسوم.
أسامة ( يزفر بصوت مسموع ) : حاضر.... حاضر.... وهل
بإمكاني الانصراف الآن جلالة الملكة ؟
علياء : كف عن مزاحك الثقيل و لا تجادلني. أتفهم؟
أسامة : حاضر... ( يلتفت إلى سمير ) هيا بنا.
علياء ( تخاطب نفسها ) : لا أعرف أين يغيب أسامة نهارا و
ليلا ؟ لقد بلغ العشرين من العمر و أصبح متمردا جدا و لا يحضر إلى البيت إلا
نادرا... أما دراسته ، فقد بدأ باهمالها و لم يعد ذلك الطالب الكاد في دروسه ، بل
التكاسل أصبح هو الشعار الذي يرفعه..... يجب أن أتخذ بعض الإجراءات و أشدد عليه المراقبة كي أكون على علم بالأماكن التي يرتادها و أيضا الأصدقاء
المصاحبين له.
الخادمة ( تدخل من اليمين و هي تحمل حقيبة يدها و قد
وضعت فيها شيئا كبيرا لا يكاد يسعها ): هل تسمحين لي يا سيدة علياء بالتغيب عن
البيت ربع ساعة ؟ أريد الذهاب إلى بيت أختي لأكلمها في بعض الشؤون العائلية.
علياء : ربع ساعة لا أكثر. هل تسمعين؟
الخادمة : حاضر سيدة علياء.
علياء ( تلاحظ حقيبة اليد المنتفخة ) : و ماذا تضعين في الحقيبة؟
الخادمة ( مرتبكة ) : أأأأ .... لا شيء.... لا شيء مهم....
بعض ... هو قميص طلبت مني أختي شراؤه لها.
تعرفين أنها نفساء و تحتاج لملابس جديدة.
علياء : حسن .
يمكنك الذهاب و لكن لربع ساعة لا أكثر. (
تنظر إلى ساعة يدها) هل فهمت؟
الخادمة: حاضر سيدة علياء.
تخرج الخادمة.
علياء : و حتى الخادمة لا تجدي نفعا. سوف أكلم زوجي رياض
كي يستبدلها باخرى.
يدخل رياض من يسار المسرح.
علياء ( مستغربة ) : رياض ؟؟؟ ما سبب حضورك باكرا؟ هل
هناك شيء ما؟
رياض ( يقترب من علياء. يمسك بيدها اليمنى ) : اشتقت لوجه
حبيبتي علياء و سماع صوت و لمسة يد زوجتي فحضرت.
علياء ( تنزع يدها من يدي رياض ) : كفاك غزلا و أخبرني
ماذا وقع؟
رياض : كل ما هنالك أني نسيت أوراقا مهمة في مكتبي و حضرت
لأخذها.
علياء : هل لديك بعض الوقت لمناقشة بعض الأمور أم أنك
على عجلة من أمرك؟
رياض : ماذا هناك؟
علياء : أريد مناقشتك بخصوص أخي أسامة و أيضا بخصوص
الخادمة التي أرغب في استبدالها. فتصرفاتها لم تعد مطمئنة البتة.
رياض : بخصوص أخوك أسامة ، سأطلب منك تأجيل الأمر إلى
المساء . أما بخصوص موضوع الخادمة، فتصرفي
فيه كما يحلو لك. اصرفيها أو دعيها لديك ،
فذلك شأن لا أتدخل فيه. ذلك الموضوع لا أفقه فيه شيئا و لا أريد أن أشغل نفسي به.
علياء : حسنا ، سأطردها حالما أجد خادمة أخرى ... ليس لي
في اليد حيلة. سأستحملها أياما أخرى حتى أجد غيرها.
رياض : بالمناسبة ، لقد كدت أنسى شيئا مهما.
علياء : و ما هو؟
رياض ( يخرج علبة صغيرة ملفوفة بورق أزرق من جيب سترته )
: هدية صغيرة لملاكي الجميل و حبيبة قلبي علياء.
علياء ( تأخذ العلبة من رياض) : أوووه يا حبيبي... انك تدللني بهداياك الكثيرة. هل نسيت أنك منذ
أربعة أيام اشتريت لي فستانا جديدا؟
رياض : أنت حياتي و عمري و أغلى شيء لدي ، و لو قدمت لك الكون بأسره هدية
لما عبَر عن مدى حبي لك.
علياء ( تنزع الغلاف الأزرق عن العلبة و تخرج خاتما
جميلا) : أوه ، انه أجمل ما رأيت في حياتي. شكرا جزيلا يا حبيبي.
رياض : الله الله الله.... كلمة حبيبي تنطقينها و كأنها سيمفونية
موسيقية.
علياء ( تغني على لحن مرتجل ) : يا حبيبي يا رياض يا كل
حياتي....
رياض : أنا متأكد أن أم كلثوم و ميادة الحناوي سيغرن من
غناءك.
يسمع طرق على الباب
رياض : هل تنتظرين أحدا ما؟
علياء : لا... ربما هو أسامة أو الخادمة التي خرجت منذ
لحظات.
رياض : سأفتح الباب.
علياء : و أنا سأذهب لأضع الخاتم الجديد في علبة
المجوهرات.
تخرج علياء من الجهة اليمنى للمسرح.
يتجه رياض إلى الجهة اليسرى. يفتح الباب و يظهر زهير.
رياض ( مستغرب ) : زهير؟؟
زهير ( مبتسم ) : أهلا رياض. كيف حالك؟
رياض ( لا يزال تحت وقع المفاجئة ) : ما الذي أتى بك في
هذه الساعة ؟؟؟ أقصد.... تفضل...تفضل... و اعذرني...
يدخل زهير. رياض
يغلق الباب لكن يظل واقفا مكانه. يتابع بنظراته
زهير و عشرات الأسئلة تدور في خلده.
زهير ( ينظر خلفه و يلاحظ جمود رياض مكانه) : ما بك يا رجل ، هل ستظل
واقفا مكانك؟
رياض ( يقترب من زهير دون أن يتفوه بكلمة )
زهير : كيف أحوالك و كيف أحوال الشركة؟
رياض ( باقتضاب ): بخير.
زهير : و كيف هي أحوال علياء و الشاب أسامة ؟
رياض ( دائما باقتضاب ): بخير.
زهير : هل.... هل أنت متضايق لمجيئي يا رياض؟
رياض : ليس
بالضبط.... إنما التوقيت هو الذي يزعجني. أضف إلى ذلك أنك لم تعلمنا بتشريفك لنا
من قبل كما هي عادتك.
زهير : في الحقيقة ، لم أكن أنوي القدوم في هذه الساعة ،
و لكن والدتي أصرَت علي المجيء لأسأل علياء شيئا ما.
رياض : ألا يمكن أن تسأل علياء ما تشاء في الهاتف مثلا؟
زهير ( بعد صمت
قصير ) : اسمعني يا رياض : لولا إلحاح أمي علي لما حضرت. إنني أفهم في الأصول أكثر
منك و لا أريد اختلاق مشاكل داخل عشك الزوجي..... و لو كنت متضايقا مني لعدت أدراجي
و أرسلت مكاني أمي المريضة و المتعبة لتخبر علياء ما تريد.
رياض : و ما الداعي لذلك بعد أن شرفتنا بحضورك.
زهير : يبدو أنك غير راغب في زيارتي لك. من الأفضل أن
أعود إلى البيت... أنا آسف على الإزعاج.
تظهر علياء.
علياء ( مسرورة لرؤية زهير ) : يا ألف مرحبا بابن خالتي
زهير . أينك يا رجل ؟ لم نرك منذ أسابيع عدة... بالأمس استفسر رياض عن سبب تأخر زيارتك لنا. ( تلتفت إلى رياض )
أليس كذلك يا رياض ؟
رياض : سأذهب لمكتبي لأخذ الأوراق التي أحتاج إليها.
يخرج رياض.
زهير : يبدو أن رياض تضايق من زيارتي لك.
علياء ( مبتسمة ) : رياض؟؟؟ متضايق من زيارتك؟ انك تتوهم
أشياء لا وجود لها.
زهير : لقد كان فجَا
معي و عاملني بطريقة من لا يرغب برؤيتي. و أقسم لك أنه لولا إرسال أمي لي
لما حضرت البتة. تعرفين أنني أفهم في الأصول و لا يمكنني الحضور إلا و زوجك في
البيت.
علياء : لا تقل ذلك الكلام.. رياض لديه....لديه بعض
المشاكل في الشركة هي التي أثَرت على أعصابه و شغلت كل تفكيره.
زهير : أرجوك يا علياء ، لا تحاولي إظهار تعامل رياض
بغير الذي يبديه. هل يعتقد أنني أكرهه
لأنه تزوجك بعد فسخ خطوبتي عليك بسبب
البطالة التي كنت أعانيها ؟؟ أقسم لك يا علياء...
علياء : و ما الداعي للخوض في الماضي؟ سأكلم رياض و أوضح
له الأمر. لا عليك.
زهير : المهم ، و كي لا أضيع الوقت أكثر : لقد أرسلتني والدتي و أخبرتني أنك ستعطيني شيئا يخصها.
علياء : أجل... هل ما زالت تعاني من آلام في ركبتها؟
زهير : الأمر يزداد حدة و أنا قلق بشأنها . أفكر في إجراء المزيد من الفحوص على ركبتيها حتى
نعرف حقيقة الألم.
علياء : ذلك هو الصواب.
زهير : المهم ، هلاَ تعجلي و تأتيني بما أرادت حتى أعود
بسرعة ( يخاطب نفسه ) و أبتعد عن هذا اللعين رياض.
علياء: ابق حتى تتناول الغداء رفقتنا؟
زهير : ليس
اليوم. فطريقة استقبال رياض لي سدَت شهيتي للأكل..... و اعذريني لصراحتي.
علياء: سأقوم باللازم
لأزيل سوء التفاهم. المهم، سأذهب لأحضر لك ثوبا اشتريه لخالتي.
تخرج علياء.
زهير ( يخاطب نفسه ) آآآه .... كلما رأيت علياء إلا و
زادت نار حبي اشتعالا. كيف لذلك الشخص الغريب عن العائلة أن يتزوج بملاك كعلياء
؟ لقد اضطررتني الظروف لفسخ الخطوبة لعدم
قدرتي على تحمل مصارف الزواج و تحمل مسؤولية البيت. أما رياض ، فكان جاهزا : لديه
البيت و السيارة و الشركة ، فلماذا ترفضه علياء؟..... يا الله، هل هناك من حل كي
أعيد الزمان إلى الوراء و أتزوج من علياء التي ملكت قلبي منذ الطفولة... و حتى
الآن؟
يظهر رياض يحمل ملفا به أوراق. علياء تحمل كيسا بلاستيكيا به قماش.
علياء : ها هو القماش.
زهير ( يأخذ الكيس البلاستيكي ) : شكرا لك يا علياء.
أستأذن.
علياء : بلغ تحياتي لخالتي.
زهير : أكيد.
يخرج زهير من الجهة اليسرى.
علياء : ما هذا الجفاء يا رياض ؟؟ لماذا تستقبل ابن
خالتي ببرودة و كأنك غير راغب فيه؟
رياض ( مواجه لها ) : تريدين أن تعرفي السبب ؟ حسن يا
سيدتي. أولا ، أنا لا أطيق نظرات زهير إليك . هي نظرات اشتهاء و كأنه يجردك من
ملابسك.
علياء : ما هذا الكلام السخيف؟ انك تبالغ.
رياض ( يرفع صوته قليلا ) : أبالغ؟؟ أنا رجل يا هانم و أفهم
نظرات الرجال جيدا.
علياء : لا زلت مصرة على أنك تبالغ. صحيح أنه كان يحبني
قبل زواجي بك و لكن حبه لي دفن حالما تزوجت بك.
رياض : ذلك ما تعتقدينه. حبه لا زال حيا و لم يخبو
بعد..... أما السبب الثاني لغضبي ، فهو
كيف يسمح لنفسه بالحضور و أنت وحيدة بالبيت؟
علياء: لست وحدي. هناك الخادمة.
رياض: ألم تخبريني يا هانم أنها خرجت منذ لحظات؟
علياء ( تتذكر) : آه ، لقد نسيت.... ( ممازحة زوجها ) لا
داعي لكل هذا الانفعال يا عزيزي، فكل ....
رياض ( مقاطعا ) : انفعال؟؟؟ ألا تعتقدي أن غضبي منطقي؟
علياء : حسن . معك حق. و أنا آسفة.
رياض : ليس أنت التي يجب أن تتأسف ، بل ذلك الشخص المدعو
زهير الذي يجب أن يتربى من جديد. و سوف أعرف
كيف أضع النقاط على الحروف و أحدَ من مقدمه إلى بيتي.
علياء ( غاضبة ) : هو بيتي أيضا يا سيد رياض و أنا لن أطلب
من عائلتي عدم زيارتي.
رياض ( يأخذ نفسا عميقا . يهدأ قليلا .) : ليأتي إذا
رفقة أمه ، خالتك.... إلى اللقاء.
يخرج رياض من الجهة اليسرى.
علياء : لم يسبق أن رأيت رياض في هذه الحالة..... ترى ،
هل أخطا فعلا زهير لذا مقدمه وحيدا؟؟؟... (تنظر إلى ساعة يدها ) تبا لتلك الخادمة
، لقد مرت الربع ساعة و لم تأت بعد.... سأنتظرها في الداخل و حالما تأتي سأعاتبها
بقوة هذه المرة .
تخرج علياء من الجهة اليمنى.
المشهد الثاني
دائما في بيت الزوجين.
الساعة الحائطية تشير إلى السادسة و النصف مساء.
تظهر علياء ممسكة بذراع الخادمة .
علياء ( غاضبة ) : ماذا تقولين أيتها الحقيرة؟
الخادمة : اقسم لك يا سيدة علياء أني لم اسرق هاتفك
المحمول. أنا مستعدة للقسم و يدي موضوعة على المصحف الكريم.
علياء : و هل تعتقدين أني سأصدقك حتى لو تم ذلك؟ أنا أعرفك
جيدا و أدرى بألاعيبك.
الخادمة : لماذا لا تريدين تصديقي يا سيدة علياء ؟ إني
لا أقول إلا الصدق.
علياء : لابد من أخذك للشرطة. لديهم طرقهم ليجعلوك تعترفين
بسرقة هاتفي المحمول.
الخادمة : أنا مستعدة للذهاب للشرطة إذا كان ذلك يرضيك و
يثبت لك أني بريئة من تهمة السرقة.
يدخل أسامة من يمين المسرح. حالما تراه علياء تنادي
عليه.
علياء: أسامة، تعالى هنا من فظلك. فهذه الملعونة سرقت
هاتفي المحمول و لا تود الاعتراف. لذا أفكر في أخذها لمخفر الشرطة لتنال عقابها.
ما رأيك؟
أسامة ( يجيب علياء و هو محدق في الأرض): أي هاتف تقصدين
؟
علياء : هاتفي المحمول وردي اللون.
أسامة ( مرتبك ) : آآآه ... تذكرته... ليست الخادمة من
سرقته.
علياء ( مستغربة ) : ماذا تقصد ؟؟ هل تعرف أين هو هاتفي
المحمول ؟
أسامة ( يخاطب نفسه) : تبا ، كدت أفضح نفسي... ليس لي
شأن بالخادمة . لتتهمها علياء كيفما تشاء و تبعد الشبهات عني. ( يخاطب علياء )
أقصد... أقصد أن الشرطة لن تعيد لك هاتفك المحمول. فذلك شأن تافه و لن تتدخل فيه.
علياء : و ماذا أفعل بخصوص هذه السارقة الملعونة ؟ لقد
رأيتها تحمل شيئا في حقيبتها صباحا و لكن لم أنتبه لاختفاء الهاتف إلا منذ لحظات.
أسامة : افعلي ما يحلو لك ( يخاطب نفسه ) سأذهب إلى
غرفتي و أترك علياء و الخادمة.
يخرج أسامة.
علياء : أقسم أني لن أطلق سراحك حتى أسترجع هاتفي
المحمول...
الخادمة : كيف لي أن أقنعك باني لم أسرق شيئا.... أما ما
كنت أخبئه في حقيبتي صباحا فهو قميص اشترته لأختي . لقد أخبرتك بذلك من قبل.
علياء : و هل تعتقدين أني سأصدق كذبك و ألاعيبك؟.
يدخل رياض من الجهة اليسرى.
علياء : لقد أتيت أخيرا يا رياض . أرجو مساعدتي في استرداد
ما سرقته هذه الملعونة مني.
رياض: سرقة ؟؟ وماذا سرقت الخادمة؟؟
علياء : سرقت هاتفي المحمول الوردي.
الخادمة : لم أسرق شيئا يا سيد رياض.... أقسم أن يدي لم
تمتد قط لشيء لا يخصني.
علياء : كاذبة... كاذبة... لا تثق بها يا رياض. فهي لا
تتفوه إلا كذبا.
رياض ( يخاطب علياء ) : هل أنت متأكدة من أن الخادمة هي
من سرق الهاتف المحمول؟
علياء : و من غيرها. لا يوجد في البيت سوانا نحن
الاثنتين.
الخادمة : أقسم لك يا سيد رياض أن....
رياض ( يصرخ بحدة ) : لا تفتحي فمك حتى آذن لك. هل
تسمعين؟
الخادمة : أليس لي حق الدفاع عن نفسي؟؟
رياض : تريدين الدفاع عن نفسك ؟ حسنا إذن. أخرجي من
بيتي.... حالا.
علياء : ماذا ؟؟؟ تطردها دون استرجاع الهاتف المحمول؟
رياض : الهاتف المحمول لا يساوي شيئا. سأعوضك خيرا
منه.... ( ينظر إلى الخادمة) ماذا تفعلين هنا؟ أ لم أطردك من بيتي ؟ أغربي عن وجهي
أيتها الحقيرة. و ليكن في علمك ، أجرك لهذا الشهر لن تناليه . سأعتبره تعويضا عن
الهاتف المسروق.
الخادمة : حتى أجرتي تطمعون فيها ؟؟ هذا ظلم... أقسم أني
لست سارقة.... هذا ظلم.
علياء ( تدفع الخادمة من ظهرها ) : أغربي عن وجهي أيتها
الحقيرة.
تخرج الخادمة من الجهة اليسرى.
علياء ( تخاطب رياض ) : حسن فعلت... و الله إن الطرد هو
ما تستحق.
رياض : دعينا من هذا الآن.. سأذهب إلى غرفتي لتبديل
الثياب.
علياء : حسن يا حبيبي . و أنا سأذهب للمطبخ لأعد لك شيئا
تأكله.
يظهر أسامة . يضع يده اليمنى في جيب سرواله .
أسامة : مرحبا يا رياض . كيف الحال؟
رياض : بخير. لكن اعذرني ، فانا متعب و سأدخل لأستريح.
أسامة : حسن.
يخرج رياض من الجهة اليسرى.
أسامة : أين هي الخادمة يا علياء ؟
علياء : لقد طردها رياض شر طردة . و ذلك ما تستحق....
أضف إلى ذلك أن رياض لم يعطها أجرها لهذا الشهر.
أسامة : حسن فعل. كل سارق يستحق العقاب.
علياء : أجل... و لكن قل لي ، إلى أين أنت ذاهب؟
أسامة : أنتظر صديقي سمير للذهاب سوية إلى المقهى لحضور
مقابلة في كرة القدم.
علياء : دائما كرة القدم.... المهم ، لا تتأخر في العودة
ليلا.
أسامة : هل هناك شيء ما ؟
علياء : أجل . يجب أن تستعد لامتحانات آخر السنة. هل
تعتقد أنهم سيمتحنوك في نتائج مباريات كرة القدم لهذا الموسم ؟ يجب أن تنتبه
لدراستك و مستقبلك. فأنت متهاون جدا.
أسامة : لست متهاونا، و لكن.... ( زفير ) حسن حسن. سأعود باكرا.
تخرج علياء.
أسامة ( يخاطب نفسه )
: يجب التقليل من السهر خارج البيت حتى لا ألفت انتباه علياء. فإذا عرفت أين أقضي أوقاتي و ماذا أفعل بالنقود
التي أتحصل عليها لوقعت مغشيا عليها. ( صمت قصير ) يا الله ، أين وصلت ؟ لقد بدأ
كل شيء بأول سيجارة شربتها منذ سنوات من أجل التسلية لأتحول تدريجيا من السيجارة إلى
الحشيش و الشيشة لأصل الآن إلى الهيروين الذي يتطلب قدرا كبيرا من المال... أحاول
جاهدا التوقف و الكف عن استنشاقه و لكن عبثا. الرغبة أكبر مني. و من أجل الحصول
على المال بدأت بالسرقة. هذا الصباح سرقت الهاتف المحمول و الذي تم بسببه طرد الخادمة
المسكينة ، و الآن ( يخرج خاتما من جيبه ) هذا الخاتم الذي أتمنى أن أحصل من بيعه
على مال كاف لشراء الهيروين... و أتمنى
لو أن علياء اكتشفت غياب الخاتم أن تعتقد أن الخادمة هي من سرقته ( يسمع طرق على الباب ) لا بد أن هذا سمير الذي
جاء ليسأل عن مال الهيروين. ( يفتح الباب. يدخل سمير )
سمير : ما الأخبار ؟؟ هل حصلت على نقود؟؟
أسامة : كلا . و لكن لدي هذا الخاتم الذي أعتقد أننا
سنجني مالا كثيرا من بيعه.
سمير ( يأخذ الخاتم و يفحصه ) : يظهر أنه غال الثمن.
سنحصل حتما على مال كاف.
يسمع طرق على الباب.
أسامة : من تراه يكون ؟؟
سمير : افتح و سترى.
أسامة يفتح الباب. يدخل زهير.
زهير : مرحبا أسامة.. كيف حالك؟؟ منذ مدة لم ألتقيك. أين
تغيب أيها الشاب؟
أسامة : مرحبا زهير. كيف حالك ؟ و كيف حال خالتي؟ سمعت أنها تعاني من آلام حادة
في ركبتيها.
زهير : تعرف أن خالتك متوعكة و لا تقوم بمعايدتها؟
أسامة : أعذرني و لكن دراستي لا تترك لي وقت فراغ .
خصوصا و أن الامتحانات على الأبواب.
زهير : ذلك ليس عذرا... قل لي ، هل علياء موجودة ؟؟
أسامة : أجل . دقيقة و أنادي عليها.
زهير : و هل.... رياض موجود أيضا؟
أسامة : أجل. موجود.
زهير: حسن . نادي على علياء من فضلك.
أسامة : دقيقة يا زهير و أنادي علياء. ( يقترب من صديقه
سمير . يخاطبه بصوت منخفض ) لقد خطرت لي فكرة. لماذا لا نبيع الخاتم لزهير؟ فأنا
أعرف أن له عشيقات عديدات و لابد سيفكر في إهداء إحداهن الخاتم .
سمير : فكرة رائعة. خذ الخاتم و بعه إياه.
أسامة : بل أنت
من سيتكلف بالأمر . سأدخل للداخل بحجة إبلاغ علياء مقدم زهير و سأغيب بعض الوقت
حتى تتمكن من بيع الخاتم لزهير.
سمير : حسن . سأتكفل بالأمر.
أسامة ( يخاطب زهير ) : دقيقة و سأعود.
زهير : خذ وقتك يا أسامة. ( يخاطب سمير ) كيف أحوال
الدراسة معك ؟ هل ما زلت متفوقا كما عهدتك أم ( ابتسامة ) أن الشابات الجميلات شغلن كل وقتك و تفكيرك؟
سمير : لا أشغل نفسي سوى بالدراسة . فهمي هم الحصول على
معدل جيد حتى أتمكن من ولوج معهد الصحافة.
زهير : الصحافة ؟؟؟ أتدري أن ذلك كان هو حلمي و لكن....
لا داعي في الخوض في الماضي...
سمير : قل لي يا سيد زهير ، أريد أن أسألك معروفا و لكني
محرج شيئا ما.
زهير : و لما الحرج ؟ أنت مثل أخي . تكلم.
سمير : في الحقيقة ،
و أنا أتمشى أمس في أحد الأسواق وجدت خاتما جميلا جدا و غالي الثمن. انتظرت سؤال إحدى السيدات عنه و لكن لم يحدث.
ففكرت أن أبيعه كي أشتري بثمنه ثيابا و كتبا تنفعني في دراستي.
زهير : هل فعلا وقع لسيدة ما ؟
سمير : أقسم بالله العلي العظيم أن الأمر تم كما أخبرتك.
تعرف أني لن اكذب عليك ... يمكنك أن تسأل أسامة لتأكيد كلامي.
زهير : لم أقصد تكذيبك ، و لكن... ( لا يكمل جملته )
المهم ، أرني الخاتم . فلدي شخص عزيز يمكنني إهداءه اياها.
سمير ( يعطيه الخاتم )
زهير ( يتفحص الخاتم ) : ياااه... لابد أنه غال
الثمن..... و كم تطلب ثمنا له يا سمير ؟
سمير : لقد قلت منذ لحظات أنك تعتبرني مثل أخيك. لذلك،
لن أفرض عليك رقما. كل ما تجود به مقبول يا سيد زهير.
زهير : حسن حسن، سأعطيك ثمنا مقبولا . و لكن أستسمحك أن
تمهلني إلى الغد . فليس لدي الآن المبلغ الكافي. غدا أعطيك مبلغا جيدا.
سمير : كما تشاء . يمكنني الانتظار حتى الغد. لا مشكل
لدي.
يدخل أسامة
أسامة : دقيقتان و تحضر علياء . حالما تنتهي من بعض
الأشغال.
زهير : سأنتظر ( يخاطب نفسه ) و أتمنى أن لا تتأخر كثيرا
. فليس لدي رغبة الاصطدام برياض مرة أخرى.
أسامة ( بإشارة من يده يسأل سمير عن أخبار الخاتم)
زهير ( يجيبه برفع إبهامه اليمين و غمزه)
أسامة ( ترتسم ابتسامة على شفتيه ) : حسن يا زهير . أرجو
أن تعذرني و سمير . سنذهب إلى غرفتي للحديث في بعض الشؤون " الشبابية ".
زهير ( يغمز له ) : لا بأس . سأنتظر علياء هنا.
يخرج الشابان.
زهير ( ينظر إلى الخاتم ) : انه أكثر من رائع . لو قدمته
لبثينة لفتنت به... و لكن ، بثينة لا تستحقه. ... ربما أهديه لجمانة. فهي أقرب
لقلبي من بثينة.... و لا جمانة تستحقه.... ماذا لو قدمته لعلياء بمناسبة عيد
ميلادها ؟ فالمناسبة قريبة و ستسر كثيرا به... و لكن يجب إجبار والدتي على تقديمه
لها و ليس أنا كي لا يغضب زوجها رياض....
يظهر رياض.
زهير ( يخاطب نفسه) : يا لطيييف ... لقد حضر لمجرد ذكر اسمه.
رياض : أنت؟؟؟ ترى ، ما حاجتك هذه المرة؟
زهير : سيد رياض ، أرجو أن تسمح لي وضع النقاط على
الحروف. فأنا...
رياض ( يقترب من زهير و يلاحظ الخاتم في يده. بغضب): ما
هذا في يدك؟ خاتم ؟؟؟
زهير ( مستغرب . يريه الخاتم ) : أجل خاتم . و ما العيب
في ذلك؟
رياض ( غاضب. يصرخ ) : و تسال عن " العيب " أيها
اللعين ؟ من أعطاء هذا الخاتم أيها المعتوه ؟؟؟ تكلم.
زهير : أرجو أن تحترم نفسك و تكف شتائمك و إلا كان لي
معك تصرف آخر...
رياض : تصرف آخر أيها الملعون ( ينقضَ عليه و يمسكه من
رقبته ) تخونني مع زوجتي التي أعطتك خاتمها و تقول أحترم نفسي أيها اللعين؟
زهير ( يحاول تخليص
رقبته من قبضة رياض ) : كيف.... أخ أخ أخ...
رياض : سأقتلك و أقتلها لفعلتكما . لطالما شككت في أمركما
و لكن الآن تأكد لي الأمر. علياء تخونني.... علياء تخونني....
زهير ( يصارع دائما من أجل إفلات رقبته من قبضة رياض .
قواه تخور شيئا فشيئا . يسقط على الأرض ميت)
رياض ( دائما بغضب ) : تخلصت منك.... و الآن جاء دور
الخائنة اللعينة. ( يأخذ الخاتم من يد زهير و ينادي على علياء ) علياء....
علياء....
تخرج علياء مذهولة.
علياء : ماذا هناك ؟؟ و لماذا الصراخ ؟؟؟ ( تشاهد جثة
زهير على الأرض ) ماذا....ماذا حصل لزهير ؟؟؟
رياض ( بكل هدوء ) : قتلته . و نفس المصير ينتظرك أيتها
الخائنة. ( يقترب من علياء)
علياء: ماذا... قتلته ؟؟؟ و لماذا... ( لا تكمل جملتها
لأن رياض أطبق على رقبتها بكلتا يديه) أخ أخ أخ....
رياض : أيتها الخائنة... هل هذا جزاء ثقتي فيك؟ أن
تخونيني... و ليتك تكتفي بذلك ، بل تعطي عشيقك الخاتم الذي أهديتك إياه .
علياء ( تلفظ آخر أنفاسها . ماتت)
رياض ( يترك جثة علياء تسقط على الأرض ) : الآن فقط يمكن
أن أستريح بعد أن تخلصت منكما. فمثلكما لا يستحق العيش.
يدخل أسامة و يرى الجثتين على أرض المسرح.
أسامة ( يقترب من رياض ) : ماذا حصل لعلياء و زهير؟
رياض ( الذي لم يلحظ دخوله. يلتفت إليه ) : لقد تخلصت
منهما... اعلم أن أختك علياء كانت تخونني مع ابن خالتك زهير... أجل ، تخونني.
أسامة ( غير مصدق ) : تخونك ؟؟ لا يمكن . أختي علياء لا
يمكنها القيام بما تنعتها به.
رياض : انك لا
تزال شابا و لا تعرف النساء مثلي... كانت تخونني و هذا هو الدليل ( يريه
الخاتم ) أهديته إياها هذا الصباح فأعطته لعشيقها.
أسامة ( ينظر إلى الخاتم ) : و لكن ... انه الخاتم... (
لا يكمل جملته )
رياض : أجل . الخاتم الذي أهديته لها صباحا فوجدته بحوزة
زهير عشيقها مساء.
أسامة : و لكن....
أنا من أعطى الخاتم لزهير...
رياض ( غير مصدق ما يسمع ) : ماذا؟؟؟ ماذا تقول؟؟؟ ماذا
تقصد؟؟؟
أسامة : سأعترف لك بكل شيء : أنا من سرق هاتفها المحمول
الوردي للحصول على الهيروين.
رياض ( فاغرا فاه ) : ماذا؟؟؟ هيروين؟؟؟ ما هذا الذي أسمع.
أسامة : أجل ، هيروين ... فأنا مدمن على المخدرات. قمت بسرقة الهاتف المحمول الذي طردت بسببه
الخادمة المسكينة. كما و أنني سرقت الخاتم الذي بحوزتك الآن و قمت ببيعه لزهير منذ
لحظات.
رياض : قمت ببيعه لزهير؟ يعني أنه ليس.... يعني أنه
بسببك أنت تمكن زهير من الحصول على الخاتم الذي.... و أنا الذي اعتقدت.... ( يمسك رأسه
بكلتا يديه ) يا الله ، ما هذا الذي قمت به؟ قتلت زوجتي و زهير دون ذنب اقترفاه.
أسامة : أنا السبب في موت أختي و زهير... أنا السبب
المباشر و ليس أنت. فلولاي لما وقع خاتم علياء بين يدي زهير و لما شككت في الأمر.
رياض: أنت محق فيما تقول.... و لكن أنا من قتل و يجب
تبليغ الشرطة بالجريمة التي اقترفتها.
أسامة : بل أنا من يجب أن يسجن و ليس أنت ... سأذهب حالا
لمخفر الشرطة لأعترف بجريمتي.
يخرج راكضا من الباب اليسر .
رياض: يعترف بجريمته ؟؟؟ و لكنه لم يرتكب أية جريمة...
يجب اللحاق به و الاعتراف أنني القاتل.
يخرج راكضا أيضا
من الباب الأيسر .
إظلام
ملحوظة: فكرة المسرحية مأخوذة من إحدى حكايات « ألف ليلة و ليلة ".
Karimed4902@yahoo.fr
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق