2012/09/01

"إلى مدرسة خالد بن الوليد" بقلم:رائد أحمد غنيم



إلى مدرسة خالد بن الوليد
أ.رائد أحمد غنيم
النصيرات
أحبها حتى وإن تباعدت المسافات فيما بيننا، أحبها وأعلم أنها ليست بعيدة عني، وكيف تبدو بعيدة، وهي من سكتني قبل أن أسكنها، وعلمتني قبل أن أُعَلِّم فيها، ولم تغادرني حتى وأنا أُبْعَد عنها قسراً وقهراً وظلماً وعدوانا.
كيف لا، وهي مَن كانت لي قدراً قبل أن تكون اختياراً، وأملاً وحلماً وشوقاً وحنيناً وانتماءً ووفاءً.
سلاماً عليك مدرسة خالد بن الوليد، سلاماً على كل الرائعين الذين عرفتهم فيك، سلاماً على رجالك: سلاماً على مديرك وعلى أساتذتك وطلابك، وعلى كل موضعٍ فيك لنا معه ذكرى.
سلاماً مترعاً بحنين، مضمخاً بألم، معجوناً بحب وشوق، مظللاً بذكرى
وآه على الذكرى ثم آه.
ويحاصرني حنيني كلما أمعنت فيَّ سهام الذكريات، فأسائل نفسي:
هل زال أبو هاني متواجداً هناك، هل لازالت نظرات عينيه على حالها، سهاماً أو رصاصا على كل منفلت، وبرداً وسلاماً وظلاً ظليلاً على كل المترقين هناك في مراتب الكمال؟!
آهٍ أبو هاني: آهٍ على لحظةٍ تجمعناً معاً، في غرفة مكتبك أو في فناءٍ للمدرسة، في فصل من الفصول، أو عبر أثير الجوال حيث تتناءى المسافات ولا تفعل الفعلة نفسها القلوب والأفئدة.
مَن أدمن السكنى في أبد الحفر، لن يدرك القيمة الكامنة في أعالي الجبال، فما الذي فعلته بيَّ يا مديرنا وأستاذنا، وكل موضعٍ بعدك أبد حفر.
ما الذي فعلته بيَّ، وغيابك عني حفرةٌ أنا بحاجة إلى ألوف مؤلفة من الرجال لكي أردمها، ولكي أستعيد نفسي من نفسي في كينونتها الحاضرة.
وهل لازال أبو شادي يأتيك، ما أجمل الصباح بكما معاً: تضاهيان الشمس في إشراقها وتتفوقان، تغيب هي، أما أنتما فلا تفعلان، تعلمان الكون والدنا أن العطاء سنة لا يندثر أوارها حتى تأتي لحظة الذهاب الأخيرة.
وماذا عن الأستاذ الجديلي، هل لازال يحمل هم المدرسة بين جوانحه، فلا يحلق لأعلى إلا لتحلق معه، ولا يركن للراحة إلا حال صعد أبناؤها وطلابها على منصات التتويج؟
وهل لازال أستاذنا سليمان على حاله، محافظاً على سمت القديسين الهادئين، منطوياً على نار وأوار تشهد عليهما حصصه ودروسه وطلابه النجباء المدونين صك احترامهم له واعترافهم بفضله، حيث لا أحد هناك إلا إله أسمى لا يُضيع أجر مَن أحسن عملا.
  وهل لازالت غرفة المدرسين على حالها، هل لازال عصام أبو زريق رافضاً لمبدأ الحصة الأولى، حيث تكون جحافل النوم تؤكد حضورها، وحيث يشحن نفسه بقدح من القهوة وسيجارة وبعضٍ من نكات تمنح المنكوبين عزاءً أو أملاً في الحياة؟!!
وهل لازال رائد الغمري يشاركه الضحكات؟! وماذا عن الأستاذ هشام وأيمن وإياد وكل الرائعين الذين سكنوا في نفسي فما عاد لسواهم متسع إلا أن يشاء الله رب العالمين.
وماذا عن أنصار سوق "الاثنين" المتمنين المبتهلين لو أن كل أيام العام تستحيل إلى إجازة؟
لن أنسى ما حييت أياماً لي هناك واستحالت إلى ذكريات، وكيف أنسى، وذكرياتكم قد استحالت إلى وطنٍ في نفسي، أؤوب إليه وأرجع، كلما رمتني الحياة بأوجاعها.
قلتُ في قصةٍ لي: على أطلال الزمان تنتصب الذكريات شامخةً، الحلو الذي لم يتحقق منها، والذي تحقق لكن بصورة لم نرغب لها.
واليوم أقف على أطلال ذكرياتي المتعلقة بمدرسة خالد، فلا أحسب أن حلواً لم يتحقق، ولا أتمنى سوى مُرَ غيابكم عني أن يذوي أو يغيب.
فسلامي منكم وإليكم، أنتم يا مَن انصهرتم في ذاتي، فما عاد بإمكاني أن انظر في المرآة دون أن أراكم.
السبت/24:04/1-9-2012م.

ليست هناك تعليقات: