الانشطار والادماج قصة: محمد نجيب مطر

الانشطار والادماج

محمد نجيب مطر

ألقى الطالب كتابه وهو يسب ويلعن التعليم بسبب ما يراه في مادة الفيزياء من صعوبة في الفهم وانضباط في الألفاظ والمصطلحات التي امتلأت بها الصفحات، وذهب لمشاهدة التلفزيون فرأى خبر الاتفاق على استفتاء يؤدي إلى انقسام السودان إلى دولتين، وهاله أيضاً خبر احتلال العراق لدولة الكويت، كان والده يستمع لنشرة الأخبار وهو يقطب جبينه في انفعال وحزن، فسأله الطالب ماذا حدث يا والدي للعالم العربي الذي كنا نحلم بأن يصبح وطناً واحداً، فإذا دولة تنقسم إلى دويلات، فقال له الأب بصوت حزين، سنة الله تمضي ولن تجد لسنة الله تبديلاً، إن انقسام الدول من دولة قوية إلى دولتين يقلل من قدراتهما معاً وبالتالي تنطلق طاقة مدمرة لكليهما فيبدأ التناحر والعداء والحروب لتهبط طاقة الدولتين معاً، فردد الطالب في سره ... إذا انقسمت ذرة اليورانيوم وأنتجت ذرتين مجموع وزنهما الذري أقل من الوزن الذري للذرة المنقسمة تنطلق طاقة هائلة تقدر بضرب الكتلة في مربع سرعة الضوء، فهمنا الآن النظرية الأولى، توجه الطالب إلى أبيه وسأله وماذا عن الاندماج، فاستغرب الوالد من سؤاله وقال له هل تقصد اتحاد دولتين في لتصبحا دولة واحدة، قال : نعم، فقال له الوالد إن الاتحاد ينتج عنه قوة ، الاتحاد ليس فقط إضافة لامكانيات الدول ولكنه يطلق طاقة حيوية رهيبة في الدولة الجديدة، ولكن لكي يحدث هذا الاتحاد لابد أن تتوفر قدرة كبيرة وإصرار على التوحد ضد إرادة التشرذم والافتراق، ردد الطالب بينه وبين نفسه لكي يحدث الاندماج بين ذرتين لابد من توفير طاقة هائلة لكي تتكون نواة جديدة أقل وزن الذرتين وهذا الفقد في الوزن يطلق طاقة ضخمة كبيراً جداً.

سأله الوالد ماذا تقول يا ولدي، فقال له لا يا أبي لقد فهمت الآن درس الفيزياء الذي يتحدث عن الانشطار النووي والاندماج النووي، فهمته من تحليلك للأخبار، لقد انقسمت دولة السودان إلى دولتين، وسيحدث انخفاض في قدرتهما نتيجة للمعارك التي ستنشب بين الجانبين وتستنزف الموارد وتضيع بسببها الأرواح، أما في العراق فقد استطاع صدام توحيد أقاليمه المتناحرة فاكتسب العراق قدرة هائلة لم يستطيع أن يصرفها في أعمال بناءة، فقام بابتلاع الكويت الصغيرة بجواره.

فقال له الوالد : سنة الله في الكون واحدة، سواء كانت في نظرية فيزيائية أو في نظرية اجتماعية .