محمد نجيب مطر
التحق بكلية العلوم رغم حصوله على
درجات تقترب من الدرجات النهائية تؤهله لدخول كليات القمة، وحين دخل قسم البيولوجي
كان يبحث عن أسرار علم الحياة والموت، كان بحثه الدائم عن أكسير الحياة الذي يعطي
للإنسان الأبدية.
كان يعتقد داخل قرارة نفسه أن روح الله
التي أودعها الإنسان فيها السر، وكان يحدث نفسه أن سر الموت يكمن في داخل الجسد،
وأن سر الخلود يكمن أيضاً داخله، وتأكد بعد اطلاعه على خريطة الجينات الوراثية في
الخلية البشرية على وجود بعض الجينات التي لم يجدوا لها أي وظيفة في الجسد، فاعتقد
أن تلك الجينات ربما تحمل تاريخ نهاية الحياة للكائن الحي.
فكر في أنه يمكن الوصول إلى هذا
السر بدراسة المكونات الخارجة من الجسد، فالإنسان من أعظم ما خلق الله، ولقد كرمه
الله ونفخ فيه من روحه، وصوره فأحسن تصويره، وهكذا فإن السر قد تشي به المكونات
الخارجة من هذا الإنسان، وأصبح لديه يقين أنه سينجح في الحصول على هذا الأكسير من تلك
المخرجات، رأى أن الوسيلة الأسهل هي في البحث في بول الإنسان، ولم يحس بالاشمئزاز
من هذا الناتج وبدأ في تجميع كميات كبيرة من بوله، ثم قام بتسخين بعضها في المعمل
الذي أقامه داخل منزله، وكل يوم يضيف إليه جديداً ثم يعيد التسخين إلى أن حصل على
كمية كبيرة من الملح المتبقي من هذا التسخين واستمر في التسخين على أمل الحصول على
هذا المنتج الذي يحمل طاقة الخلود، فجأة حدث انفجار كبير في المعمل فصرخ في سعادة
طاقة الخلق، سقط على أثرها بعد أن أصابه انفجار مباشر في وجهه.
سارع الأهالي بعد سماعهم الانفجار
إلى شقته التي كانت عبارة عن بدروم تحت الأرض، وكانوا يشكون في جنون هذا الطالب،
الذي يسير بدون تصفيف شعره، وبدون كي ملابسه، و لا تلميع حذائه، والذي لا يلقي
السلام ولا أي تحية على جيرانه أو أصحاب البيت، وكانوا يشمون روائح كريهة تنبعث من
شقته سيئة التهوية، واعتقد أهل المنطقة أنه يحضر الأرواح، وأنه يستخدم الجن.
دخل الأهالي إلى الشقة فقابلتهم
رائحة البول المركزة التي تصيب أي إنسان بالغثيان، ففتحوا بسرعة الأبواب والشبابيك
وبحثوا عنه فوجدوه غارقاً في دمه تحت المنضدة، فنقلوه إلى الخارج واستدعوا سيارة
الاسعاف وأبلغوا الشرطة بالأمر.
أحضرت الشرطة بعض الفنيين لمحاولة
استجلاء الأمر، فلم يصلوا إلى نتيجة، فانتدبوا بعض الخبراء من مصلحة الكيمياء،
فكتبوا في تقريرهم أن الطالب المذكور قام بتحضير عنصر الفوسفور وذلك بتقطير البول، وسبب الفوسفور حروقاً
شديدة وعميقة ومؤلمة للمجنى عليه لدى ملامسته الجلد، واستمر في الاشتعال حتى وصل
إلى العظم.
وعندما بحث الخبراء في دفاتره وجدوا بعض الجمل يتمنى فيها الموت
أثناء إجرائه لتجربة علمية، حتى يكتشف حقيقة الموت، فهو على استعداد أن يدفع حياته
من أجل الولوج إلى تلك الحياة الجديدة، لأن الموت في نظره انتقال إلى حياة أخرى،
فالروح لا تموت بل يموت الجسد، وحياة الجسد مرتبطة بمادة الطين التي خلق مها
الإنسان، ولهذا يكون الجسد بطيئاً يميل دائماً إلى الكسل والراحة ولابد من دفعه
حتى ينطلق غير بعيد، بينما تكون الروح من مادة نورانية خفيفة تفتح لها أبعاداً
مكانية وزمانية وبصيرة ليس لها حد.
في اليوم التالي قرأ الطلاب في كلية العلوم خبر انتقال
زميلهم إلى رحمة بعد إصابته في تجربة علمية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق