بقلم: عبد القادر كعبان
تعتمد
الكاتبة نوال السعداوي عدداً من تقنيات السرد لبناء متخيلها الروائي بقدر
من البعثرة والفوضى في الظاهر، وبتدبير مقصود في حقيقة الأمر. فهي تعرف
أنها لا بد من أن تتذرع بكثير من الدهاء لتخوض في منطقة المحرمات
الاجتماعية الشائكة.
من يقف عند كتابات الروائية نوال السعداوي عموما
سيجد نفسه حتما بين مفارقات الحياة و تناقضات السلطة، و لو أخذنا روايتها
الصادرة عن دار الساقي الحاملة لعنوان "زينة" سنجد أنها تكتب عن تجارب
عنيفة رسمت ملامحها صور سلبية و معقدة عن المجتمع العربي بشكل عام، فهي و
منذ صفحاتها الأولى تتسلل الى دم القارئ الملاحظ بقوة.
نوال
السعداوي على غرار أسماء روائية أخرى تتخفى حول أقنعة شخصياتها و أكبر
دليل نذكره من خلال هذا العمل الروائي شخصية زينة تلك الفتاة اللقيطة التي
تثور على الوقائع الإجتماعية في مصر. القارئ الملاحظ يكتشف أن السعداوي
تحاول أن تفرغ توترها، قلقها النفسي و تجربتها الخاصة من خلال شخصيات
الرواية التي تعكس شذوذها و انحراف سلوكياتها رغم انتمائها الى طبقات و
شرائح اجتماعية
مختلفة فنجد على سبيل المثال رجال السياسة و الدين، أهل الصحافة و
الموظفون بشكل عام.
رواية
"زينة" نسيج يجمع خطوطا متشابكة بين العتمة و النور حيث تقف الروائية نوال
السعداوي على هموم المهمشين، و تجأر بشكايات طبقات شعبية مسحوقة، تلج
مناطق حساسة، سياسيا و ثقافيا و اجتماعيا، دونما خوف من الرقيب، تصرح بلا
مواربة، بما قد يراه البعض "تابوهات مجتمعية" ينبغي السكوت عنها من باب
الأخلاق، أو تفاديا من مجابهة الآخر خشية العار و الفضيحة.
إننا
لا نعدم في نص السعداوي رأيها الصريح على لسان البطلة حول مواضيع متعددة
كقضية الزواج المختلط، الدين، النفاق السياسي، الغناء، التزمت الأخلاقي و
غيرها من النقاط الملفتة للإنتباه خصوصا أن الكاتبة استعملت الرمزية كمرآة
عاكسة لهذه القضايا.
بطلة
رواية "زينة" تختلف تماما على مثيلاتها في روايات السعداوي السابقة فهي
رمز الحرية و الحب و المعايير الأخلاقية و الإجتماعية، حيث تأخدنا الى عالم
أطفال الشوارع الذي نشهده اليوم في خضم الثورات العربية. عالم واقعي في
عيون الروائية أين تجد هذه الشريحة حياتها مهددة، يلبسها ثوب الحرمان و
الخوف و السير في طريق بلا حماية، و في نهاية المطاف تجد نفسها ضحية بين
أيادي
المستهترين و هو عالم ممن عايشته بطلة الرواية زينة.
الكاتبة
نوال السعداوي عموما تكتب دفاعا عن المرأة بالمطلق، حتى أنها تظهر في كثير
من المواقف عدائية تجاه الرجل و هذا ما يلمسه القارئ لرواياتها، لكن لا
ينبغي أن ننفي صرختها المتكررة بشدة في وجه كل إمرأة من بنات جنسها تفضل
الخضوع لرغبات الرجل المتسلط، بل و تحثها على الإنتفاضة في وجهه لإنتزاع
حقوقها الشرعية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق