2013/09/01

عبدالقادر كعبان يحاور الكاتبة دينا سليم



حوار مع الكاتبة الفلسطينية دينا سليم
من إعداد عبد القادر كعبان من الجزائر
دينا سليم كاتبة فلسطينية مبدعة عايشت الغربة التي انعكست من خلال أعمالها القصصية و الروائية التي تحمل تصورات و انفعالات و مشاغل فنية كامنة في اللاوعي.  هي إنسانة تناشد من أجل إحلال السلام العالمي. شاركت في العديد من المؤتمرات الثقافية كما نشرت العديد من النصوص و المقالات في الصحف العالمية.
بداية من هي دينا سليم ابنة فلسطين الحبيبة؟
دينا: وتختار أصعب الأسئلة ليتقدم الباقي، سؤال يعبث في مجاهيل شخصية دينا سليم، وينحر أعماقها، ويُشغل فؤادها، أخشى أن يفرّ الجواب سريعا مني فلا أستطع مقاومته، دينا سليم عنوان لنهار ما لم يأت بعد، نهار أنتظره بفارغ الصبر لكي يحملني معه وتبدأ الحكاية، حكاية هذا الرأس الذي يلفه الدوار عندما يستفيق من نومه، رأس يبحث عن الطيور وهي تشدو بنشيد الحياة في الحديقة، هذا الرأس الذي يتخيل العالم مثاليا وكاملا، لا يحتوي سوى الملائكة وعفيفي النفس، هذا الرأس الذي يحلم بغد أنقى، والذي يصاب بالصداع عندما يرى الدنيا دمار، لا تصعّب علي الأسئلة أرجوك!
كيف تفتحت براعم الكتابة لديك؟
دينا: ما أذكره هو أني وفي المرحلة الثانية أو الثالثة من دراستي الابتدائية، وذاك المدرس الرسول يعلن عني شاعرة، لا أذكر اسمه، ويدعو الأطفال أترابي التصفيق لي، وأذكره عندما قام بتعليق أول قصيدة نظمتها على الجدار في الصف، حينها تلبسني الغموض، لم أعرف ما معنى كلمة شعر، وما هي القصيدة، أصبحت فيما بعد شاعرة المدرسة، ألقي قصيدة أسبوعية أمام الجميع في الطابور الصباحي وفي المناسبات، ثم اكتشفوا أني أملك حنجرة جميلة، فانضممت إلى فرقة الانشاد، وأصبحت المؤدية الرئيسية للفرقة، أذكر امتحان دخول الفرقة الصعب، حيث قام مدرس الموسيقى بعزف العديد من الألحان وتوجب علي معرفة أسماء الأغاني، ثم اكتشفوا أني كاتبة حقيقية تمتلك خيالا واسعا وذلك من خلال مواضيع الإنشاء، وبعد ذلك في جيل العاشرة تقريبا بدأت أكتب النصوص الطويلة، شجعني والدي (رحمه الله) الذي كان يبكي عندما كنت أقرأ على مسامعه الحكايات، دربني على المثابرة وشجعني على الاستمرار، كتبت عدة روايات التي حملت ذات اسم البطلة، والتي فقدتها جميعها فيما بعد. 
ما سبب إختيارك للرواية تحديدا؟
دينا: الرواية هي التي اختارتني، لا أدري كيف، ما أذكره هو كيف كنت أقضي ساعات طويلة وأنا أكتب، في طفولتي اعتقدوا أني انسان منطوِ على نفسه، لم يدركوا الحقيقة إلا عندما أمسكوا بي وأنا متلبسة أقرأ بعض الفصول التي كنت أدونها لأخوتي، حيث كنت أمسرح أمامهم الحكايا لساعات متواصلة بصورة تلقائية بنيّة تسليتهم، لا أذكر أني أستطعت كتابة نصا قصيرا وكنت سعيدة به، بالعكس تماما أشعر أني لم أكتب، لكن الموضوع الآن يختلف تماما في غياب عصر القرّاء، أو لنقل عصرغياب الصبر، فبدأت أكتب نصوصي القصيرة، بجانب كتابة الرواية، ولي مجموعتين قصصيتين تنتظران دار نشر. لكن أعتقد أنني لا أزال شاعرة، مع أن كلمة شاعر مخيفة وكبيرة جدا، لم يشجعني أحد، أحد النقاد نصحني أن أبتعد عن الشعر، أجبته في حينه: عندما تضع العرافة بيدي حجرا من نار، وعندما يذوب الثلج على خدي، وعندما تصطفيني جارية الأدب والفن تدعوني إلى وليمة زاخرة بالعشق أستجيب، وأقول هذا هو قدري. قال: أريدك روائية لأننا بأمس الحاجة للرواية في هذا العصر الذي اختلطت فيه ألوان الابداع.
ماهي طقوسك في كتابة هذا الجنس الأدبي؟
دينا: أعتقد أن طقوسي في الكتابة غير عادية، أشعر باقتراب الوحي محملا بالكلمة قبل أن أجلس إلى مكتبي، شعور خفي يقودني إلى الجهاز ويأمرني الجلوس، يسبقه قلق وحزن وبعض التيه وعدم التركيز بأي شئ آخر سوى الكلمة التي أسمع طنينها في أذني، أسمعها وهي تهوي على رأسي، كلمة تليها كلمات ثم جمل كثيرة متناسقة وغير مبعثرة، إن عادتني هذه الحالة وأنا نائمة، وإن استطعت النهوض أدونها، لكن في الكثير من الأحيان لا ألتزم لها فأستمر في نومي ضاربة عرض الحائط الكتابة التي بدأت أشعر بالارهاق الحقيقي منها، وعندما أستفيق تكون قد ذهبت وأكون قد نسيتها تماما.
وتأتيني أحيانا على حين غرة عندما أقود سيارتي في شارع غير مزدحم، بينما أستمع إلى موسيقى هادئة. أتوقف وأدونها، لا أخرج من بيتي بدون أدوات كتابة، وعندما أنشغل في أعمالي الأخرى أشتاق لهذا الوحي اللذيذ، الذي يكون قد كف عن مشاغلتي، أو ربما أنا التي أستبعدته، في هذه الحالة أذهب وأسترجعه من خلال التأمل والاسترخاء، وأيضا سوف أكشف لكَ امرا هاما، أذهب إلى مكان عال، فالأماكن العالية تستهويني، أسير على جسر يسمى (بجسر الحكايات) هنا في مدينتي، ما أن أضع أول خطوي هناك يأتيني الكلام محملا بالعتاب، تكون السماء قريبة، والنهر تحتي  يجري في البعيد، والجسر تقريبا يكون خاليا من المشاة، أصرخ واضحك وأعبث وأرقص وأكتب، أكتب بعض الملاحظات، وعندما أعود إلى بيتي أستمر في الكتابة مستعينة بالملاحظات التي دونتها، وإن كانت قصيدة، ألدها فوق، على هذا الجسر الذي أسميته حامل الوحيّ، عادة يؤدي إلى الطريق الذي أسلكه عندما أذهب إلى عملي الأسبوعي في الاذاعة.
بطل روايتك الأولى "الحلم المزدوج" مثقف عراقي يكتوي ببرودة المقاهي والأرصفة ونيران الغربة، نراه يعود من منفى الخارج إلى منفى الداخل. فما سبب غربة الذات في موطنها الحميم يا ترى؟
دينا: من يعرف المنفى الحقيقي وهو في وطنه يستطيع أن يجيبك على هذا السؤال الخطير، وأنا واحدة من أولئك الذين لم يستحوذوا على نقاء العيش في وطن الأم، لأسباب كثيرة لا يمكن التطرق لها الان، لكن (صارم) وهو بطل روايتي الأولى، هو أحد أبطال المنافي الذين عادوا إلى أوطانهم وتفسخت أحلام العودة عندهم وعاشوا المنفى من جديد، أؤلئك الذين لم ولن يعرفوا الاستقرار أبدا، هي لعنة حقيقية أن يحلم المنفيّ في العودة، وعندما يبدأ بنسج أحلامه الوردية، ينسق هذه الأحلام وكأنه ينسق الورود داخل إناء لا ينكسر، لكن هذا الإناء تهشم ومن الصعب إعادة هيكلته، هل ستقول لي أن بلداننا العربية التي صدّرت المنفيين إلى الخارج تستطيع أن تستعيدهم الآن فتحقق لهم أحلامهم الوردية؟ شهر واحد تخرج فيه من وطنك بأجازة، عندما تعود تشعر بنوع من الغربة، فكيف لهؤلاء الذين غابوا سنوات وسنوات، كيف سيكون طعم العودة يا ترى؟ هم ضحايا الزمان، والسياسة والمجتمع وكل متغيرات التاريخ، أكثريتهم، واستعين بتجارب الأصدقاء، يعودون بعد شوق طويل، بنية اغلاق دائرة حياتهم التي بقيت مفتوحة، هذه الدائرة أدت بهم إلى نوع خاص من مسايرة العيش، وهو العيش بدورين، في عالمين، وفي حياتين مختلفتين، الوطن الحقيقي، وطن الأم الطفولة وأكواخ الذكريات، مقابل الوطن البديل، الوطن الثاني الذي منحه الحرية وممارسة الحياة، كثيرون منهم يتلهفون في كتابة وصاياهم، طوال الوقت يفكرون بالنوتي الذي سيحملهم حتى يتم الدفن في وطن الأم، هذا التشرذم في الشخصية لا يكون قابلا للترميم، إلا لدى الندرة الذين تأقلموا وأحبوا الوطن الثاني، واستبدلوا كلمة (منفى) بكلمة (مهجر).
لماذا ركزت الروائية دينا سليم على شريحة البؤساء الذين يلتمسون الوصول إلى بلد آخر يأويهم  ويمنحهم حق الحياة في روايتها الثانية "تراتيل عزاء البحر"؟
دينا: ولأني حصة المغلوبين على أمرهم، ولأني قريبة دائما من العامة، أهتم بهذه الفئة المنكوبة اجتماعيا وأكتب عنها، لا أحد يترك بلاده إلا لأسباب قاهرة، أو لحب المغامرة، ولأني من طراز المغامرين، أعرف جيدا أن هذه التجارب تؤدي إلى الإشباع، وإشباع الذات هي رغبة هامة وملحة، تسبب السعادة القصوى للنفس التائهة التي تبحث عن مستقر، شريطة أن تتعود هذه النفس عدم التعلق في المكان، وأن تكون على يقين أنها ستترك هذه البقعة لمواصلة مسيرة الاكتشاف في مكان آخر، العالم واسع جدا، أنا شخصيا مهتمة باكتشافه، (حازم) بطل الرواية، لم يرحل لكي يكتشف، بل لكي يبحث عن حبيبته (زينة) التي غادرته متمنعة البقاء معه، وحتى عندما عثر عليها والتقيا، تمنعت من الارتباط به، اعتقادا منها أن الزواج ما هو إلا مقبرة للعشق، ولكي يربطهما الحب الخالد رفضته فأضطر العودة خائبا راكبا البحر مجددا، بعد أن ركبه مع طالبي اللجوء، هؤلاء الجوعى الذين بحثوا عن لقمة تقيهم من الجوع في أوطان أخرى لا تشبه أوطانهم، وقد تحدثت عنهم في مؤلف آخر أيضا، هؤلاء الذين يبحثون عن الحياة، بالأحرى تطرقت لموضوعة الصراع من أجل البقاء.
كيف راودتك فكرة الإشتراك مع الشاعر العراقي سعد الفتلاوي في كتابة رواية (سادينا)؟ حدثينا عن هذه التجربة الفريدة من نوعها بإختصار؟
دينا: باختصار مفيد، جاء هذا العمل المشترك بقرار سريع مني، وبتشجيع دار النشر التي ساهمت بنشر العمل وتوزيعه، بعد أن فزت بجائزة الابداع، والشاعر الفتلاوي فاز بجائزة الاستحقاق من ذات الدار في ذات السنة، ولأني فكرت باخراج عمل جديد ابتعادا عن النمطية، طلبت من الشاعر أن يرسل لي بعضا من قصائدة، حيث راودتني فكرة رواية يلزمها شاعر مشارك، فلا يمكنني أن أكون الراوية والشاعرة الأنثى والشاعر الذكر (البطل) في الرواية، استحسنت بعض القصائد، وبدأت العمل وحدي، أدوّن وأشطب، أتوقف وأعود لكي أدوّن من جديد، حينها كنت بحاجة ماسة لوجود شاعر بجانبي آخذ بنصيحته، وجدت نفسي وحيدة تماما أمام مغريات العمل الذي استحوذ على عقلي وذهنيتي، خاصة ولأني اضطررت ولأول مرة مجاراة للحوار الذي جرى بين (ساد) و (سادينا) البطلين أن يكون نصا شاعريا، العمل نجح والنسخ نفذت، لدي فكرة باعادة نشر العمل لكن بقالب جديد مع شاعر جديد آخر، بحثت الموضوع مع بعض الشعراء، لكن هذه الخطوة يلزمها الكثير من الوقت، وفي جعبتي الكثير الآن لتحقيقه، أريد من يشجعني على إعادة العمل بصيغة جديدة، بالحفاظ على ذات الحبكة.

من يقرأ عملك الروائي الرابع "الحافيات" يرى أنه يحتفي بشخصيات نسوية لكنه لا يعدم شخصيات رجالية مصيرها مرتبط ببنات حواء فما الهدف من ذلك؟
دينا: (الحافيات) عمل روائي لا يعرّف بجرّة قلم، هذا العمل يتناول حكايا المجتمع الذي يساند الرجل ويحبط دواخل المرأة، أسلوب الكتابة يختلف، والفكرة مختلفة، مع أني استندت فيها على قصة حقيقية، إحدى البطلات ما تزال على قيد الحياة، الرجل في هذه الرواية حاضر بكل قوته، والمرأة حاضرة بكل ضعفها، حاولت من خلال هذا العمل وضع بعض النقاط على الحروف، وتعرية الواقع المخزي المعاش في بعض مجتمعاتنا العربية.
الرجل حاضر في جميع أعمالي، وليس هنا فقط، لعلمك أن غالبية أبطالي ذكور، المجتمع يظلم الرجل أكثر، بما أنه يساند هذا الكائن ويمنحه صفة الرجولة والقوة دائما، لكنه ضعيف في دواخله، هشّ في أحاسيسه، أتصور أن الرجل الآن فاقد لشجاعته، لكن المجتمع لا يعترف بهذا وهنا يكمن الخطأ.
أقول لك أني أذرف الدموع عندما أرى رجلا يبكي، لأني لم أتعود على رؤية هذا الانكسار، لكن للأسف ورغم كل ذلك يبقى قوّام على المرأة.
روايتك الخامسة "قلوب لمدن قلقة" تستمد أهميتها من تعاملها مع المدينة إنطلاقا من كونها شرارة تشعل فتيل أرشيف الماضي لتؤسس لذاكرة مستقبلية فما سر ذلك؟
دينا: كوني امرأة متجددة أولا، وثانيا روائية تكتب وتخاف من التكرار، خرجت بهذا العمل الصعب، وأعتبره عملا جديدا في مرحلة جديدة من مراحل حياتي الكتابية، لذلك أتى لا يشبه أي عمل سابق كنت قد قدمته، أتى بطعم متجدد وما يزال طعمه تحت لساني، تحدثت فيه عن موضوعات كثيرة، أهمها عن ضياع الهوية، المرأة الوطن، المرأة المدينة (القدس)، المرأة المنفى، المرأة الضائعة بين عدة ديانات ومذاهب، المرأة الأم، المرأة المحرومة والمنسية، الأنثى التي تبحث عن ذاتها، تلك المتقمصة التي تحاول الفوز بهوية لو كانت هوية وهمية، عمل بنيته على حكاية من الماضي وأثثتها على جناح حكاية معاشة الآن، بين الشرق والغرب، بتنوع السياسة والدين والمنظومات الاجتماعية والرؤى المبهمة للمستقبل، وأيضا صعب علي ومن هذا المنبر التحدث كثيرا عن هذا العمل، الذي أشاد به الكثير من النقاد في العالم العربي قبل أن يخرج إلى النور وبعد ذلك أيضا.
حدثينا عن تفاصيل رحلتك المسكونة بالغرائب في "ربيع المسافات"؟
دينا: رحلتي، نعم، أو بالأصح رحلاتي المتعددة المسكونة بالغرائبية فعلا، (ربيع المسافات) جاء في زمان كنت فيه أتأرجح بين عدة مصاعب تواجهني في الحياة، صعوبات الاعداد لحياة جديدة والاستقرار من جهة، والتمرد على بعض الاستقرار والقيام بعدة رحلات من جهة أخرى، أو لنقل تغيير الوضع المقيت المعاش بعالم آخر مليء بالمغامرات، اكتشاف المزيد، حب الاكتشاف حاسة تسكنني، جغرافية الكون تؤرقني، ووصول الأماكن الصعبة هدفي في الحياة، سافرت، وتهت، وخفت، وارتعبت، وسررت، وذهلت، الخ من الأحاسيس التي ألمّت بي، آلمتني وأسعدتني، ولثمت الكثير من الجراح، وأدت بي إلى تدوين كل شئ رأيته، كان التدوين صعبا، مما أدى بي العودة إلى مصادر عديدة وترجمة الكثير من النصوص التوثيقية، عمل أجهدني، أذكر أني أصبت ولأول مرة بدوار بسبب الساعات الطويلة التي قضيتها أمام الجهاز أكتب وأراجع وأقرأ لكي يخرج العمل كما أردته أن يكون، لكن أحزنني أنه أستبعد من جهة معينة، حيث كان العمل مرشحا لنيل جائزة في أدب الرحلات، ولم أعرف حتى الآن الأسباب، مؤلم فعلا وجدا، خاصة وأنا المرأة الأولى التي تكتب عن قارة أستراليا، لم يتطرق أحد لهذه القارة من قبل، وأقول لك، لست ممن يهرول خلف الجوائز، ولم يعد يهمني أمر المسابقات، الجائزة الكبرى هي ما منحني إياه الله من ملكة، وهذا يكفيني وأنا سعيدة بنفسي.
كيف تعامل النقاد مع نتاجاتك الروائي؟
دينا: لا أريد أن أمتدح نفسي، لكني أعتقد أني حزت على اهتمام النقاد، اهتمام رائع يغبطني، مسألة النقد بالنسبة لي هي ردة الفعل الأولى لعمل أجتهدت فيه وأخذ من وقتي وقوتي وعافيتي، يهمني رأيهم لأني بحاجة ماسة لهذا الرأي، مثل العروس تماما، عندما ترتدي فستان عمرها، وتتزين وتخرج إلى الناس، يهمها رأي الآخرين، أنا أشعر بأني عروس سعيدة فقط عندما أسمع ما يفرحني عن أبنائي، وأبنائي هنا، هذا الانجاز الرائع الذي يذيبني فأذوب بمعيته، هذه رغوة القلق التي تصيبني عندما أكتب تزول بمجرد أن أرى بعض الاهتمام، لكن وطبعا بل أكيدة أنا، ليست كلمة النقاد هي الأهم لأني أولا وأخيرا أنا أكتب لنفسي، وأحب مشاركة المتلقين المهتمين.
أي الأسماء الروائية العربية تستوقفك بإبداعها اليوم ؟
دينا: تستوقفني أسماء كثيرة، لا يمكني حصرها، توجد نهضة رائعة لكتاب جدد، وأيضا أرى مؤلفات جديدة لمؤلفين سابقين، وهناك حضور ملحوظ للمرأة الكاتبة، أتمنى ألا تتوقف أو تختفي فجأة، لأني أؤمن أن الابداع الحقيقي مستمر، والأفضل حتما سيأتي.
بماذا تحلم دينا سليم في ظل ما يشهده العالم العربي من ثورات اليوم؟
دينا: جموح لهفتي يكون عظيما عندما أجد العالم العربي قد استعاد عافيته، حلم كبير هو أن أنام في يوم وأستفيق لأجد أن الطائفية أنتهت بكل مسمياتها، وعاد الهدوء وأهم شئ عودة البسمة على وجوه الأطفال، وعودة الثقة بين الفرقاء لكي يبدأوا من جديد، أنا لا أؤمن بالثورات الآن، مهما كانت أهدافها، لأن كل شخص يملك ثورة داخله يريد أن يطبقها على الآخر، فما بالك بالملايين التي تحمل مقومات الثورات تختلف من شخص لآخر، عندما يقرر الشخص الصراخ يمكنه ذلك وبكل سهولة، لكن إن قرر إعادة الصرخة من منطقها فهذا يكون دربا من المستحيل، الثورة هي أولا أن نبدأ بأنفسنا، أن نغير من ذواتنا، أن ننظر للآخر بمحبة، أن نستوعب من يختلف عنا، الثورة أن نزرع الانسانية والرحمة في قلوبنا أولا، أن نفرح لنجاح وتفوّق الآخر، أن نرحم وأن نحب، المحبة هي الأساس، أريد ثورة من الحب والرحمة والمحبة، هذه هي التي أعتبرها ثورة ناجحة، لكي تحل مكان الكره والقسوة والانتقام والأخذ بالثأر، حقيقة الأخبار اليومية تجثم على صدري فتخنقني، لا أرى شئ مفرح، تمنيت لو كنت مع (أهل الكهف) الآن، حتى تزول الغمامة القاتمة من عالمنا، وأخرج من الكهف لأنكشف مجددا على حياة أفضل، على كل حال سننتظر. 
كلمة أخيرة للقارئ؟
كما قال شاعرنا الكبير محمود درويش، (يحاصرني واقع، لا أجيد قراءته) هكذا أشعر اليوم، ونحن أبناء الحاضر لا نستطع تغيير الظروف، ربما المهمة ستلقى على عاتق بناة المستقبل، أتمنى أن ينظروا نظرة انسانية للأمور والسعي الجاد من أجل النهوض بالأمة ثقافيا وعلميا أولا، أتحدث وكأني على حافة قبري ( بعيد الشرّ) فقط لأني شبه واثقة أن عصر الدمار الذي نعيشه الآن سيستمر أعواما، للأسف الشديد، أتمنى أن أكون مخطئة.


ليست هناك تعليقات: