شعر: أسامة الزيني
شاعر وروائي مصري
ليلُ الحكاياتِ انتهى
الآنَ موعدُ طعنةٍ أجَّلْتَها
الآنَ يذبحكُ النهارُ بألفِ سيفْ
أنتَ الذي صَدَّقْتَ زيفاً بعد زَيفْ
وركضتَ دهراً خلف طَيفْ
وصنعتَ من هذا الهباءِ جيوشَ أوهامٍ
أمَامكَ سُقْتَها
ورفعتَ راياتِ انتصارِكَ في العراءْ
وبنيتَ حِصناً من خيالٍ في الفضاءْ
ومضيتَ مُغْتَبِطاً بنصرِكَ
لم تفكرْ..
أيُّ معركةٍ بربكَ خُضْتَها؟
أيُّ انتصارٍ في غيابِ سبيةٍ
تُمْضِيْ المساءَ الألفَ في الأصفادْ؟
أَمَةٌ تطيعُ أوامرَ الجلادْ
فيمَ الفَخَارُ وألفُ عارٍ في الوجودِ يحاصرُكْ؟
دقاتُ قلبِكَ ترفضُكْ
كفاكَ
ثوبُكَ
عطركَ الفواحُ
ساعتُك الثمينةُ
خاتَمُكْ
حتى حِذاؤك يأنَفُكْ
مَن قال إنك سيدٌ؟
بَلْ من سَبَاها سَيِّدُكْ
مَن أصْبَحَتْ حَرَماً لهُ
تحبو لِمَخْدَعِهِ
وَوَهْمُكَ يخدعُكْ
والبائعونَ يُرَدّدونَ على مَسامعِكَ اسْمَها
تلكَ التي كانت بـ'ذي سَلَمٍ' مَهَا
يكفيك عاراً أن تُباع لخاملٍ
ويَمُدَّ نَخَّاسٌ إليهِ خُطامَها
ليلُ الحكاياتِ انتهى
سجَّيْتَ وَهْمَكَ واستراحت شهرزادْ
أطفأتَ قنديلَ الكلامْ
وكفرتَ بالسيفِ الهزيلِ
جلستَ ترقبُ وجهها فوق الوسادةْ
كانت بقايا الحزنِ باديةً عليهْ
ويداكَ تحتضنانِ راحتَها
تسائلُ صمتَكَ المهزومَ في سَأَمٍ
لماذا لم تزلْ حياً
وتحلمُ بالسعادةْ؟!
لِمَ لَمْ تجرِّدْ سيفَكَ المغلولَ يوماً
لَمْ تقاتلْ مرةً من أجلْ حُلمْ؟
لِمَ تكتفي بالوهمِ
بالكَذِبِ المنمقِ بالخديعةِ
بافتراءِ النصرِ
بالأهزوجةِ الحمقاءِ
يا هذا المجرَّدُ من وجودِكَ
من حدودِكَ
مِنْ وقوفِكَ صامداً مثلَّ الرجالْ
من ضَمَّةِ امرأةٍ لظَهْرِكَ
تحتمي كالطفلِ في كَتِفَيْكْ
من عِطْرِها
وجَوادُكَ الحرُّ الجموحُ
يطيرُ مفتوناً بِوَثْبَتِها أمامَك فوقَ صهوتِهِ
تَدُسُّ عبيرَها في وَجْنَتَيْكْ
وتَفِيضُ في شَفتيكَ عِشْقاً واشتهاءْ
لِمَ لا يُهَيِّجُ لَفْحُ جَذْوَتِها ذكورتَكَ المريضةْ؟
لِمَ لا يُحرِّكُ أيُّ شيءٍ أيَّ شيءٍ فيكَ
يا هذا المُسَجَّى في ظلال الأرضِ مبتئساً
تراقبُ مِنْحَةً تـأتيْكَ من قَلبِ السماءْ؟
مِنَحُ السماءِ تجيءِ للنُّبلاءْ
منحُ السماءِ تجيءُ للشجعانِ للفُرسانِ
لا لِمُمَدَّدِ في الأرضِ كالنُّفَساءْ
مِنَحُ السماءِ لِمَنْ يشاءْ
فمتى تشاءُ؟
متى تكونُ؟
متى تنامُ على يقينٍ ما..
وتصحوْ غيرَ مضطربٍ بآلافِ الظنونْ
ثاوٍ على كَفِّ المَنُونْ
تتأملُ الأعوامَ عابرةً أمامكَ
مهرةً عرجاءَ يُرْجِفُها هبوبُ الريحِ
والبرقُ الخؤونْ
وصهيلُ خيلِ الأمسِ في أذنيكَ
تذروهُ العواصف في الدروبْ
وتُحِسُّ سيفاً خلفَ ظهرِكَ مُشْهَرا
ويداً تُقَرِّبُ نحو خَصْرِكَ خِنجرا
ويداكَ تحتضنانِ راحةَ شهرزادْ
تُدْني إلى شَفتيكَ قُبْلَتَها الأثِيْرة
تحكي حكايتها الأخيرةْ
فتشم في أنفاسِها عطرَ الكفنْ
وتموتُ مبتسماً لأطيارِ الوطنْhttp://albabtainprize.org/pages/readers_contributions/poat.php
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق