بقلم: محمد الكامل بن زيد -بسكرة.الجزائر
جاء مسرعا من بعيد ..تتقاذفه أجساد البشر بلا هوادة .. أسرها في نفسه: لا يهم ..كل شيء يهون ..فهؤلاء هم الأحبة ..كيف جاؤوا ومتى جاؤوا لا يهم ..هذه فرصة لا تقدر بثمن ..منذ زمن لم يرهم مجتمعين في آن واحد ..في مكان واحد ..لوح بيديه عاليا و ألح عليهم .."هيا تعالوا خلفي لنأخذ صورة سليفي ..لقد ابتعت هاتفا نقالا جديدا من السوق الشعبية "..طلب منهم أن يتراصوا مبتسمين حتى تسعهم العدسة كلهم ..أصر عليهم أن يستغلوا اللحظة قدر الإمكان ..كانت النشوة عظيمة تسري في أجسادهم ..تناسوا ما كانوا فيه قبل أن يأتي ارضاء لرغبته الجامحة ..أصبتهم نشوة الأيام الخوالي ..وانسجموا مع تشابك أيديهم في فرح طفولي أيهم يرى الصورة أولا .. يشتد الحصار عليه شيئا فشيئا ..يصر مثلما يصرون على أن يرى الصورة أولا.. يزداد حماسهم وتزداد معه أنفاسهم اللاهثة و قهقهاتهم .. لتتوقف فجأة دون سابق انذار ..فكم كانت الصدمة قوية عليهم ..إذ تبدلت الوجوه غير الوجوه ..أصابها الوجوم الشديد فبدت كالحجارة الصماء ..الذاكرة كانت ممتلئة ..نعم الذاكرة كانت ممتلئة و صورتهم ضاعت في مهب الريح ..ليس هذا ما جعلهم يبدون كالتماثيل المحترقة في صمت رهيب.. فالأمر أمر وأجل ..لم يجهدوا أنفسهم كثيرا ليتبينوا الصورة الوحيدة المكررة في الذاكرة ..إذ كانت لـ" ايلان " ..الطفل الصغير الذي جرفته المياه إلى الشاطئ ..غريقا
بقوا للحظات أخرى واجمين ..الأسى الفاضح يرهق أعينهم الدامعة .. تململوا طويلا ثم انسحبوا ..لا أحد يشبه الآخر
طريق جلال أثناء العودة من تونس 28 /12/2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق