2018/08/25

الصفر قيمة أما لا شيء..فلا سبيل للتقدم والرقي ألا بقيمة الحب! بقلم: محمود سلامه الهايشه



الصفر قيمة أما لا شيء..فلا سبيل للتقدم والرقي ألا بقيمة الحب!
بقلم: محمود سلامه الهايشه
ناقش د. واسيني الأعرج – من باريس- في مقاله " الدرجة الصفر للحياة: قيمة الفرد العربي في مجتمع يحتضر" بالعدد 463 –شعبان 1436هـ من المجلة العربية، وضع نفسية الإنسان العربي وما وصلت إليه في المئة سنة الأخيرة، وكم وصل مقياس سعادته؟، وقد ربط بين عدم قدرة الإنسان في التعبير عن قيمة الحب كأسمى القيم الإنسانية وبين التطرف والإرهاب!!، فطالما أن عادات المجتمع جعلت من الحب والتعبير عن عيباً، فما بالنا بكره والكراهية؟!، وطالما يحكم الناس تقاليد الفقر والجهل والمرض فلابد من تفشي إدمان المخدرات والمسكرات وانتشار التطرف الديني والمتاجرة به كحلول متوقعة لمثلث التخلف الحضاري للمجتمعات المعاصرة!، من القواعد السلبية في تربية النشيء العربي أن الحب والتعبير عنه من (عيب) وقد يصل الأمر إلى (عيب وحرام)!!
فهناك خطأ فادح في تربية الأطفال أن الأباء والأمهات يعاقبون الأبناء على الفعل، ولا يعلموهم ما هو الصواب، فإذا كان الكذب خطأ وتم العقاب عليه، ثم ترك الطفل بدون تعليمه أنه لابد وأن يكون صادق ويستبدل الكذب بالصدق، فلا يجد الطفل شيء آخر يملأ به عقله وعواطفه، فإذا تعلم ونشأ على أن "الحب" حرام وعيب أن نعبر عن مشاعرنا، فتهتدي نفسية الطفل إلى أن البديل الطبيعي هو الكراهية والتعبير بالعنف هما السبيل الصحيح للسلوك!!
ولأن لكل مقياس درجات، فقد قيم د.الأعرج، الإنسان الذي يعيش بلا حب كالميت، فلا حياة بلا حب، كأن الحب هو الماء، إذا يقول الحق سبحانه وتعالى "وجعلنا من الماء كل شيءً حي"، فالإنسان بدون قيمة الحب ميت يعيش في مجتمع مأزوم، وتكون قيمته "صفر"، وهنا تذكرت مقولة العالم الراحل أ.د.مصطفى الحديدي – أستاذ علم النبات بكلية الزراعة جامعة المنصورة، أثناء تدريسه لنا في الفصل الدراسي الثاني للعام الجامعي 1995/1996، بعدما ظهرت نتيجة الفصل الدراسي الأول لمقرر "علم النبات العام" ولم تتجاوز نسبة النجاح 30% من إجمالي الطلاب، فجاء تعليقه ساخراً من المستوى المتدني للراسبين: أن جميع الأوراق الراسبة لم أعطيها "صفر" لأن الصفر قيمة، ولكني أعطيتها "لا شيء"!!
الألم والأمل، العلم والعمل، كلمات لها نفس الأحرف، فقط يتم إبدال حرفي "ل" و "م"، فقيمة الإنسان تتحدد بما إضافة في حياته، والحياة لا تحسب من لحظة الميلاد إلى الوفاة، بل بما فعله وكان فيه إيجابي، فالوقت هو الحياة، ومن يدير وقته يدير حياته، فالوقت هو المادة الخام للحياة، فالحضارة مشتقة من الفعل المضارع "حضر"، حضر-يحضر-حضور-حضارة، فإذا حضر الإنسان بجسده السليم وروحه ونفسه الصحيحة، بناء حضارة متميزة، فلا تبني المجتمعات بأناس مرضى نفسيين أو لديهم اضطرابات في الصحة النفسية!!، وخير علاج وقبله وقاية لكل ذلك هو الحب وتعظيم قيمته لدى الأفراد والمجتمعات!..الحب سر النجاح.

ليست هناك تعليقات: