أين اتحاد الكتاب
من وثيقة الاتحاد؟!!
أحمد قرني
شاعر وروائي
وعضو اتحاد الكتاب
قرأت بإمعان بالغ وثيقة اتحاد كتاب مصر وجلست أمامها مندهشا أسأل نفسي ما الذي يميز وثيقة يصدرها اتحاد الكتاب عن أي وثيقة أخرى يصدرها أي تجمع حزبي أو منظمة مجتمع منى أو أي ائتلاف آخر الوثيقة ربما حمل بنودا هامة عن مدنية الدولة وحق المواطن في حياة كريمة ..الخ لكن ما ضايقني كثيرا ألا أرى دورا لاتحاد الكتاب في الوثيقة أسوة بوثيقة الأزهر التي نقل عنها الكثير في وثيقة الاتحاد التي أعلن عنها ..فقط ما لم ينقل عنها هو دور الأزهر ؟!فالأزهر كان مدركا أنها وثيقته فتحدث عن دوره الذي يؤمن به ورسالته التي يعتنقها وسواء اختلفت معه أو اتفقت لكنه في النهاية عبر عن نفسه كمؤسسة دينية عريقة ودوره الذي ينشده في المرحلة القادمة .... وهو ما كنا نأمل أن ينتبه إليه معدو الوثيقة أن ينتبهوا إلى دور لاتحاد الكتاب كممثل شرعي للكتاب والأدباء وضرورة تعديل لائحته وجعله كيانا مستقلا عن الدولة ودعم حريته و استقلال ميزانيته بحيث يساهم بدور أكبر في صياغة مستقبل مصر وان يلعب دورا في أن يعيد مصر إلى ريادتها الثقافية ..المفاجأة الأكثر إدهاشا أن وثيقة اتحاد كتاب مصر خلت من فقرة واحدة تتحدث عن حرية الفكر أو حرية الإبداع ؟!! و كنت أود أن أرى في الوثيقة حديثا عن حرية الكاتب وحرية الفكر والإبداع ومنع مصادرة الأفكار أو الكتب إلا بحكم قضائي وعدم إعطاء حق مصادرة الكتب لأي جهة حتى ولو كانت الأزهر الشريف طالما هي وثيقة اتحاد كتاب ؟! وليست وثيقة صادرة عن منظمة مجتمع مدني مثلا ؟! وهذا من عجيب الأمر وكان يجب أن ينص على أن تكفل الدولة حرية الفكر والإبداع وتكفل أيضا حرية تداول المعلومات باعتبارنا أمام وثيقة يطلقها اتحاد كتاب ؟!ولماذا لم تشر الوثيقة كما أشار الأزهر على انه هو المرجعية ....واتحاد الكتاب بالنسبة للكتاب والأدباء وهو الذي يدير شئونهم و استقلال اتحاد الكتاب أمر يهم المجتمع كله على اعتبار انه يمثل الكتاب جميعا كما خلت وثيقة اتحاد الكتاب من أي إشارة إلى أن تضمن الدولة حياة كريمة لمفكريها وأدبائها وكتابها بحيث لا نرى ما كان يحدث من قبل من مد اليد عند الحاجة والمرض واستعطاف الوزراء لعلاج أديب أو استجداء مال عربي لعلاج كاتب أليس هذا هو هم اتحاد الكتاب ؟! بدلا من أن يردد ما سبق وان قيل عن مدنية الدولة والعدالة الاجتماعية والمشروع القومي الذي يلتف حوله المصريون ؟! وحديث المشروع القومي الذي صار مملا وسخيفا وتلوكه كل الألسن وكان جديرا باتحاد الكتاب أن ينأى بنفسه عن حديث امتد على كل الطاولات حتى بات كالطعام الحامض الذي تلفظه النفس سريعا ألم يكن من الأجدر به أن يضمن وثيقته حديثا عن عدم فرض وصاية على الكتاب والمبدعين من المؤسسات الدينية مثل الكنيسة والأزهر والتأكيد على إلغاء أية رقابة سابقة أو لاحقة على الإبداع والكتابة أم أن اتحادنا يخشى المواجهة والنزال والطعان ويأبى السلامة ويؤثرها لنفسه فجمع كل ما هو شائع على موائد الفضائيات وحديث جماعات الحقوق المدنية عن المشروع القومي ؟!!! ونسي أن له خصوصية وانه اتحاد كتاب وان همه الأكبر وهو يعيد صياغة مستقبل وطن أن يؤكد على دوره واستقلاله وان يدافع عن حرية أعضائه الذين هم كتاب ومفكرين وأدباء واستقلال المؤسسات الثقافية كما خلت أيضا وثيقة اتحاد الكتاب عن حديثها عن حقوق الملكية الفكرية التي تهدر صباح مساء والتأكيد على هوية بعض المجتمعات النائية والتي تعيش على الأطراف وتحمل تحمل ملامح ثقافية تميزها مثل النوبة وسيناء والواحات نريد التزاما صريحا من الدولة بالحفاظ على هذه المجتمعات لما لها من دور في الحفاظ على الأمن القومي وضرورة التزام الدولة بالحفاظ على هوية هذه المجتمعات وتراثها ولكونها قطعة من أرض مصر والذين يعيشون عليها مصريون ...إن هذه المرحلة لا تتطلب أن نقدم رجلا ونؤخر أخرى إن اتحاد كتاب مصر يواجه لحظة تاريخية إما أن يشرع في بلورة نفسه داخل المنظومة القادمة ليصبح فاعلا فيها وأول ما يفعله هو التأكيد على دوره أو يظل كما هو بعيدا ولن يحدث ذلك إلا إذا أصر أن يكون له دور كممثل للكتاب دور في التشريع وصياغة الدستور دور في خريطة مصر التي ترسم الآن وإذا انتظر الآن فسينتظر طويلا وبدلا من أن يتفرغ الاتحاد لإعطاء جوائز أدبية لمن لا يستحقونها ؟!!ولا يستطيع أن يصدر جريدة محترمة بدلا من نشرة هزيلة .... وحسنا فعل الدكتور جمال التلاوي نائب رئيس الاتحاد أن أعاد فتح باب النقاش حول الوثيقة و كلى أمل في الدكتور التلاوى أن يعيد النظر ليركز على تلك النقاط ويدعو الكتاب للتحاور بشأنها وإلا فما الفارق بين وثيقة اتحاد الكتاب وأي جهة أخرى إذا لم يدعم الاتحاد نفسه وأعضائه وحرية الفكر والكتابة والإبداع؟!!باعتباره مسئولا عن ذلك وعلى اعتبار أننا نعيش مرحلة تاريخية فارقة نأمل أن نرسم مستقبل وطن وهل هناك وطن ينتظره مستقبل مشرق بدون حرية فكر وحرية مفكريه وكتابه؟!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق