2011/07/27

أشرف أبو اليزيد في روايته الجديدة (حديقة خلفية): ذكريات ثورة يوليو وعلاقات مصر بالعرب والعالم


أشرف أبو اليزيد في روايته الجديدة (حديقة خلفية):
ذكريات ثورة يوليو وعلاقات مصر بالعرب والعالم
صدرت في القاهرة رواية (حديقة خلفية) للشاعر والكاتب أشرف أبو اليزيد وتقدم صورة المشهد الأخير في حياة أحد شخصيات ثورة يوليو 1952. الرواية التي كتبت قبل 3 سنوات، وتأجل نشرها لأسباب عدة، وجدت أخيرا طريقها للنور في مناخ الحرية، الذي يجعل من قراءتها مراجعة لتاريخ علاقة مصر والعرب في عقود ما بعد الثورة.
بعد مقدمة مكانية عنوانها "جنة بلا ناس" قسم المؤلف روايته إلى أربعة فصول؛ "خريف الغياب"، "شتاء العشق"، "ربيع السفر"، و"صيف العودة". وتقدم الرواية ـ بشكل مواز للأحداث ـ عوالم النباتات، وفضاءات السفر، وأعماق الثقافة، وخاصة الثقافة الهندية التي تجسدها البطلة الرئيسية للأحداث، وتقول في أحد فصولها:
في الهند رأيت الجنة والنار معًا. المتناقضات تحت سماء واحدة. المساجد والمعابد، شيوخ يتعبِّدُون آناء الليل، ونسَّاك زاهدون عن ضجيج النهار، مناراتٌ تهتزُّ، وأخرى تختفي. بوابات مهجورة، ودروب مزدحمة. بيوت ليس لها من سمت البيوت شيء، وقصور تستعيد أبهة عصور السلاطين. متاحفٌ نادرة في عرض الطريق، ومقتنيات آسرة تحت حراسة مشددة، أضرحة تعانق قبابها المزركشة السماء، وقبور تفترش توابيتها الحجرية الأرض، غابات من صفيح، وأشجار من أسمنت، وأسوار من خيش، وشواهد من حجر، وهواء من رماد. هؤلاء الفقراء في الصورة مثلهم ملايين في مدن الهند الفقيرة. كنتُ أقولُ الحمد لله كلما مررت بهم. نحن نكتب عن الفقر في مصر ولكننا لا نراه. .. الفقرُ نسبي. فمن يسكن شقة يظن نفسه فقيرًا في مقابل من يملك بيته. ومن يركب الحافلات فقيرٌ أمام من يقودُ سيارته. ومن يعمل باليومية هو فقيرٌ قياسًا بأصحاب الأجور الشهرية. لكننا رغم فقرنا متساوون في إنسانيتنا، وأنا أحس أن الفقر الحقيقي هو التخلي عن هذه الإنسانية.
الغلاف يحمل صورة لإحدى منمنمات مشاهد (الكاماسوترا) الهندية استدعاء للقاءات الحميمة التي تجعل من الحلم يتخذ مساره الحسِّي. كانت كلُّ صفحة تعني فكرة جديدة للمداعبة، أو طريقة مبتكرة للقاء. التلامسُ. القبلُ. الالتفافُ. الإحاطة. المنمنمات تشرح ما يستعصي فهمه من الحروف. سبعة فصول من الكاما سوترا، كل منها بحرٌ يغرق الشاب وفتاته ليجدا نفسهما في بحر آخر يليه أكثر غورًا واتساعًا. تقوم كاميليا عارية تماما لتحضر بعض البخور من حقيبة صغيرة، وتعود فترفع صوت الموسيقى في الاستريو الموضوع بجانب السرير، وتقرأ سطورًا من الكاما سوترا كأنها تغني، وتعدِّل من أصابعها: "في المساء، تحضر الموسيقى، وبعد أن نعود للبيت في صحبة الحبيب، نشعل بعض البخور، ونتمدد".
في البداية يغيب السيد كمال؛ وحين يزور البطل، وهو مهندس زراعي، حديقة الغائب، فنقرأ كيف يتأمل الزهور الملونة في المكان الذي اعتاد السيد كمال أن يجلس فيه. كان يرى في الورود أجسادًا كجسوم البشر، فالجسد مثل زهرة اللوتس لها أربع بتلات، تختلف كل بتلة منها في نوعها ولونها وحجمها. لكن أثقلها بتلة الجسد، الذي ينقل لصاحبه تجربتي السعادة والألم، ويرتكب الخطايا أو ينجز الفضائل. الناس في (كَفر السَّراي) لا يعرفون سواه، ولا يتأملون حياتهم بعيدًا عن هذا الجسد. إنهم يمرون بالورد ولا يرونه، ويتطلعون إلى السحاب ولا يبصرونه، ويسمعون الغناء ولا يسمتعون به. اللحم والخبز وحسب، وأما ما عدا ذلك فلا يحسون به. غاب السيد كمال فساءهم غياب اليد الطولى التي تعطي وتمنح..
تأتي رواية (حديقة خلفية) متزامنة مع صدور رواية المؤلف الثالثة (31) عن مكتبة المشارق للنشر والتوزيع، وكانت الرواية الأولى (شماوس) قد صدرت عن دار العين للنشر، القاهرة (2007)، وقد ترجمت إلى الكورية والفارسية. وقد أصدر أشرف أبو اليزيد شعرًا: وشوشة البحر (1989)، الأصداف (1996)، ذاكرة الصمت (2000)، فوق صراط الموت (2001)، ذاكرة الفراشات (2005)، وترجمت مختارات من دواوينه إلى الإنجليزية والإسبانية والإيطالية والفارسية والروسية والتركية. كما أن لأشرف أبو اليزيد أكثر من 60 استطلاع في أدب الرحلة جمع بعضها في كتابه (سيرة مسافر)، وهو معني بأدب السيرة الذاتية فحقق مذكرات الشيخ مصطفى عبد الرازق في كتابين، (مذكرات مسافر) سلسلة ارتياد الآفاق (2004)، و(الشيخ مصطفى عبد الرازق مسافرا ومقيما)، دار عين، (2005). أصدرت مكتبة الإسكندرية كتابه عن بيرم التونسي (عبث الشباب) مؤرخا لجريدته التي أصدرها في تونس قبل 75 عامًا، وأصدرت (دبي الثقافية) ترجمته لسيرة سلفادور دالي (أنا والسوريالية) يوليو 2010.
أصدر مقالاته في النقد التشكيلي في كتابه (سيرة اللون ـ تجارب تشكيلية معاصرة) الهيئة المصرية العامة للكتاب (2003). كما أخرج فنيا ورسم للعشرات من الصحف والكتب. أصدر للأطفال (حكاية فنان عمره خمسة آلاف عام)، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، وديوانا شعريا (أطفال العرب)، وكتابي (رحالة العرب)، و(ساعي بريد تحت الماء)، كما ترجم لهم (حكايات كورية)، (حكاية شورالي للشاعر التتري عبد الله طوقاي)، وجميعها في سلسلة كتاب العربي الصغير، الكويت. شارك في عدة مؤتمرات ومهرجانات دولية في مصر وسورية، والكويت، والسعودية، وإيطاليا، وإسبانيا، وكوستاريكا، وكوريا، وتتارستان، وهو يعمل منذ 2002 حتى الآن محررا بمجلة العربي (الكويت).

ليست هناك تعليقات: