أنشودةُ الموت
شعر: عبدالرحمن أبو المجد
لا تنتظرْ موتي و اكتبْ رثائي
يا صاحِ أنا مِتُ وإنْ ظلَّ بقائي
لا تحسبنَّ ذاكَ الموتَ قبراً
وإكليلاً يفوحُ وحِدادَ الرداءِ
إنَّ الموتَ ما أضعناهُ من أملٍ
حُلُماً رسمناهُ في أحداقِ المساءِ
دارتْ عليهِ الأحزانُ قاطبةً
حتى فاضتْ عن أوانيها دِمائي
لقدْ جادتْ في السكونِ دمعتُنا
وتعالتْ الآهُ في أصداءِ الغِناءِ
ليتهمْ قدْ عرفوا ما كنتُ أتلوهُ
أو أنهمْ ظنُّوا في الغناءِ بُكاءي
لقدْ وثبتُ بلا جَوَادٍ ويا لها
من وثبةٍ كانتْ من غيِر صهباءِ
حتى تأوهتْ من دوّي صرختنِا
زهرةٌ راحتْ تستميلُ رضائي
راحتْ تسكبُ من عطرِ غايتِها
شذاً يهيمُ بأرضِها الخضراءِ
ثمَّ هوَتْ إلى سلوانَ ما بيننا
كعهدِ الخريفِ في اغتيالِ أهوائي
فما كتبناهُ برعشاتِ أناملي
راحَ مع الهشيمِ أدراجَ الهواءِ
أرنو للنجومِ لا شكاً يُساورني
والعبابُ يحجبُ أضواءَ السناءِ
ثمَّ راعني ما كنتُ فيهِ من وجلٍ
وتخلَّق اليأسُ من ثنايا الشقاءِ
وما أرسمهُ على شفتي من بَسَمٍ
كنظرةٍ تطلُ من مُقلةٍ عمياءِ
للشاعرِ دمعةٌ من ذا يراها
إلا من كانَ في زمرةِ الشعراءِ
أما الحنينُ: فقد غمرني للورى
وكانَ الحصادُ في أرضيَّ الجدباءِ
إذ أرادوا الحياةَ زيفاً وعوراً
ونسيجاً طرّزوهُ بكذبِ الرياءِ
ما ضرني لو كنتُ في لوائهمْ ؟
أُخفي الأسى في بسمةٍ خرساءِ
أما الشمائلُ: فقدْ سَخَرتْ لدربِها
من سخرياتِ الأنامِ بغيِر حياءِ
وأدبرَ الأملُ مثل العمرِ كأنما
الأملُ والعمرُ في حِلفٍ لإقصائي
ما الحياةُ بغيِر قلبٍ يحتويني
ونهودٍ في لحظِها يزولُ عنائي
عيونٍ يَسكنُ الحبُ فيها تشدُني
من ليالي الدجى إلى عَبَقِ المساءِ
أعيدُ في ظلِّ أهداِبها الأماني
والذكرياتَ التي تاهتْ في دمائي
وأكفٍ وراءَ الغيومِ تحملُني
من جراحِ الزمانِ وأنين ِالرجاءِ
إذا الحياةُ بلا روحٍ تغلُّها
فالموتُ تاجٌ في ربوةٍ شمّاءِِ
أقمْ سُرادقَ العزاءِ لاتكترثْ
فسوفَ ألقى بينَ الحضورِ عزائي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق