قصص قصيرة جدا (إلى الشهداء)
بقلم: السيد نجم
شامة
النسوة والصبايا تحلقن حول العجوز البيضاء الباسمة،
تحفهم بهجة رسم "تاتو" على ظهور أكفهن،
لأنهم يحبونه، سمحوا له وحده أن يقتحم حفلتهن،
نظر إلى أمه فى صمت.. انقض على "القرطاس"، سحبه من يد العجوز، وفوق جبهتها الناصعة الصق شامة.. فضحكوا وقهقهوا.
أسرع الخطو نحو باب الغرفة، أدار رأسه، قال: "حتى تتذكريني، كلما رأيتى الشامة!"
انشغل فى ارتداء أفضل ملابسه،
استبدل ثلاثة أطقم، حتى فرغ من مهمته، خرج..
لحقته أمه تسأله: "أنت رايح تقابل العروسة؟".. فضحك، ولم تضحك أمه.
قبل الساعة الثامنة مساء، بدأت أمه فى صراخ مكتوم،
فى الساعة الثامنة مساء، تابعت الأم أخبار المظاهرات، فى حي الأربعين،
بعد الساعة الثامنة مساء، لم تعد تصرخ، ولم تتابع القنوات الفضائية،
اكتفت بالشامة التي بدت أكثر بريقا، كأنها تتحدى الزمن!
****************
(إهداء إلى مصطفى رجب.. أول شهداء الثورة)
اتصال
اتصال غامض..!
اتصال رهيف.. كيف حالك؟
اتصال قلق.. المساجين ثائرة، قتل أحدهم!
لم يتابع الاتصال، ذهب، وقف أمام المساجين.. فهدأت.
قبل أن يتابع التواصل مع الجموع.. سقط!
بعد أن سقط، صاحبة الاتصال الرهيف.. صرخت:
"قتلوه"
الآن صاحب الاتصال الغامض.. يقول:
"دعوه، فهو مع الشهداء!"
***************
(إهداء إلى اللواء البطران.. أول شهداء الشرطة)
سر
كان "الحجر الأسعد" هدفه، بينما الازدحام يدفعه بعيدا.
صوب بصره، وجه رأسه، ودفع بقدميه: "هه، توكلت على الله".
لا يدرى كيف أصبح هكذا على مقربة من الركن المكدس بالأجساد؟!
لكنه يدرى أن سر الدعاء يدفعه دون عائق.
ترى بماذا كان يدعو؟!
هكذا سأله الرفاق، فور عودته.. اكتفى بالابتسام؟!
لما كان "ميدان التحرير" هدفه، كان الازدحام يدفعه دفعا إلى أغواره.
صوب بصره، وجه رأسه، ومسح بقدميه كل ركن فيه.
لا هو يدرى، ولا الثوار، كيف أصبح هكذا مرشدا للأفكار، ورفيقا للأجساد؟!
لكنه يدرى، أن سر الدعاء يدفعه دون عائق.
ترى بماذا تفسر سر بكاء المصلين،
وهم يصلون على جسد مسجى هناك؟!
ترى بماذا كان يدعو الشهيد؟!
*****************
(إهداء إلى الشيخ عماد رفعت.. أول شهداء الأزهر)
* اللوحة للفنان عصمت داوستاشي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق