علي عبدالباقي
كنا عائدين، أنا وعماد من أمسية جميلة مع الروائى أحمد طوسون، وقد جمعتنا فى مكتبه مع الروائى أحمد قرنى، والمسرحى أحمد الأبلج. فى طريق عودتنا بشارع سعد زغلول.. وعند منحنى فيه.. هناك شجرة تقف كإمرأة ناضجة تعدت الثلاثين.. من المحظوظ فيكم الذى عرف كيف تكون المرأة فى هذا السن.؟
كانت هى قد تجّمع فوق شعرها ـ الهايش فى كل الاتجاهات ـ الكثير، الكثير من العصافير. كنت قد مررت كثيرا فى هذا المنحنى من تحت هذه الشجرة عند قيظ أشهر الصيف. كانت ترطب الأرض بظلها، وتنعش الجو بأنفاسها.. لا تنسوا أنها إمرأة من نساءنا فى منحنيات شوارع بلدنا.. رفعت رأسى لفوق، لهذه الضجة فى العلالى.. لم ليست نائمة هذه العصافير.؟ .. كان هناك عامود نور، يرمى كشافه بحزم من ضوء على ناحية الرأس المواجهة للبيوت على الرصيف الأيسر للشارع.! .. "والشارع" هنا يهذى ويمزح ويهرج ويستظرف مستخفا دمه حينا، ومستخفا بعقولنا فى أحايين كثيرة.!
قلت لعماد: أنظر.. شجرتنا طرحت عصافير.!
ـ (فى تأفف وضجر) وهل أنا خبير فى العصافير.؟
ـ بل أنت خبير فى الشجر.
ولأن عماد ليس سهلا.. فقد أوقفنى ونحن لسنا ببعيد عن الشجرة.. وإذا به:
ـ أسمعت ما قاله هذا العصفور لمعشر العصافير:
ـ لماذا يفتعل المجلس العسكرى هذه "العاركة" مع أمريكا.؟ .. ولماذا الآن بالذات.؟ .. ومنذ متى كنا نتجرأ هكذا ونستأسد على أمريكا.؟
وقبل أن نسمع الإجابة، كان عماد قد جذبنى من ذراعى بشده لنجرى إلى بيته.!
ـ إيه يا عماد.. فيه إيه.؟
ـ تشرب قهوة..؟ .. أسكت خالص.. أكنا منتظرين لتسمع ما سمعت.؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق