2012/06/15

قصتان بقلم: سعاد محمود الامين


الصَف
سعاد محمود الأمين
كان الحر قائظاً، تنهمر شلالات العرق من الوجوه العابسة، أزمة مواصلات خانقة، كلما جاءت حافلة  يتدافع الركاب نحوها مهرولين،  بقسوة تطأ أقدامهم المتعبة كل ما يعترضها.  هو مازال واقفاً يتقدم خطوة ثم يتوقف. جاء اليه قائلًا بصوته الجهورى وعضلاته المفتولة: ماذا بك؟ ألاتريد الهروب من هذا الجو القائظ؟
قال الفتى بصوت خافت: ياعمو .. أنا  أقف فى الصف..
نظر اليه مندهشاً:عمو......؟!! الصف.!!
ثم أردف قائلاً:أين الصف؟ أنت مجنون؟
رد بصوت هامس: لا..انتظر دورى فقط.
اندفع الركاب صوب الحافلة فأثاروا غبارًا كثيفاً.  عندما إنجلى النقع وهدأت الثائرة.  رآه الحارس منبطحاً على الأرض يحاول النهوض ويتحسس نظارته التى سقطت ولم ير الصف.

مَسِيح
كان المولود بعين واحدة، تتوسط جبينه المُضئ.  قالت الجَدّة: إن المولودَ طِفلٌ بركة. منحه الله للمنزل المشتاق. يئست أمه من المحيض، ودفع الأب  أموالا طائلة من أجله.
قال الجَد فرحاً: إن المولود ولٌدٌ صالح..
نضبت دموع الأم، ورفضت أن تكشفه للناس.  خرجت به خلسة الى  الفكى بحر الدار،  ليمنحه بركاته. تعوذ منه سرًا، ثم تفل فى ماءٍ غسله به وسقاه. رفعت عنه الغطاء وجدته فاتحًا فمه كأنه أراد أن يقول شيئاً. وأغمض عينه الواحدة للأبد..صرخت الأم صرخة مدوّية. سأله القاضى: لماذا جرعته سماً؟
قال الفكى مزمجرًا: إنه المسيح الدَجّال.. مالكم كيف تحكمون!؟

ليست هناك تعليقات: