بقلم: خيري عبدالعزيز
الكاتب الجيد هو من له لغة تميزه
عن غيره, يُعرف بها بدون النظر إلي اسمه المزيل في الصفحة الأخيرة, ويُشتم منها
أريجه, ويطل من ثناياها وهج فكره, وهكذا هي أحلام مستغانمي بلغتها السردية
المغموسة في الشعر, أو لغتها الشعرية المغموسة في السرد, ولو تكلمنا إلي الغد عن
أحلام وأعمالها الروائية, فلن نتطرق إلي البنية الروائية, ولا الحبكة, ولا الصراع,
ولا رسم الشخصيات وتحليلها النفسي, لن نتكلم عن أي من هذا, فقط سنتحدث عن اللغة,
واللغة فقط, فلا شيء يميز أحلام سواها..
عُرف عن
الرواية كقالب أدبي حاجتها إلي لغة متحررة منطلقة؛ لتتمكن من زمام الوصف, ورسم
الشخصيات, ومواكبة الأحداث, فالرواية تحديدا عمل يضج بالحياة والفوران, هي الحياة
مصغرة بحبكتها وشخصياتها وأحداثها, ولكل هذا كانت الحاجة للغة مرنة تستطيع احتواء
تلك الحياة والتعبير عنها, فلغة الروائي تحديدا لم تكن أبدا غاية في حد ذاتها -ربما
هي كذلك في الشعر, فالشعر هو موسيقي الكلمات- ولكنها عند الروائي مطية من أجل
الرسم والتعبير, هي الفرشاة وليست الموضوع, ومن هنا جاء اختلاف أحلام, فأحلام قلبت
الآية جعلت اللغة هي الموضوع والغاية في أعمالها الرواية, وما دونها هو المطية,
وهذا حقيقة ما لمسته في روايتها الأخيرة "الأسود يليق بك", ما أثار إعجابي
بحق هو قدرتها الفذة علي فرد ما ينيف عن الثلاثمائة صفحة لموضوع ذو بنية روائية
محدودة, وشخصيات تعد علي أصابع اليد الواحدة, بل وأقل, وأحداث هلامية لا تخدم قضية
ولا فكرا..
"الأسود يليق بك" أقرب
إلي الإلياذة والأوديسة, شعرا مطولا في شكل سردي, كسرت السمت التقليدي للرواية, فهل
ما يحدث علي يدي أحلام هو كسر للحدود بين القوالب الأدبية, ومقدمات اختلاط بين
الحابل والنابل؟!..
المبهر
بحق هو ذلك الغزو الذي تم إلي عقول القراء, حتى الذين لا يقرءون أثارهم الفضول وتم
استدراجهم بنجاح. وهنا يجب أن نتساءل:
"هل
نحن شعب ذو ذائقة؟!.."
-
ظني
أننا شعب حقيقة لا يقرأ, ولا يقدر أن يحكم بموضعية دون النظر إلي الأسماء, ولكن يوجه
إعلاميا إلي الاستهلاك, وكان التوجيه هذه المرة إلي "الأسود يليق بك"..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق