مجتمعاتنا تحتفي بالموت أكثر من الحياة
القاهرة - إبراهيم حمزة:
يمنح
الكاتب المصري أحمد طوسون ذاته كاملة لإبداعه، ويمنح وقته وجهده لخدمة
الأدباء من خلال أكثر من مدونة متخصصة، آخرها مدونته “حي بن يقظان”،
المخصصة لنشر إبداع كتاب الأطفال، وكان طوسون قد أصدر مؤخراً عمله السادس
للأطفال بعنوان “الصندوق والكنز”، فضلاً عن رواياته وقصصه، التي كان لها حظ
الفوز بجوائز عدة، يؤكد أن مجتمعاتنا تحتفي بالموت أكثر من الحياة، وحول
الأدب يتحدث طوسون في هذا الحوار . .
هل يمكن القول إن روايتك “مراسم عزاء العائلة” كانت تمهيداً لكتابتك للأطفال؟
أي
كتابة هي بالضرورة مدخل لكتابة أخرى، السارد الطفل يعطي شعوراً بالصدق
الفني، وله عين ترصد من منطقة وعي مختلفة ظننتها ضرورية بالنسبة للعمل،
الوصف ببراءة وبكارة قد يبدو ساذجاً إن ورد على لسان سارد آخر بوعي ورؤية
يختلفان عن وعي السارد في الرواية، لكن السرد الذي جاء على لسان طفل راوٍ
في مراسم عزاء العائلة، حيلة استخدمها قبلي روائيون كُثر، ولم تكن مؤشراً
على ارتياد كتابها مجال الكتابة للطفل .
اللغة في القصة القصيرة لديك محملة بالمجاز والبلاغة، بينما تميل إلى اللغة البسيطة في الكتابة للأطفال؟
اللغة
في الحالتين تمثل أداة تعبير وتوصيل للأفكار، كما أنها عنصر أساس في
البناء الفني للنص الأدبي وتوليد الدلالة، وبالتالي فكل نص سواء كان موجهاً
للكبار أم للأطفال يختار لغته وجمالياتها الخاصة، بالتأكيد تتسع القصة
القصيرة بطبيعتها لاستخدامات لغوية مجازية وبلاغية من الصعب استخدامها في
النص الموجه للطفل، خاصة في مراحل الطفولة المبكرة التي تعتني بزيادة
الحصيلة اللغوية للطفل، لكن هذا لا يمنع من استخدامات مجازية وبلاغية في
النص الموجه للطفل بما لا يؤثر في قدرته على استيعاب الأفكار الرئيسة أو
التشويش عليها، لأن لهذه الاستخدامات أهميتها في تشكل الذائقة اللغوية
للطفل .
مجموعتك الأخيرة للأطفال تميل إلى التقليدية من حيث الطول والحبكة والنفس الحكائي ذاته، هل هذا توجه لديك؟
هذه
الروح أعتقد أنها توجه في الكتابة عموما بعد أن عشنا سنوات يُستلب الكتاب
تحت دعاوى الحداثة والتجريب، وعليك أن تراجع مثلا نصوص القائمة القصيرة
لجائزة البوكر العربية في دورتها الأخيرة كأنموذج، لكن علينا، أو بتعبير
أدق، على النقاد أن ينتبهوا إلى أنها ليست التقليدية بمفهومها الكلاسيكي،
إنها أشكال تبحث عن روح الأصالة في الإبداع وتستدعي الشكل القديم بمفاهيم
حداثية .
فازت مجموعتك “حكاية صاحب الغزلان” بجائزة الشارقة للإبداع العربي، لماذا لم تجرب ثانية الاعتماد على نص تراثي مرة أخرى؟
اعتمدت
على نص تراثي في “حكاية صاحب الغزلان”، لأنه كان أحد الشروط الواجب
توافرها للتقدم للجائزة، حينها خطر في بالي نص “حي بن يقظان”، وراودتني
فكرة أن أستلهم معالجة سبل الوصول إلى المعرفة في نص ابن طفيل، وتقديمها
للأطفال من خلال فكرة إبراز دور العقل .
ألاحظ سيطرة شبح الموت والتذكر على كتاباتك للكبار من أين يأتي الحزن؟
أظنه معنا في كل وقت، في الحب، في الفقد،أحياناً أشعر بأن الحزن درجة من درجات الوصول إلى إنسانيتنا، ربما موروثنا الثقافي أسهم في تلك النظرة، فمجتمعاتنا تحتفي بالموت أكثر من احتفائها بالحياة .
http://www.alkhaleej.ae/portal/259342a0-192b-4347-a469-48de1738e2c2.aspx
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق