طالب كريم حسن
امتطى صهوة الشعر
فارسا ً وسيما ً حيويا ً , وقامة عراقية شامخة , متمكنا ً من أدواته الشعرية ,
اعتلى منابر الشعر إلى جانب قامات شعرية عراقية وعربية لاتطاول , فتألق في جميع
المحافل الثقافية والمهرجانات التي أقيمت داخل العراق أو خارجه , فوصل صوته
المعبّر عن الثقافة وهمومها وعن الوطن وجراحه , إلى مدن العالم , فأقيمت له أمسيات
تألق بها , في لندن وفرانكفورت والقاهرة ودبي والسودان ومدن أخرى , وقد ترك فيها
بصمة مازالت نكهتها حاضرة , وهو الذي بدأ مشواره بقوة , شهد لها كبار شعراء
العربية , حيث وقف وقفة الفارس الشجاع الواثق من إبداعه , ليقرأ في المربد الشعري
منتصف تسعينيات القرن الماضي , ويتألق ويلفت النظر إليه , باعتباره شابا وسيما ,
قدّم نصا ً شعريا مدهشا ً , جعل الشعراء يقفون احتراما وتقديرا له , وفي مقدمتهم
شاعر العربية الكبير محمد الفيتوري , الذي أشاد بهذا الصوت الشعري المتوهج قوة
وأصالة وشعرا منسوجا من دقة التصوير وجودة التعبير وصفاء اللغة والشعرية العالية
التي تميز بها نصه , الذي كان نصا جريئا في موضوعته وخطابه المختلف , ومنذ
انطلاقته الباسلة تلك , وهو يقدم عطاء شعريا متميزا حريصا على العمق والأصالة
والجودة الفنية التي جعلته متميزا , فقدم مجموعات شعرية مهمة , وكذلك رؤى نقدية
متقدمة , وسعى سعيا جادا في المجال الأكاديمي , واختار الأصعب في البحث والدراسة ,
فكانت رسالة الماجستير غورا جماليا وإبداعيا مبتكرا في سفرنهج البلاغة لسيد
البلغاء الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام , فيما كانت رسالة الدكتوراه مبحرة
بنقد النقد , ليحصل على الدكتوراه بجدارة وبامتياز بدرجة شرف , في أروع وأنضج
وأعمق جلسة مناقشة شهدتها صروح الدرس الجامعي ,. وقد أدهش المناقشين والحاضرين
بثقافته الواسعة وقدرته الكبيرة في تناول موضوع رسالته.
ورغم انشغاله
الإبداعي والأكاديمي العميق , فقد نجح الدكتور نوفل أبو رغيف إداريا , بعد أن
تسلّم مسؤوليته الجسيمة مديرا عاما في دار الشؤون الثقافية العامة , فأعاد الروح
لهذه الدائرة العريقة , التي شهدت قبله رتابة وركودا أبعد عنها المبدعين والمثقفين
, فصارت قفرا , بعيدا عن عمق الثقافة وهمومها , ليأتي أبو رغيف ويعيد الحياة إليها
ويجعلها في الطليعة , ولتصبح الجنة الثقافية التي يؤمها المثقفون ويقدمو ن عطاءهم
الوفير ويساهمون في نشاطات الدار التي صار لها وقع مهم وإيقاع خاص , رغم عبء
التمويل الذاتي الذي حدد آفاق التطلع الكبير للدكتور نوفل , ومع هذا فقد قدم عطاء
ملفتا , عبر أكثر من ثلاثين سلسلة ثقافية , كما طوّر مجلات الدار بتعزيزها بكادر
جديد متخصص , ورؤى ثقافيـة مواكبة لثقافات العالم الجديدة , كما أنه أسس مجلة
" آفاق أدبية" لتسهم في رصد الحركة الأدبية في العراق وتضيف نافذة جديدة
للأدباء والمثقفين ولأن الدكتور نوفل أبو رغيف تميز
بالعطاء الثقافي ورصانة الأداء , فقد اختير متحدثا رسميا لمشروع بغداد عاصمة
الثقافة العربية , وقد أدى دوره بدقة متناهية ووعي عال ٍ ومسؤولية كبيرة , وصار
الصوت الأصفى والأنقى والأكثر تعبيرا عن كل برامج الثقافة , ممثلا للوزارة ,
ووزيرها الدكتور سعدون الدليمي , الذي يتابع نشاطات الدكتور نوفل ابو رغيف ,
مباركا داعما , لأنه يعرف قدراته , التي أدت إلى تكليفه بمهمة جسيمة أخرى , هي
المدير العام لدائرة السينما والمسرح , التي عانت الكثير من الإشكالات , ليتقدم
لها فارس القول والفعل الدكتور نوفل , ويعطيها من إخلاصه ودأبه وخبرته وحرصه ,
ويعيد لها الحياة ويضعها في الطريق الصحيح لبلوغ الهدف الثقافي الوطني النبيل
ومازال في مسعاه واثق الخطو , يمارس المسؤولية بأعلى درجات الكفاءة ودقة الأداء.
الحديث عن شخصية
ثقافية لها تأثيرها العميق في الثقافة العراقية يطول ويتشعب , وربما يكون موضوعنا
هذا مدخلا , للكثير من نقاط الضوء حول هذا المبدع المثقف , الذي رأى فيه جميع
المثقفين المخلصين أملا كبيرا لإعادة الروح للثقافة العراقية الأصيلة, تحية تقدير
وإعجاب ومحبة لهذا الفارس النبيل , ونسأل الله تعالى أن يوفقه .
هناك تعليق واحد:
أود طرق بابك سيدي الكريم
لأن أبواب وطني وناسي مغلقة للاسف
عانيت طويلا واشتد بيا العناء كثيرا من هذا الذي سمي بالتهميش ...التهميش الادبي ...
ريم عبد الاوي
العنوان حي علي بن احمد اولاد حفوز سيدي بوزيد
0021628883166 لمن يريد أن يتبنى كمشة كلمات ستحرقها شمس التهميش
إرسال تعليق