2013/12/09

الإزدراء.. قصة بقلم: ياسر محمود

الإزدراء
ياسر محمود
" أنتم يا سكان الأرض . . لا هم لكم سوى بطونكم و شهواتكم و حبكم للمال و القوة و عشقكم للحرب التي جعلت منكم أدني شعوب المجرة "
   كان ذلك أول ما سمعه "معاذ" في منزله يعد أن أطلق بإصبعه إشارة إلي "التلفاز المجسم" في بيته . لقد كان بيان الغزاة المجريين إلي سكان الأرض .
   لقد أحاطت المركبات الفضائية الغازية بكوكب الأرض – خاصة في المناطق المزدحمة – حتى لتُري – و علي ارتفاعات منخفضة – بالعين المجردة في تجمعات كبيرة . منذ ثلاثة أسابيع و هي تحيط بالكوكب الأزرق ، ظهرت فجأة من العدم أو هكذا خُيل لشاشات المراقبة الأرضية و لأجهزة الرادار .
   لم تفلح معها الصواريخ النووية و لا القذائف الليزرية . . و لا القنابل الصوتية و ذخائر الطاقة ، و لا أي شيء نجح في زحزحة أيا منها مقدار بوصة عن مكانها
   أخذت تدرس أماكن عدة علي الكوكب البائس و تخطف أناساً لهم أهميتهم و ثقلهم داخل الكوكب الذي سكت كل شيء فيه حتى الهمس !
   اختطفوا ناساً عاديين وعلماء – بالطبع – و لاعبي كرة –دون أن يعرف الناس لماذا ؟ - و رسامين و فنانين بل و حتى رؤساء دول ! و غيرهم ! من أخبرهم عن كل هؤلاء و عن مهنهم ؟! سؤال لا يستطيع أي بشري الإجابة عليه . إلا أن " معاذ " قال لنفسه :
لابد أنهم يراقبوننا من زمن ، و ما ظاهرة الأطباق الطائرة – أو " اليوفو " كما أطلق عليها سوى رسل و جواسيس الحرب لغزو كوكبنا المسكين .
مسكين كوكبكم . . لقد دمرتموه بغبائكم المتناهي ، كائنات متخلفة تتصارع علي القوة و مصادر الطاقة و مساحات الأرض و ليس فقط علي كسرة الخبز و قطرة الماء ، غير مدركين أنها ستتوافر و بكميات هائلة بإتحادكم .
   لم يرَ " معاذ " وجهاً يحدثه . . فقط شكل لشخصية كرتونية – كما كان يعتقد – عند الزوار الغرباء– تتحدث عبر كل شاشات التلفاز المجسم في العالم بأكمله بكيفية مجهولة .
   أيضاً حتى الأشخاص الذين اختطفوا . . كان لا يعرف أحد كيف اختطفوا ؟! كل ما كان يحدث صدور بيان من الغزاة بكل لغات العالم الأشهر المختلفة في كل التلفيزيونات العالمية ساعة اختفائهم .
   كان كل شيء غامضاً . .
   حتى بعد صدور البيان الثاني :-
   من الآن مُحرم عليكم التقاتل و التحارب . مًحرم عليكم كل أمر يًعد من أساليب استعراض القوة ، كل أسلحتكم لابد أن تدمر بحلول نهاية الأسبوع الرابع من قدومنا . .
   و إلا . .
   فالويل لكم من اتحاد كواكب المجرة . .
   و كانت لكنة الصوت آمرة و صارمة ! . .
   جعلت الكل مذهولاً . . ذهول الرعب الذي يتملكك من رأسك حتى أخمص قدميك !
*     *     *
   كان البيان الثالث – و الأخير – أشد غضباً و سخطاً و غيظاً كما خُيل لـ " معاذ " في مخبئه أسفل كتل ثلجية ضخمة أعادت العالم إلي العصر الجليدي ، يتذكر " معاذ " الجزء المهم منه بكامل معانيه .
إننا نزدريكم يا سكان الأرض . . يا أكثر أهل المجرة تخلفاً ، المجرة التي تحتوي علي مائة بليون نجم ، أنتم في ذيل الشعوب المتحضرة عليها . . ، إلا أن علمكم أصبح علي بداية سلم غزو كواكب المجرة بشهوتكم للامتلاك التي لا يقف أمامها شيء . . و نحن لن نسمح لكم بغزو الكواكب المتحضرة في المجرة .
واصل الكرتوني حديثه باستهزاء و غضب يليقان به ! :-
يا لطمعكم و غبائكم الشديد – أنتم غوغائيون أمام أي حدث ، كيف تهاجموننا بعد بياننا الثاني بوسائل حربكم المتخلفة . .
أتظنون أنكم قادرون علينا !
و تلك الدولة المتغطرسة التي تسمونها بالعظمي أو القطب الأوحد . .
كيف تجرؤ علينا ؟!
صمت فجأة الصوت – كما يتذكر معاذ دائماً في مخيلته المتعبة – و بدا صوت طرقات قوية علي منضدة كرتونية صغيرة تبدو و كأنها تنظر من الشاشة ثم قال الصوت بعد طرقات الحرب في صوت بشع :-
إننا سنبيدكم . . سنبيدكم
أنتم عار علي الكون المتحضر ، و علي  سكان المجرة لا تستحقون سوى كلمة واحدة في قاموسكم . . كلمة واحدة هي
الازدراء  !
كررها الصوت و بكل اللغات

ليست هناك تعليقات: