حساب الأرباح
والخسائر لعام 2013
فؤاد قنديل
لا يشك إنسان لحظة في أن العام
المنصرم .. كان عاما مجنونا ودمويا بامتياز..كان دون مبالغة عاما هاربا من الجحيم
.. جاءنا في شكل سنة من الزمان ، لكن زمنيته كانت قناعا ولم يكن في الحقيقة غير وحش
هائل الحجم . في فكيه سيوف على شكل أنياب وفي عيونه مدافع وبطنه مدججة بالقنابل ينثرها
كحبات الرمل في الطرقات ثم تنفجر وتقتل وتسيل الدماء أنهارا وتمزق الأجساد إلى أشلاء
وتخطف الأبناء من الأمهات والأزواج من الزوجات .. دمر المنشآت وهدم المساجد والكنائس
وأشعل الحرائق في كل مكان وتحولت كثير من المناطق في العالم أجمع إلى أشجار تبلغ حدود
السماء من النيران التي كلما علت واحمرت عيونها هدمت ودمرت لتتعالي الصرخات من قلوب
مكلومة تتعذب بالفراق وصدمات الفقد الذي طال الأحبة والرفاق والأهل ، وإذا مست الكائن
الوحشي لحظة رحمة حرص أن يقضي على عائلات بكاملها حتى لا يبكى أحد على عزيز فالكل غيبه
التراب والرصاص والعنف البشع الذي أودي بعشرات الآلاف في سوريا ومصر والسودان والعراق
وأفغانستان والعديد من دول العالم ، لكن إحساس المصريين كان مختلفا عن غيرهم لأنهم
شعب مسالم وصابر وجُبل على العفو والسماح ويستمتع بالنسيان ويبحث عن الفرح بالنكتة
والحب وقليل مما يخدر ويفرغ العقل من الهواجس .
فوجئ المصريون بالدمار يركض
في الشوارع وينفجر تحت الأسرة وفي الأتوبيسات وأثناء الصلوات وفي المؤسسات ، بينما
الآلاف من عربات الإسعاف عاجزة عن جمع الأشلاء ..فوجئوا لأنهم أبدا لم يعتادوا الموت
السريع وبهذه الكميات المرعبة وبهذه الأساليب الرهيبة الكاسحة التي لم يشهدوها إلا
في الأفلام الأمريكية المنتجة الأولى للإرهاب في الحقيقة والخيال .
أشعلت جماعة إخوان الشياطين النيران
في كل مكان ولم تترك أسرة إلا وأصابتها بقتيل أو جريح أو فقد لسيارة فجروها أو لمحل
دمروه أو مال سرقوه أو امرأة دهسوها أو طفل يتموه قربانا - من وجهة نظرهم الدنيئة
- لله سبحانه وتعالي وتعبيرا عن منتهى الإخلاص له والإصرار على مواصلة الجهاد ضد المصريين
الكفرة ، والحق أنهم كانوا يقترفون كل الآثام من أجل المال والسلطة لا من أجل الدين
ولا من أجل هداية البشر المارقين .. لقد كشفت هذه الكائنات العجيبة عن جبال الكراهية
التي تحتشد بها أعماقهم وتتناثر على سفوحها عقولهم العمياء وقلوبهم المتحجرة وأرواحهم
المنقبة بالسواد ظاهرا وباطنا .. وهكذا نجحت هذه الكائنات المشوهة في إشعار المصريين
بالذهول بسبب كمية الشر الأسطورية التي تنطوي عليها نفوسهم ويتم تصنيعها كل لحظة ودون
هوادة مما أدي إلى تدمير واسع ليس من السهل إصلاحه لأنه من حيث التكلفة يحتاج إلى مليارات
الجنيهات أما من حيث الآلام فيحتاج إلى عقود وليس إلى سنوات .. وفي هذه الفترة استحضر
المصريون بحق لحظات آلام السيد المسيح الذي تعذب بالخيانة والتشويه والصلب ، وكان عذاب
المصريين بعد ألفي عام أضعاف آلام المسيح عليه السلام .
ورغم كل هذا البطش والدم والتدمير
فقد كانت للسنة المنصرمة أرباح لا يتعين تجاهلها ، ومنها :
1- التخلص من مرسي وجماعته .. ياااااااااااه .. شيء
خرافي حدث في الثالث من يوليو بعد أن خرج المصريون عن بكرة أبيهم في زحف تجاوز العشرين
مليونا يوم الثلاثين من يونيو وظلوا بالشوارع
حتى أسقط الجيش رئيس العصابة وأعوانه من الديدان السامة .. لقد خلصنا الجيش من كارهي
الوطن ، وليس شيء في الوجود أقدس من الوطن بعد الله.
2- الانتهاء
من إعداد مشروع الدستور الذي لم يكتب المصريون مثله رغم بعض التحفظات الطفيفة هنا وهناك
.. دستور أسميه دستور الإنصاف فقد أنصف كل الفئات والشرائح .. أنصف التاريخ المصري
والرؤساءالسابقين والقضاء والجيش والشرطة والصحافة
والمرأة والأقباط والشباب وذوي الاحتياجات الخاصة والأقزام والفلاحين والعمال والثقافة
والرياضة والآثار وغيرها.
3- ظهور حركة
" تمرد " .. تلك المجموعة النبيلة من الشباب الثوري الذين بدأوا حركتهم بالتوحد
حول معنى واحد هو رفض الحكم المتاجر بالدين الذي اختطف ثورة يناير 2011 وابتلعها مدعيا
أنها من صنعه .. وقد مس الشعار العصب العاري لمشاعر المصريين ، وعزف على أوتار تطلعاتهم
التي أدركت منذ المائة يوم الأولي من تولي مرسي السلطة مدعوما بجماعته أن الخراب لا
شك قادم وأنهم ارتكبوا أبشع أخطاء أعمارهم ، فأقبلوا بالآلاف ثم الملايين من كل حدب
وصوب يوقعون على استمارة بسيطة تعلن رفضهم للسلطة الغريبة التي لا علاقة لها بالمصريين
من قريب أو بعيد .
4- وقفة العرب مع
مصر خاصة دول الخليج .. دول النخوة والفروسية والكرم .. تقدموا من مصر في موكب حافل
بالمودة والإصرار على المساندة والمساهمة في إقالة مصر من عثرتها مؤمنين ومعلنين أن
مصر بشعبها وكل تراثها الحضاري دافعت عن العرب في مواجهة هجوم دولي كاسح تتصدره عصابة
الأعداء الإرهابيين.
5- تحسن العلاقات
بين الشعب والشرطة .. فقد خرج رجال الشرطة بكل عزيمة وتصميم على التضحية خاصة بعد فض
اعتصام رابعة لحماية كل فئات الشعب وممتلكاته ، ولم يركنوا لحظة طلبا للراحة فأسرعوا
يلبون دعوات الاستغاثة ويركضون في الشوارع للحاق بالكوارث قبل وقوعها أو تخفيف آثارها إذا وقعت .. عمل دءوب ومخلص ومن
أعمق أعماق القلوب يمضي باتجاه الوطن المهدد بغضب الملتاثين بالسلطة.
6- تحسن العلاقات
مع روسيا ، وهي خطوة واجبة لتحقيق التوازن في منظومة العلاقات المصرية الدولية.
7- بدايات مبشرة
لاستقلال القرار المصري وتأكيد السيادة المصرية ورفض كل تدخل في شئونها .. يأتي هذا
بعد ثلاثين سنة من الهوان على يد مبارك فلم يكن لمصر قرار خاصة مع التحالف الصهيوأمريكي
.. لقد أفضت سياسة مبارك إلى أن تتقزم مصر ولا يعيرها أحد التفاتا وتقافزت فوق ظهورنا
كيانات زاحفة من الأشخاص والجماعات والدول التي لا تري بالعين المجردة.
8- سوء العلاقات
مع أمريكا .. نعم ما أروع أن تسوء العلاقات مع هذه الدولة العدوانية التي تتحكم في
العالم مع أنها ليست إلا آلة وحشية عمياء بلا فكر أو تأمل أو نظر وبالطبع ولا رحمة
أو تعاطف ، فضلا عن ادعاءاتها المزيفة حول علاقتها بالديمقراطية وحقوق الإنسان وكلها
أكاذيب ، وتكفي العمليات الدنيئة المتمثلة في تنصت الإدارة الأمريكية على قادة كل دول
العالم تقريبا والكتاب الأسود الذي يضم قرارتها
ومواقفها الشوهاء والمدمرة مع أطراف كثيرة في العالم ليس كتابا لكنه يجب أن يكون موسوعة
.
9- نجاح الشرطة في
مقاومة الإرهاب وتقليل خسائره إلى حد كبير وما زالت هناك جيوب في الجامعات يجب التعامل
معها بمنتهى الشدة .
10-
إعلان الحكومة المصرية أن عصابة الأعداء ( الإخوان
المسلمون سابقا) منظمة إرهابية وإبلاغ الدول العربية بالقرار وكذلك دول العالم والأمم
المتحدة ومنظماتها لتعقب المجرمين في كل مكان .
11-
العمل العظيم للجيش المصري في سيناء فضلا عن مشاركته الجادة دون ضجة في حماية الجبهة
الداخلية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق