د.محمد سيف الإسلام بوفلاقــــة
-جامعة عنابة-الجزائر
تهتم مجلة بونة للبحوث والدراسات بنشر الأبحاث،
والدراسات التراثية، والأدبية، واللغوية، والمتابعات النقدية في مختلف الفنون
الأدبية، وعرض الكتب القيمة، والرسائل الجامعية المتميزة التي تصب في باب التراث،وقد
جاء العدد المزدوج عامراً بالدراسات الأكاديمية الثمينة،فقد انتقت المجلة
لافتتاحيتها مقالاً للعلاّمة محمد الغزالي-رحمه الله-،عنوانه:«هذا ديننا»،ومما جاء فيه قول العلاّمة محمد الغزالي:« لا أستطيع اتهام اليهود بالغباوة فهم ماكرون دهاة، ولا
أستطيع اتهامهم بالرخاوة فهم ناشطون مجتهدون، ولكنهم قوم يخدمون أنفسهم وحدها، ولا
يعرفون إلا مآربهم الذاتية ،وعلاقتهم بالله تجعلهم يدركون أن الله تابع لهم،
وليسوا هم أتباعا له، وإنه سبحانه ينبغي أن ينزل عند رغباتهم، لا أن ينزلوا عند
أوامره ورأيهم في الناس جميعا أنهم خلقوا لخدمتهم ، فالشعب المختار يعلو ولا يعلى،
ويقود ولا يقاد.وقد انتهى بهم هذا المنطلق إلى أوضاع جعلتهم يهلكون الشعوب حينا،
وتهلكهم الشعوب حينا آخر، وفي سعير هذا
التحاقد نذكر لليهود موقفين خطيرين، فقد شاركوا في الثورة الفرنسية، وألهبوا
الشعور الشعبي ضد الملكية المستبدة،
واستطاعوا تحت عناوين الحرية والإخاء، والمساواة ،أن يقتلوا أكثر من مليوني شخص في أوربة ،وحوض البحر
المتوسط.
وألغيت المسيحية وأعلن تقديس
العقل ! وهكذا انتقم
اليهود من معذبيهم خلال القرون السابقة، وقد قررت ذلك دائرة المعارف اليهودية، وبينت أن تمويل
الثورة شارك فيه ستة رجال من زعماء اليهود، ذكرت أسماءهم كما ذكر التاريخ أن وزير
المالية للملك لويس السادس عشر كان يهوديا، وهو الذي أغرق النظام بالديون، وكذلك
مدير القصر الملكي، و آخرين من اليهود
والخبثاء ،وقال حكماء صهيون في البروتوكول
الثالث يخاطبون جمهورهم: تذكروا الثورة الفرنسية التي نسميها الكبرى.. إن أسرار تنظيمها التمهيدي معروفة
لدينا جيدا، لأنها من صنع أيدينا ، ونحن من ذلك
الحين نقود الأمم من خيبة إلى خيبة !! .
ذلكم هو الموقف الأول، أما الموقف
الثاني في الثورة الشيوعية سنة: 1917م، إن يهود أمريكا قاموا بتمويلها، ومن هؤلاء فيلكس وأوتو،
وجيروم، وماكس، وستيف، أما الزعماء الروس بعد كارل ماركس اليهودي فهم لينين وهو
ربيب اليهود، وستالين، وزوجته يهودية، وتروتسكي وهو يهودي ، وكذلك كامييف وسوكنو
لنكوف، وزينوفيف، ويبنوف ،وشعار الشيوعية، لا إله والحياة مادة ، وأسلوبها الفذ
القوة المبيدة ، ولا يعرف التاريخ شبيها لحمامات الدم التي جرت في أرجاء العالم
الشيوعي ، لقد كان هتلر الحلقة الأخيرة في سلسلة من الحكام المسيحيين الذين نكلوا
باليهود على امتداد التاريخ، وقد ثأر اليهود لأنفسهم باختراع هذه الفلسفة المادية ومشاركة الناقمين في ترويجها،
ومساندتها.
وقد انتقل
اليهود الآن إلى الشرق الأوسط وظفروا في غفلة العرب خاصة والمسلمين عامة . بتكوين
دولة لهم، والأمور تتدافع إلى مستقبل أسود
، تسيل فيه الدماء أنهارا ! واليهود من
وراء هذا البلاء الماحق. .. »،
خصص الدكتور المفتي أيمن محمد علي حتمل من دائرة الإفتاء العام في عمان بالأردن،مقاله
للحديث عن«علو همة
علو همّة النبي صلى الله عليه وسلم في الصبر والمثابرة»،وقد ذكر في المطلب الأول من هذا المقال أن من المواقف الدالة على علو همة النبي صلى الله عليه
وسلم لبسه للدرع يوم أحد، حيث إنه صلى الله عليه وسلم جمع الناس، ثم وعظ الناس،
وأمرهم بالجد، والاجتهاد، وأخبرهم أن النصر ما صبروا . ...».
وفي ساحة المعركة قام رسول الله
صلى الله عليه وسلم خطيبا بالناس فقال: «يا أيها الناس أوصيكم بما وصاني الله في
كتابه من العمل بطاعته، والتناهي عن محارمه، ثم إنكم اليوم بمنزل أجر وذخر لمن ذكر
الذي عليه، ثم وطن نفسه على الصبر، واليقين، والجد، والنشاط، فإن جهاد العدو شديد
وشديد كربه ، قليل من يصبر عليه إلا من عزم الله رشده فان الله مع من أطاعه، وإن
الشيطان مع من عصاه، فافتتحوا أعمالكم بالصبر على الجهاد والتمسوا بذلك ما وعدكم
الله وعليكم بالذي وعدكم به، فإني حريص على رشدكم فإن الاختلاف والتنازع والتثبط
من الأمر والعجز والضعف مما لا يحب الله، ولا يعطي علي النصر ولا الظفر ...
والسلام عليكم»
وبعد انتهاء الغزوة يخرج رسول
الله بجروح في وجهه وآثار الحلقات فيه، مشجوج في جبهته ورباعيته قد شظيت، وشفته قد
جرحت من داخلها، يتوجع من منكبه الأيمن على أثر ضربة ابن قميئة، وركبتاه مجحوشتان
فيصلي ركعتين ...،أيُّ همة تلك يا رسول الله وأيُّ ثبات، وأي صبر، مثخنٌ بالجراح
في حرب قوية تكسرت فيها السيوف على السيوف والنصال على النصال والرماح على الرماح
ومن ثم تخرج لملاقاة أعداء الله تعالى وأنت يا رسول الله على أتم الاستعداد، ونأخذ
الدروس والعبر من هذه الهمة العالية لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
- دين الله تعالى محفوظ يصل إلى الأجيال المتلاحقة من الخلف على دماء السلف
وتضحياتهم وثباتهم وعلى رأسهم صاحب الدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- يعلمنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل ما يصيب المسلم من جوائح وأحزان يجب مقابلتها
بحمد الله تعالى، وعدم البكاء، والعويل، والعيش في أجواء الهزيمة ،والنظر إلى
الوراء، لأن مسيرة الإسلام المظفرة لا تتم إلا بالمضي قدماً نحو المجد وترك
الجراحات ليداويها الزمن ويدمل أثرها.
- إظهار قوة
المسلمين أمام قريش والقبائل العربية والتخفيف من حجم الخسارة ،وإظهار القوة،
والعزيمة في التصدي لأي هجوم على المدينة المنورة.
-إبعاد
المقاتلين الذين شهدوا أحد عن أجواء البكاء في المدينة، وعن شماتة اليهود،
والمنافقين، وملامة المسلمين لبعضهم في قضية النزول عن جبل الرماة.
- معالجة
الجراحات النفسية والجسدية والمرور بمراحل نقاهة بعيداً عن المدينة ليعودوا
أقوياء.
وبالنسبة إلى علاقة الصبر والثبات عند النبي صلى الله عليه وسلم بعلو الهمة،فقد
تبين للدكتور محمد علي حتمل،من خلال ما قدمه في بحثه المتميز أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم يتفجّر همة في
أوج الفتك والشدة مع صبره، فيعطينا رسول الله صلى الله عليه وسلم درساً في كيفية
أن يرنو المسلم بنظره إلى الأمام ويترك النظر إلى الوراء ومن الأمثلة على ذلك:
-في قمة المعاداة لرسول الله صلى الله
عليه وسلم من قبل كفار القريش ومحاولة قتله واغتياله ليلة الهجرة، لم ينسَ النبي
صلى الله عليه وسلم أن يرد الأمانات إلى أهلها، فهذه من الملامح العظيمة لعلو
الهمة في حفظ الأمانات، فالمتبادر إلى الذهن أنه لو كان أي شخصٍ منا في ذلك الموقف
هل سيرد أمانات أعدائه؟.
-أيضاً في وسط البلاء والرمي بالحجارة
ودماء رسول الله تسيل منه في يومٍ لم يلقَ مثلهُ رسول الله من الشدة في غيره، كما
أخبرنا في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما ذهب إلى الطائف تظهر الهمة
العالية مع الصبر على الشدة والأذى، لم يبالِ رسول الله بما حصل له ،بل دعا "
عدَّاس " إلى الإسلام وأسلم، ويرفع يديه إلى السماء يدعو ربه ويطلب العون
والنصر، والمهم أن لا يكون ما أصابه صلى الله عليه وسلم هو غضب من الرحمن جل
جلالهُ.
-يظهر أيضاً موقف الرسول الله صلى
الله عليه وسلم في قمة عناد قريش وصدهم عن دين الله، حيث توعدوا رسول الله ودعوته
بالشر، تنطلق همة رسول الله بصبر وثبات ويقول قولاً يُدرس ويُكتب بماء الذهب «يا
عم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما
تركته».
-بعدما أصاب المسلمين القرحُ والأذى
في غزوة أحد، وأصيب رسول الله فيها ما شاء الله تعالى أن يُصاب لم يقعد رسول الله
يبكي على القتلى ويندب عليهم بل صبر وثبت، وتعلو همته فينطلق في اليوم التالي وراء
أهل الكفر في حمراء الأسد والتي كانت ثمارها
ايجابية على المسلمين.
المقال الثاني في المجلة،كتبه الدكتور مسعود
بودوخة،من كلية الآداب في جامعة سطيف،وقد جعله للحديث عن: «القراءات المعاصرة للقرآن الكريم بين المنظور الاستشراقي والمنظور
الحداثي»،وقد استهله بالإشارة إلى أنه لا
يمكن لمن يريد أن يتناول آراء المستشرقين ومواقفهم من القرآن الكريم أن يغفل جانبا
هاما في هذه القضية، إنه عدم إيمانهم بإلهية القرآن، وبنبوة محمد (صلى الله عليه
وسلم)، فهذه الخلفية لا بد من استحضارها من أجل الوعي بمواقفهم وتفسيراتهم للظواهر
المتصلة بالإسلام عموما، وبالقرآن الكريم على الخصوص، فـ"لو أقر المستشرقون
بأن القرآن وحي سماوي أنزله الله على قلب محمد بلفظه ومعناه، ولم يكن من فيض
عبقريته أو خياله لزال عنهم كل غموض وإشكال ولخرجوا من متاهات التخمين" وإنه
لمن الصعب ـ بل من المستحيل ـ في معالجة القضايا الدينية التجرد من الآراء
والمعتقدات، كيف وهي التي تحدد النقطة التي يقف فيها الباحث ناظرا ودارسا لمجمل
القضايا التي يعالجها، هذا على فرض إرادة الحياد والتخلص من رواسب الصور المغلوطة،
والمشوهة، التي تراكمت على مر الزمن، كما هو عليه الحال في حالة الاستشراق؛ فهذا
الاستشراق ارتبطت بداياته بالصراع الإسلامي النصراني في الأندلس، وصقلية، ومثلت
الحروب الصليبية أبرز حلقاته، وكان هذا الأمر وراء كثير من التشويه الذي لصق
بالإسلام ونبيه وكتابه لدى الغربيين، ولا تزال تداعياته إلى اليوم....
وينبه الدكتور مسعود بودوخة إلى نقطة مهمة،وهي
أن المستشرقين،سلكوا ثلاثة سبل في معالجة
قضايا الفكر الإسلامي والقرآن الكريم بالذات:
تفسير الدين تفسيرا أسطوريا بالمعنى الخرافي
للأسطورة،وإخضاع النص لعمل العقل، ومحاكمته في ضوء ما يقرره هذا العقل غير المعترف
بما يتجاوز مجاله،وإخضاع الشرع وأحكامه للواقع، وجعله حَكَما عليها.،
ومن أبرز القضايا
التي أثارها المستشرقون وركزوا عليها في تناولهم للقرآن الكريم، وبنوا عليها كثيرا
من أحكامهم إزاءه:
أ/عدم التسليم بإلهية القرآن.
ب/الشك في صحة النص القرآني وسلامته من التغيير.
ج/ تحكيم العقل
والواقع في القرآن.
كما
نقرأ في العدد المزدوج: (21/22) من مجلة بونة للبحوث والدراسات، مقالاً للباحث الدكتور سعد
بوفلاقة من كلية
الآداب بجامعة عنابة، عن«شعرية القريض:بحث
في ماهيته، ومفهومه، وأقسامه»، ونلفي دراسة متميزة للدكتور محمد محجوب من قسم اللغة العربية في كلية التربية بجامعة أم درمان
الإسلامية في السودان،بعنوان:«الغَزَل في مُوَشَّحَاتِ الأعْمَى
التُّطِيْلِي" قَضَايَاهُ وخَصَائِصُهُ "»،وقد وصف الدكتور محمد محجوب بحثه بأنه يقوم بدراسة قضايا وخصائص الغزل في موشحات الأعمى
التطيلي،وخلص إلى أنه حافظ - إلى حد ما - على النمط التقليدي لموشحة الغزل،لكن هذا
لم يحرمه - في كثير من الأحيان- من التأنق في الوصف،وخلع المظاهر الحضارية
والمدنية على أغزاله،وقد ظلت صورة المرأة
المشرقية بملامحها ،وسماتها الجمالية مسيطرة علي روحه، ووجدانه ،وصوره.كما خلت
أغزاله من الروح العذرية ،أو تصوير الحب بمنأى عن رغبات الجسد ونداءاته،و امتاز
خطابه الغزلي بالمباشرة والتلقائية، وحرص على
البساطة في التعبير،والتأنق في الصورة،والتجديد في المعاني.
وقد خصص الباحث عبد المالك عثماني مقاله
لمعالجة موضوع: « البنية الإيقاعية في الشعر العربي المعاصر(الملامح و
التجديد) »،في حين بحث الكاتب المغربي منير الروكي في مقاله عن علاقة« النخبة التجارية الفاسية بالمخزن
خلال القرن التاسع عشر»،وقد قدم في مقدمته صورة مصغرة عن بحثه،حيث
يقول:«ساهم انفتاح
المغرب في وجه التجارة الأوربية طيلة القرن 19 في استعادة فاس لنشاطها التجاري
القديم، وتصدرها لأهم الأنشطة الاقتصادية، والمالية في البلاد، فمع تنامي غزو
التجارة الأوربية للأسواق المغربية في ارتباط وثيق مع ازدهار الرأسمالية الأوربية،
ومدها الاستعماري، ارتبطت هذه المدينة بعلاقات تجارية مهمة مع عدد من الدول
الأوربية، والأسواق الإفريقية والدول الإسلامية واندمجت تدريجيا في النظام
الرأسمالي العالمي…».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق