"فروض الهوى البغدادي قراءات في تمثلات المدينة
وكشوفها" كتاب جديد للدكتور علي حداد
محمد رسن
عن الموسوعة الثقافية التي تصدر عن دار
الشؤون الثقافية صدر كتاب حمل عنوان (فروض الهوى البغدادي) قراءات في تمثلات
المدينة وكشوفها لمؤلفه الدكتور علي حداد يقع الكتاب في 182 صفحة من القطع الصغير
يبحث الكتاب في هوى بغداد وتمثلها عند اربع شخصيات ادبية مهمة في تاريخنا الثقافي
وهم /أبي حيان التوحيدي /الملا عبود الكرخي /الأب أنستاس ماري الكرملي/معروف
الرصافي /على ماتفاوتو عليه في الزمن واللغة ونوع الخطاب.لقد كان عشق بغداد لدى هؤلاء
فرضا مستديما أترع الأدب العراقي بنماذج غنية في المشاركة الوجدانية تمثلت ليس في
وصف شمائل بغداد انما تعدى ذلك كما في الرسالة البغدادية للتوحيدي الى وصف أبنية
بغداد وأقسام بيوتها أثاثها وعطورها خمورها وجواريها مجالس اللهو والادب فيها
وجلاسها وقد بذل كل هؤلاء باقتدار تام جهدا واسعا في عرض مكانة بغداد وأجواء بغداد
الاجتماعية والسياسية في تعاطف شديد بين المبدع وكيانه الجغرافي ثم كان لكل هؤلاء
تجربة في البعد عن بغداد لكنها اي بغداد كانت العش الدافيء لحياتهم وعواطفهم
وأدبهم وما كرسوه لها في أدبهم وعطائهم سواء النثر أم في الشعر.يمثل الكتاب جولة
معرفية وثقافية مكتنزة بمزايا المكان البغدادي بما له من فرادة وخصوصية وفي
المشاعر الجياشة لدى هؤلاء الكبار الأربعة عاشقي بغداد بلا منازع.يتحدث الكاتب في
الفصل الأول من الكتاب عن صورة بغداد كما رآها التوحيدي في "الرسالة
البغدادية"متطرقا الى ان الرسالة البغدادية عن بغداد ولمؤلفها المحب لهذه
المدينة كان منتم إليها بوعيه وأحاسيسه ووجدانه حد الانشداد إلى كل ماينضحه وجودها
المكاني وتكشفات الحضور الإنساني فيه وبمختلف أمثلته وصوره ولم يكن أبو حيان
التوحيدي بعيدا عن هذه الرؤية والتمثل الشعوري فبغداد ذات حضور كبير في مؤلفاته
كلها عبر مسماها الذي كثيرا ماقرنه بتوصيفها "دار السلام"ومن خلال ذكر
مسميات حاراتها وأسواقها وقصورها وأنهارها وذكر رجالاتها البارزين في السياسة
والعلم والأدب بل إن أبا حيان يبحث أبعد من ذلك فيهتم بذكر المغنيين والمغنيات
فيها مشيرا اليها بالأسماء والمكانة والبعد الإنساني الذي ظهروا من خلاله من دون
أن يفوته بث حكاياتهم ومجونهم بين سطور ذلك الحديث وحمل الفصل ايضا مواضيع اخرى
مثل"ابو حيان التوحيدي مقارية تعريفية"و الرسالة البغدادية المضامين
والانشغالات"وفي الخاتمة حصيلة القراءة.كان للباحث في فصله الثاني وقفة مع
الراهب الذي عشق مدينته "تراث بغداد الشعبي في كتابات الأب أنستاس ماري
الكرملي"يقول كان الأب الكرملي يعتقد أن من أول مستلزمات النهوض بواقع البلد
هو أن ينال العلم المكانة الجليلة في المجتمع من خلال وجود من يبناه ويسلك سلبه
معرجا الى أهمية التخصص في مجالات المعرفة المختلفة لدى الأب الكرملي حيث لديه
لاينهض العلم إلا بعد أن يتخصص رجال لأبحاث معدودة ويعدون لها العدة اللازمة
للتفرغ لها تفرغ صادق حاصرين لها اوقاتهم وقواهم ويشير الكاتب الى مدى تعلق الكرملي
باللغة العربية حيث كان يبذل قصارى جهده في إظهار فضلها وبيان منزلتها الرفيعة بين
سائر اللغات وتضمن الفصل ايضا مقالات عن الكرملي منها"الكرملي التأسيس الانساني
والمعرفي"و"الكشوفات البغدادية عند الكرملي"و"طقوس زيارة
المراقد المقدسة"و تقاليد الاعراس والوفيات.."الرصافي والكرخي ضفتا
بغداد الشعريتان ومابينهما"عنوان الفصل الثالث في الكتاب نقتطف منه،تجمع بين
الرصافي والكرخي أكثر من صلة وتفرق بينهما سواها الكثير وذلك كله ممايشرع الرغبة
لمعاينته من خلال تتبع تاريخي لتفصيلات حياة كل منهما لقد عاش كل منهما طفولته
وصباه وشبابه في بغداد وتلقى معارفه الاولى هناك مثلما تفتحت مواهبه الشعرية
وتأسست مرامي وعيه وانشغالاته الفكرية والسياسية والاجتماعية في تلك المدينة ذات
التاريخ الانساني والثقافي الخاص والمتميز وهو الأمر الذي طبع وجودهما كله بالسمة
البغدادية، وتضمن الفصل عدة مواضيع منها "الرصافي والكرخي كشوف التجربة
الانسانية"و"الرصافي والكرخي تجليات الرؤية"و"تجليات الانتماء
البغدادي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق