شعر/أسامة الزيني
"إلى العائدين من ظهيرة السادس من أكتوبر 1973، قبل خمسة وعشرين كابوساً"
(قصيدتي الفائزة بجائزة أدب الحرب عام 2004 م، تسلمتها عشية اغترابي عن الوطن )
**
الليل جناحك
ما فْضِلْشِ من ضِحْك النهار..غير السُكات
ما فضلش من كل اللي ولّى غير صورمتعلقة ف شَرْخ الجدار
حلم الرَّفاقى امبارح اللي اتصفّى دمه بين إيديك
وحْلفت تاخد تاره..
قلبك كان حرايق..
وعنيك غضب
مين اللي غمى عنيك في لحظة وغاب نهارك؟
امبارح المتحنِّي من دم الصحاب ما رجعش تاني
ووْشوش غريبة رايحة جايَّة في المكان
مش دي الشوارع..
مش دا الوطن
الضحك مالي كل حاجة والرفاقَى بين ضلوعك غَفيانين
الضحك مالي كل جاجة
وانت ما بتضحكش.. ما بتفرحش.. ما بيهداش جحيمك
ماشي ف سواد دخان حريق المَركِبة
القلب مِترَشّق بارود
دم الرفاقَى لسَّة بينقَّط من "السترة" القديمة
الرمل كاسي الارصفة..
ومغطِّي أسفلت الشوارع
الدبابات متربصة ف ضِلّ البيوت
الموت محاصر كل حاجة ومين يصدق؟
مين يشوف؟
إنت اللي شاهد ع اللي ماتواوع اللي جَيّ..
الموت في قلبك.. بس حَيّ
عقلك في جبهة حرب وعنيك في الطريق
مش دي الشوارع..
مش دا الوطن
الضحك مالي كل حاجة..
الضحك ملعون وانت منزوع الإرادة
من غير سلاحك إيه تكون؟!
عابر على ابواب المحلات الجديدة
الضحك مالي الفترينات..
والناس سعيدة
الناس ما ماتش ف حضنهم صاحب ما حَسُّوش الألم
الناس ما دكِّتش المدافع.. قلبهم جوّا الخنادق
ما انكفوش واحد ورا التاني عشان يِحْموا العلم..
النصر كان حِلْو وأليم
بهجة رَفاقَى..
ألف عمر وعمر راحوا
أرواح ودم
ضيّ الشوارع مش حقيقة
الناس صور بتعدي جنبك ف الطريق
الحلم حاجة تايهة منك
والرفاقى حزنك العاجز.. وتأنيبك لنفسك
تارك المحبوس ف قلبك
فِيه معركة بِتْدُور في عقلك من سنين
بتدور في عقلك بس.. مش بتدور على حدود الوطن
الوهم منزوع السلاح..
الوهم أعزل ما بياخدش بتار.. ولا بيُجبُر ألم
الوهم مخلوق من عدم
والحلم دم ولحم وبيوت وحكايات
الحلم نيل تفرح نسايمه جُوا قلبك
وانت ماشي ف زحمة الناس والولاد
وتضيع ملامحه.. لما تنساك الشوارع فجأة وتتوه في البيوت
النيل بَقى له كام سنة ف قلبك حزين
دَبلان بينزف بهجته ويمكن.. يموت
الزحمة بتخلَّص عليك
الزحمة ملعونة.. وملعون الأمل
بين لحظة والتانية بيهرب من إيديك
في الليل..تعود لضلوعك الراحة اللي بتضيع في الزحام
وتشوف وتسمع في الطريق.. ضحك الرفاقى
قبل ما يناموا ف ترابهم
الليل صديق
تتعزى ف سكوته عن الضحك الغبي ووهم النهار
تغفل جراحك
الليل... براحك
ترمح على بيوته بحصان
يمكن تعود الروح لشريانك.. وينشق الجدار.
هناك تعليقان (2):
بحبك
استاذ طول عمرك وياما علمتنا في قصور الثقافة
إرسال تعليق