ضمن إصدرات سلسلة "تراسل" المعنية بكتب النقد التطبيقي، صدر كتاب "الأدب والترجمة ..مسار بلا إطار" للدكاترة، سيد قطب، وعبد المعطي صالح، وعلاء عبد المنعم (أبو ياسين)، وأحمد عبد العظيم الذي نهض بمهمة تحرير الكتاب، يقع الكتاب في 168 صفحة من القطع المتوسط عن مكتبة الآداب بالقاهرة، ويحدد الأستاذ الدكتور سيد قطب ـ مؤسس السلسلة ـ فلسفة الكتاب ورؤيته في مقدمة الكتاب قائلاً
" الآداب ترجمــة.
كل عمل أدبي هو ترجمة.
إن الناس تعيش بالوعي (وباللاوعي أيضا) بالوجدان، بالعقل، بالحدس..
لكنها تترجم حياتها بكل ما فيها من ثراء لكي:
- يراها الآخرون..
- ويلمس من يراها المتعة والعمق..
- ويشعر بما فيها من جمال..
- ويشارك أصحابها سعادتهم
- ويقاسمهم شقاءهم.
- فنتعلم جميعا من تجاربنا.
لو أخذ كل واحد منا نصا ما ليترجمه من لغة أجنبية إلى لغته أو العكس، هل سينجح؟
بعضنا لا يجيد القراءة بلغته الأم.
بعضنا لا يعرف لغة أجنبية على الإطلاق.
بعضنا قد لا يعرف تلك اللغة الأجنبية المحددة التي عليه أن يترجم منها أو إليها.
كما أن إجادتنا للغتين تختلف.
وخبراتنا التي تكونت من التعامل مع نماذج سابقة نتعلم منها كيف نصوغ النص المترجم مختلف:
- بعضنا تقليدي، يكرر النموذج الذي تعلمه بدقة.
- بعضنا مجدد، يتخطى النماذج الجاهزة المسبقة ويتحرر في الصياغة.
- بعضنا يقف عند المعاني الأولى الظاهرة.
- بعضنا يصل إلى بعض المعاني البعيدة والمحتملة.
- بعضنا ينقل لغة النص ابتداء من الجزئيات: الكلمة المكافئة للكلمة/ الجملة المساوية في التركيب للجملة/ يراعي شكل الجملة من حيث التقديم والتأخير والحذف والتكرار/ يراعي نقل التشبيهات والاستعارات والأمثال كما هي في نصها.
- بعضنا ينقل أفكار النص: الدلالة السياقية لهذه الكلمة في النص الذي يترجمه وليس في المعجم فقط/ المعنى الذي فهمه من الكلام/ يعيد تكوين الجملة من جديد طبقا لفهمه/ يبحث عن صور بيانية في اللغة المنقول إليها تقارب تلك الموجودة في المنقول منها/ يبحث عن أمثال مكافئة للأمثال/ ينقل ما يتصور أنه قائم بين السطور.
- بعضنا يعيد كتابة النص وفقا لمعايير اللغة المنقول إليها تماما كأن يبدأ بالفعل ثم الفاعل فالمفعول به فالمكملات الأخرى (مفعول لأجله/ جار ومجرور ومضاف إليه/ حال/ ظرف..) مع أن النص الذي يترجمه لم يلتزم بالمعايير في لغته، بمعنى أن الكاتب في النص المترجم منه كان يوظف (العدول اللغوي أو الانحراف الأسلوبي) عن قواعد بناء الجملة لأسباب بلاغية جمالية.
- بعضنا يحافظ في الترجمة على اللغة الكلاسيكية الرصينة من ناحية اختيار الألفاظ وبعضنا يقترب من لغة العصر مع الاحتفاظ باللغة الفصحى وهو مدرك أن مستويات الأداء داخل اللغة الفصحى متعددة.
- بعضنا وهو يترجم قصة أو رواية أو مسرحية يحافظ على صياغة الحوار باللغة الفصحى.
- بعضنا وهو يترجم النص يصوغ الحوار بالعامية، مع ملاحظة أن مستوى العامية نفسه عنده قد يختلف من شخصية لأخرى لأن لغة الحوار في تصور هذا المترجم تعد معيارا لثقافة الشخصية وسماتها النفسية والاجتماعية.
كذلك ترجمة الأفكار والمشاعر، ترجمة الحياة.
فالبشر يتفاوتون في الترجمة عن أنفسهم.
الآداب تترجم عنا الأفكار التي نحاول أن نصل إليها.
الآداب تترجم عنا المشاعر السارية في أفق نفوسنا ولا نستطيع أن نعبر عنها.
الآداب تترجم عنا الرؤى التي نحاول أن نستوضحها في عالمنا الذهني.
وهذا هو دور الأديب..
إنه المترجم في مدرسة الإنسانية التي ترقى بالبيان.
أي بقيمة التعبير الحر الجميل العميق الكاشف.
كلما نما رصيدنا البياني ازددنا معرفة بـ :
- أنفسنا – الآخر – الحضارة - الكون.
إن المترجم هو:
الجسر الواصل بين ألسن الأمم وعقولها.
- بين رؤاها الصادرة عن منظورها وتوجهات العالم من حولها.
- بين ما نسعى إليه وما وصل إليه الآخرون.
- بين المصالح المختلفة التي تحقق الدفع المثالي لحركة الحياة ناحية الارتقاء الإنساني المشترك.
لذلك فإن مطالعة المترجم على الآداب الإنسانية أمر حيوي لأن الآداب:
- لغة وهذا تخصص المترجم المباشر.
- تزيد رصيدنا البياني من كلمات المعجم وصيغ الصرف وتوظيف البناء النحوي، هذه فوائد مباشرة للمترجم.
- بيان عن هوية كل مجتمع إنساني يتجلى عقله في لغته وهذا مهم جدا للمترجم.
- مطالعة النفس التي نترجم لغتها والمترجم المتميز هو من يعرف شخصية "المستهلك" شخصية المتلقي في الثقافات التي يترجم منها وإليها.
وهذا العمل:
- مطالعة في الأدب العربي الحديث.
وهذه المطالعة:
- تصل الآداب العربية بحركة الآداب العالمية.
- تستخلص أوجه التشابه والاختلاف بين الرؤى الإنسانية المنعكسة في الآداب.
- تحدد الرؤى الإيجابية النافعة لتكوين شخصية إنسانية مثقفة واعية بقيمة الكلمة في صياغة الحضارة.
- تعمق مفهوم انعكاس التجارب الإنسانية في الآداب.
- تقدم المادة الأدبية من خلال الدرس الموضوعي المتصل بقضايا الإنسان الآنية.
- ترسخ مسئولية الإنسان في تمهيد مساره المتصل بالمسار الحضاري المشترك كما تعلن الآداب عن ذلك.
- تعمق دور المتعلم المثقف في تقرير مصيره الحر مثلما أكدت التجارب الإبداعية الكبرى هذا المفهوم.
- تضع أمام ذهن (الدارس/ المتلقي) الرؤى الفلسفية التي أنتجت النظريات الأدبية.
- تساعد (الدارس/ المتلقي) على استخلاص القيم الإنسانية الأساسية من أشكال البيان التعبيري.
- تحفز (الدارس/ المتلقي) على الجدل والمناقشة والبحث عن أوجه الاختيارات المحتملة التي يمكن الوصول إليها بصدد موضوع واحد لأن الاتجاهات الأدبية المختلفة هي نماذج ناصعة للتعدد والتجدد.
- تمكن (الدارس/ المتلقي) من تطوير قدراته في استخلاص المعاني من الأعمال الأدبية.
رؤية هذه المطالعة:
- الآداب هي أكاديمية الحياة.
رسالة هذه المطالعة:
- إقامة حلقة وصل بين الاتجاهات الأدبية التي تترجم الحياة وعلم الترجمة الذي ينقل النصوص.
أهداف هذه المطالعة:
- أن ترسي النزعة الإنسانية في المتلقي الذي سيمارس مهنة إنسانية مهمة هي نقل أهم منتج إنساني في أسواق الحضارات، هذا المنتج هو اللغة بكل ما تحمله من مفاهيم وأذواق وقيم نابعة من رؤية أصحابها للعالم على نحو ما.
- أن تعمق الإدراك بقيمة المهنة من خلال اختيار نماذج إنسانية تصور شخصية المترجم واللغوي في الآداب.
- أن ترسخ مفهوم التعلم المستمر عبر الزمان والمكان باختيار النماذج الأدبية التي تتحقق فيها هذه القيمة.
- أن تصل بين الثقافة العربية والثقافات الأخرى.
- أن تربط بين ما أبدعته الروح الإنسانية في الآداب وما نعيشه في عالمنا الداخلي والخارجي.
- أن نجد في الآداب حلولا لمشاكل حقيقية يعيشها المثقف المعاصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق