سيرة زوال ... أم حقيقة خلود
مىّ رفعت
تزداد القراءة متعة عندما تحدث حواراً داخلياً بين القارئ والنص ،اثناءها تتحول المتعة لتأمل يقتحم جنبات النص تساؤلاً ، تتعدد مرات القراءة للخروج باجابة تزيل علامات الإستفهام .
بين سطور سيرة الزوال للروائى هانى القط عشت متعة التأمل ، رواية تلعب بثنائية طرفي الحياة ، النور والظل ، صوفية الزهد والرغبة المتفجرة ، الأنتماء والترحال ، الغيرة والصفاء ، الحياة والموت ، الصحراء والجزيرة . ثنائية يرسمها الكاتب دون مقارنة ، بلوحات تشكيلية لغوية تشهد زوايا التقاطها عين شديدة الحساسية والذكاء ، تتنسم فيها الهواء النقي وصوت موج النهر وعنفوان الفيضان وحفيف الأشجار وصمت الصحراء وجمال الليل ووحشته . ترى ألوان مختلفة في لوحاته اللغوية ، وحركة تتحول من لوحة استاتيكية إلى ديناميكية لتدخل في كدرات سينمائية متتالية لتشاهد عبر القراءة فيلماً تسجيلياً يجمع مع القوة نعومة النسيج وشفافية التصوف كأفلام طارق التلمسانى وجمال التشكيل لأفلام شادى عبد السلام .
ويتخذ لأكتمال فنية التشكيل العنوان ،المفتاح الذى منه يتخذ البناء الدرامى للرواية وفيه سر المعنى وحقيقة الوجود .
سيرة الزوال هى تلك النقطة الوهمية التى تنتهى عندها الرؤية البصرية وتكتمل حقيقة الخلود المتمثل في جريان نهر النيل ورحلة المراكب فيه ، رمزية ليست جديده لتمثل رحلة حياة أبطال الرواية ومصيرهم المحدد داخل ابحارها المتجدد بعطائهم فيها والمجدبة بابتعادهم عن سريانه ليتخذوا من الأرض راحة من الترحال فيظهر معنى مخالف لما اعتاده البشر لمعنى الأرض ، الاعتياد للخصب والنماء والصلابة والأمومة أحياناً ولكن عند الكاتب كانت سكناً للأجساد فتجسدت في الموت "من ركب مركب الحياة نجا ، ومن بقي مستكيناً على الأرض أخذه طوفان الماء وأغرقه"، كشخصية خاطف الأرواح ، الشيخ العجوز ذو العيون الحزينة ، الصامت دائماً ، يظهر فجأة ويختفي ليرحل أحد أبطال الرواية ، والمعنى الآخر يكمن في العقيدة الأبدية التى تخص الشخصية المصرية منذ عهد أجدادنا القدماء ، الخلود بعد الموت ، سر سيرة الزوال ، الصرح الذى عنده نهاية النهر وبداخله النقب المحتوى على عقيدة الروح "البا"عند المصرى القديم لم يقلها الكاتب ولكنه اشار إليها من بعيد بدعاء الجد سالم ، لمحة سريعة تظهر اناشيد اخناتون لعقيدة التوحيد ، تتخذ لإبراز توحيد وترسيخ القوة الروحية من الفرد لخالقه .
- ماذا في النقب يا جد
سر الأسرار ، أتريد أن ترى ما في الداخل ؟-
طأطأت رأسى موافقاً ، فحمل قبساً من النار: سر ورائى -
ماحاجتنا إلى الضوء ونحن في النهار ؟! -
- في جوف كل نور ظلمة ، وفي جوف كل ظلمة نور
ترنم وخطا أول خطوة " يا سيدى لك العظمة يا حى بالفرح ، يا سيد الحكمة ، انت الذى رويت الصادى بمائك، وانت الذى أطعمت الجائع بزادك ، وأقمت به أود قلبنا، ياسيدى لك جئنا فافتح لنا طاقة نورك في قلب الظلام لننجو ، واعطنا بصيرة لنرى ، يا مغنى الأغنياء ويا سيدنا كلنا ، امنحنا السكينة والثبات "
وللصرح في بناءه ، قصة توضح أهمية عقيدة الموت كحقيقة وجودية مطلقة من مطلقات الحياة وأزلية منذ خلقت الأرض ، كان هناك ملك يرى في يقظته ومنامه حلما واحداً " أن الشمس كلما خرجت من قرصها المنير أشعتها ، أتت غيمة فحجبت النور " فسر المنجمون له ذلك بأن في عهده يبنى صرحاً بجوفه سر الدنيا ، ويظل باقياً أبد الدهر . خرج الملك للصيد ، ركب مركباً وأبحر للجنوب ، نزل الصحراء وتوغل فيها وهناك رأى رجل أخبره أنه يعرف برغبته في تخليد اسمه وأخبره أيضاً أن لهم موعداً قد كتبته السماء ولامفر منه ، هى رسالة السماء اليومية ، وعندما سأل الملك الرجل عن هذه الرسالة قال له هى التى سيرسم بها صرحك أيها الملك عندما تسقط الأشعة الشمسية من خلال الفجوات التى بين السحب فإنها ترسم تلك الصورة الأوليه لصرحك .
- -أنت وزيرى أيها الرجل إن أريتنى إياها
-انها لاتبصر إلا بعد سقوط المطر ، عندما تبدأ السحب في الأنقشاع التدريجى ، لحظة يكون الهواء محملاً ببخاره حينها يمكن لعينيك أن تراها .
أيها الرجل لقد نصبتك راعياً على بناء ذلك الصرح -
أيها الملك ، إن لى طلباً إن وافقت عليه كنت مخلصاً لك .-
لك ما تريد.-
-سأجعل النحاتين ينحتون جسداً لأسد متحفز أمام صرحك الخالد ليحميه من الأعداء طوال الدهر ، وجهه شبيه بوجهى ، فأنت لك الخلود أيها الملك أما أنا فسيهبنى السحر خلوداً عبر وجهى القائم على جسد الأسد .
لك ما تريد أيها الرجل .-
أغوى الكهنة الملك أن يكون وجه التمثال للملك وليس للرجل ، فهدد الملك الرجل بقتل أولاده ، امتثل الرجل لإرادة الملك حتى يستطيع تفريق أولاده في كل انحاء الأرض حتى لاتطولهم يد الملك وأخبرهم مكان الصرح الذى سيقابلهم عنده ليهبهم الخلود مثله وأعطاهم رسالة منقوشة على حجر ليعرفهم بها وفرقهم في الأرض .
قسم وجه التمثال أربعة ، نحت في كل ربع وجهه هو ، وكلما انتهى من جزء يرممه بملاط ضعيف ليظهر شكل وجه الملك ، كان يعرف أن الملاط سيتفتت بعد بضع سنين ليبقي وجهه هو . عندما وشى به أحدهم أمر الملك بقتله وهو يخاطبه بسخرية : كيف سيكون طعم الخلود؟
يوماً ما ستعرف حينما ينمحى عن أعين الناس ذلك الملاط الخادع وتبقي الحقيقة.
من هذه القصة ولدت شخصيات الرواية أبناء الرجل الأسمر الذين يملكون سر الخلود ويتفرقون في دروب الدنيا ليجتمعوا عنده ، وجميع الأبطال فقدوا آبائهم ، فعاشوا اليتم خاصة الأب ، ليصبحوا هم الأمتداد ، بذور سلسال الجدود الممتدة عبر صحراء الحياة وجريان النيل يشق الجدب فيها .
يؤكد الكاتب على مصرية شخصيات روايتة ، صحيح أنها تنتمى لمجتمع الإنسانية البشرية ولكن نحت صلصالها مهندس أراد لنفسه الخلود ، عقيدة تخص المصريين ، دلالة يتسع تفسيرها ، أن الشخصية المصرية تملك أصل الكون بجهاته الأربعة ، أبناء هذا المهندس سيتفرقون في جهات الدنيا الأصلية الأربع ثم عندما يسقط عنهم زيف الحياة بسقوط الملاط سيعرفون الحقيقة ويتجمعون وبالتالى سيخلد المهندس صانع التمثال بحياة ابناءه ، وهم سيعرفونه عندما يذهبون للحقيقة ، تلوين آخر لشخصية الشيخ العجوز .
ومن أشعة شمس الزوال الساقطة على الأرض خطوطاً مستقيمة ترسم خطوطاً قدرية لرحلة أبطال الرواية التى سميت فصولها باسمائهم ويستعرض الكاتب حياة كل منهم في بنائية منفصلة مبعثها أن كل انسان طائره في عنقه ،وكتابه بيده . حيث لارقيب عليه إلا هو ومن ثم يوجد ضمير متكلم واحد متعدد الأصوات .
في رحلة كشف الشخصية عن ذاتها استخدم الكاتب البناء الدائرى الكشفي حيث تبدأ الشخصية من نقطة لتعود إليها عبر دائرة الحياة المتأرجحة بين السير بمركب النيل في نهر الحياة والسكن على يابسة الأرض ومعنى الحركتين عند كل شخصية . لتصبح الرواية عدة دوائر تدور جميعها في دائرة كبرى داله على الزوال تبدأ بصالح وتنتهى به لتحدث بقعة نور قوية تكشف كل ظلال الرواية وتحيل زوالها لشمس لاتزول .
عندما يصعد صالح اعلى الصرح فقد استطاع أن يبلغ الأسباب ، هذه التيمة الرفيعة المتخذة من القص القرآنى والذى يبدوا ملمح متكرر في ثنايا الرواية ،ولكنها ليست اسباب فرعون موسى بل روحانية صالح في رحلته البحثية عن جثه ابيه التى جرفها النهر في فيضانه ، وصاحب فيها الريس ابراهيم والجد سالم والعجوز ومنهم عرف الحقيقة ،منذ أن بنى مع ابيه السد ليتقي الفيضان النيلى .
"بعد أن انتهينا من السد، ألقي فرع شجرة أخضر فأخذه الماء، ابتسم ونظر إلى عينى وقال لى :كل شئ يذهب مع ماء النهر يا "صالح" حتى نهايته". .
وإلى نهاية الرواية عندما سكن لتمام المعرفة واكتملت رحلته. وأعطى امتداده لحفيده من إبنه حسن ليعطيه السر وتستمر الرحلة .
الشمس انسحبت لنفسها واختفت ، والطيور عادت لأعشاشها لتستريح ، والولد مازال يحدق فيّ ، انتظر سؤاله ... أرفع رأسى بعيداً وابتسم ، أرى النهر ينشق فرعين لم أراهما في رحلتى الأولى ، في قعر المركب كنت مع "إبراهيم" فلم أختر أى فرع أسلك .
التابع يلم الشراع .................... اتخطى المعبر وأسير خطوات ، لكنى أستدير على صيحة الولد الواقف على حافة المركب حائر العينين :
يا جد ، من أنت وهل رأيتك من قبل ؟ -
أنظر في عينيه المتلألأتين :
لا يهم من أنا يا بنى ، يوماً ما ستعرف .
بين هاتين النقطتين عاش صالح مسافة زمنية جسد خلالها أنه سلسال لمهندس الصرح وحامل سر السماء كأحد أبناء الموت .
نهر النيل ، الحياة التى عرف المصرى القديم الأستقرار على جانبيه ، وتعلم الحساب والفلك ، ومنه استقي معانى حياته ، الطرف الثانى لثنائية الرواية ، الحياة بتدفقها . يمثلها ابراهيم كطرف ، والطرف الثانى فرح
يقول إبراهيم : "عطشان وليس لي إلا بله ريق من نهر بعيد ، قادم أيها الحبيب ، فأنا منك وانت منى ، لسانك طريقي ، ومراسيك بيوتى ، تنبع من بعيد ، من عيون عند جبال القمر ، في عشرة روافد تخرج ، كل خمسة منها تصب في بحيرة ، تخرج من البحيرتين ستة أنهار ، تجتمع مرة أخرى فيك أيها النهر الحبيب ".
"صحيح من ركب مركب الحياة نجا ، ومن بقي مستكيناً على الأرض أخذه طوفان الماء وأغرقه ".
" علمنى النهر أن أعشق الحياة ، وأن أقطف بيدى لذاتها ، رحمك الله يا أبي كان كل قولك حكمة ، فمنك ومن النهر تعلمت ، كى تحبك الحياة يا إبراهيم لابد أن تحبها ، ولكى تحبها لابد ألا تهزمك أحزانها" . كلما فاض الحزن في قلبى ، رفعت رأسى وتخيلت في السماء إمراءة لم تخلق بعد تأخذنى لبحر لذة بلا ضفاف – إيه عطشان ولا ماء في النهر .
" شيئان في حياتى الأن لا أستطيع الاستغناء عنهما ، حضن النساء الدافئ ، والإبحار في النهر" .
هذا العنفوان المتأجج بحياة وصخب وحركة أخذ وعطاء يحمل فلسفة الدنيا معه يجريها النهر بمشيئته ، ولم يصعد لليابسة عند صرح الحقيقة سوى بموت فاطمة ابنته فمكث يزرع في أرض صالح نخيلاً خاوياً طرحه قليل ، ليس مكانه ومن ثم لايشعر بطرحه فيها الحياة في النهر الذى بلعته إحدى جنياته ، خرافة نهايته .
أما فرح ، الإشتهاء ، الغواية ، اللذة بكل أطيافها ، حياتها تستمد من الليل ساتراً حيث تظن أنها ستخرج من العتمة للنور لكنها تعود من رحلتها عندما ينفلق جسدها نصفين نصفاً معها والآخر ينسل راكضاً حيث النداء ، تعود لعشها كما حمامة عمياء شب في جناحيها الحريق ، فيزداد الكرب ويكبر الجدار الذى يفصل بين لحمها وروحها . لم تعشق سوى ابراهيم ، ولم تستطع أن تحصى كم من رجل حاول إطفاء عطشها باسم الحب ولم يستطيعوا ، في الخمسين من عمرها عرفت الخريف حيث يسقط ورق الشجر وينطفئ النور ، لملمت حاجتها وقصدت المدينة مخرقة الصحراء التى أطبقت ظلامها حولها ، لاقمر ساطع فقط نجوم خافتة الضوء ، وما من علامة ترشدها للطريق ، على كومة من الرمال جلست تنتظر النور الذى لم تبصره عيناها طوال مشوار حياتها .
قد تسيرنا أقدارنا ولا نملك حق اختيار الحياة التى نودها ، وعندما نختار نفقد البوصلة الصحيح للإختيار ثم ما نلبث أن نصحح ما إعوج منا في طريقنا ، لشخصية السيد مصطفي هذا الملمح العام ، اختاره أبوه لأنه أصلح من يوكل إليه حمل مسئولية كبير القبيلة ، القاضى الذى يفض المظالم ويحكم بالعدل ، فسجنه العدل داخل نفسه لتسرق منه أيام عمره ، وعندما تمرد قطف زهرة جميلة بدون رائحة فحذرة أبوه من الإندفاع ، كما عرفه أن الخلود أضاعته تفاحة ، فيجب ألا يقبل على الدنيا حتى لاتهرب هي منه ، وكان رده مفتتح لمأساة حياته : يصعب على من دفع الثمن ألا يذوق ما إشتراه يا أبى .
بغواية فرح انتهت حياته القدرية كشيخ قبيلة وبدأت حياة أختارها كمصير لعب فيها القدر أيضاً دوره عندما رأى زوجة ابن عمه لأول مرة ، وبدأت مأساته بغرامه بها وانتهاء بفقده مكانته وهربه بها من البلده " "الغريب من ليس له حبيب يا أبى ، فلتزل نعمتى وأبقي خير من أن أزول وتبقي" . حق اختيار عرف منه حكمة أن الجواهر ماهي إلا قبض تراب ، وحبه للحياة عرض زائل يجلب الشقاء ، وعرف النور عندما أبصر الرسالة " أيها البعيد ... أنت يا من توهك النسيان ...أنا نورك ... روحك المصطفاة .. مقبلاً إليك لألبقاك في الموعد ... تعطينى الرسالة فأعطيك مفاتيح دارك الأبدية يا غريب .
كما تمثلت حكمة السنوات في شخصية الجد سالم الذى ملك المعرفة وسر الخلود وابقي عليه لنفسه واستقر به المقام عند الصرح ، أنس بصحبة نفسه وأحب الصرح لأن به حقيقة الدنيا ، وكل ما بها عداه سراب ،فعلم صالح حكمة الزمن وحساب الأفلاك وأعطاه سر الخلود قبل وفاته.
قابل شخصية فرح كغواية ، شخصية زينب بنت البادية بكل ملامح وطبيعة الصحراء والصفات التى ترسبها تلك الطبيعة داخل شخصيتها الإنسانية ، فهما وجهى العملة للحياة .
اعتمد الكاتب على ثلاث ركائز في بناءه السردى ، القص القرآنى واتخذه كشريحة رفيعة تومض لتضئ وتعطى بعداً أعمق للدلالة لأنها تتناول روحانيات مثل تشبيه فيضان النيل بطوفان نوح في أولى صفحات الرواية ، قبس النار التى رأها موسى وذهب ليأتى باليقين في الألواح وهى المعرفة الإلاهية ، ظهرت بالحديث بين الجد سالم وصالح ص57، أختيار أبو السيد مصطفي مكان بناء قبره حيث انتبذ له مكاناً شرقياً . تعدد وجود رقم سبعة داخل الرواية حيث خلق الله الكون ثم استوى على العرش ، برغم اختلافات الدلالة في كل رؤية .خروج آدم من الجنة
الركيزة الثانية التاريخ المصرى القديم وخاصة ما يتناول العقيدة عند المصرى القديم وأهم عقيدتان هما البعث و الخلود ، نهر النيل ، ويرافقهم أشعة الشمس .
الركيزة الثالثة الحس الشعبى لتكوين الريف والبيوت الطينية والبساتين ، وما يدور فيه من أعراف وعادات وتقاليد ، وبساطة تكوين الأفراد ، وبعض السمات الإنسانية المكونة للبشر من غدر وحقد وحسد وتسامح وصبر، جاء وصف ابراهيم لها مكتمل البناء عندما قال :الخضرة تختفي لتظهر البيوت الطينية القصيرة بأبوابها الخشبية المفتوحة للشمس ، لتضئ مداخلها ، بعد مسافة تتلاصق البيوت ، تصنع شارعاً طويلاً – البيوت كوجوه الناس مختلفة رغم تشابه هياكلها ، كما أبرز في المقابل حقائق عن تكوين ومفاهيم الشخصية البدوية ، جاء ذلك في وصف أشبه بقصيدة عندما تحدثت زينب لأول مرة عن نفسها ص 82.
الزمن داخل الرواية ممتد في دوائر تتصل بالموقف المستغرق حدوثه للشخصية ، حياة الشخصية وزمن وجودها داخل الرواية ، وهناك زمن تاريخى متعدد الوجود يبدأ ببناه الأهرام ، وظهور وباء الكوليرا في آواخر الثلاثينات من القرن التاسع عشر ، وزمن حالى هو وقت خروج الرواية ... وفي داخل هذه الأزمنة تصلح لها الرواية وتستقيم أحداثها داخل أي عصر زمنى لأنها تتحدث عن مطلقات غير محدودة المعنى بزمن أو مكان .
سواء قرأت الرواية أفقياً بحسب تسلل صفحاتها لمتابعة تتابع الأحداث ونمو الشخصيات وتطورها يقاطعها أو يربط بينها شخصية الشيخ ذى العيون الحزينة ، أو قرأتها رأسياً بحسب أسماء الشخصيات بحيث تكون دائرة الكشف لكل شخصية محددة البداية والنهاية وما بينهما تخرج حكمة الحياة التى اكتسبتها الشخصية داخل رحلتها العمرية ستجد أن البطل هو ابن للشيخ ذى العيون الحزينه يملك نقش الحجر ويقابلة ليعرف حقيقة الخلود عند الصرح .
ترك لأبراهيم نهاية مفتوحة بفقد العقل وكثرة الأحاديث حول اختفاءه أو موته لأنه يحمل الأثنين الموت والحياة وهو للحياة أقرب ولكن لابد له من زوال فذهب العقل . وترك لفرح التوهة في الدنيا وفقدان البصيرة ، وشهوة الجسد . بينما كان الموت نصيب باقي أبطال الرواية .
ختام الرواية حكمة هى نص قرآنى حيث يقول الله في كتابه العزيز " ويخرج الحى من الميت ، ويخرج الميت من الحى " هى جدلية الوجود أيهما أسبق وقد حسمها الكاتب بأن الحقيقة الوحيدة التى لاتزول هى الموت بينما حياتنا سائرة لزوال .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق