2012/07/28

"النصيب" قصة بقلم: محمد نجيب مطر


النصيب
محمد نجيب توفيق حسن مطر
كانت الأمطار تهطل بغزارة ، والسماء ما زالت ملبدة بالغيوم الكثيفة الداكنة، والليل ستر كل ما سواه ، والطريق الموحل الموصل إلى قريته ما زال في بدايته، وسيعاني الأمرين حتى يمكنه الوصول إلى منزله، ما أقسى البرد الذي لا يرحم، وما أطول الطريق في عدم وجود رفيق ، كانت الأمور كلها تنذر بالأسوأ في هطول المزيد من الأمطار وحدوث البرق وزيادة الانزلاقات الطينية على الطريق ، وكان يترنح في مسيره وكأنه بهلوان يتزحلق على الجليد في حلبة السيرك.
وهناك وعلى مسافة بعيدة لمح شخصاً قطع مسافة كبيرة من الطريق وأصبح على قرب نسبي من قريته ، حسده وتمنى لو كان مكانه ، فقد أجهز هذا الشخص على أكثر من نصف طريق العذاب ، لابد أنه سيصل بعد قليل وسينعم بالدفء والراحة وسيخلع ملابسه المبللة وسيحتسي كوباً ساخناً من الشاي اللذيذ وسيمد يديه إلى راكية النار في بيته لكي تدفئ جسده المنهك، وسيأتون إليه بصينية الطعام الساخن ليأكل بنهم فالبرد يحتاج إلى الطعام وبعدها سيغط في نوم عميق على سرير ألين من ريش النعام، وسيغطي جسده بغطاء سميك وسينعم بأحلام وردية، إنه لذو حظ عظيم ، ما أعظم سروره وغبطته الآن، وما أكبر ما سوف يعانيه هو حتى يصل ويذوق طعم الراحة التي سيحصل عليها غيره بعد فترة وجيزة.
وعندما قطع صوت غريب عليه أفكاره، التفت إلى الخلف فوجد صديقه على دراجة نارية وعرض عليه الركوب، فقبل بعد رفض مصطنع، وقفز ليجلس على الكرسي الخلفي وأمسك بيديه في ظهر زميله بعد أن وجه له عبارات الشكر والثناء في حرارة تذيب برودة الجو، وبعد مدة وجيزة وصلاً إلى الشخص البعيد، وسلما عليه وكانت المفاجأة أنه أخ صاحب الدراجة ، حاول صاحبنا أن ينزل عن الدراجة ليعطي الفرصة له للركوب مع أخيه إلا أنهما رفضا في إصرار، واستكمل طريقه مع صاحب الدراجة بينما ظل أخيه يمشي ببطء بين أوحال الطين متمنياً لو كان مكان الراكب.

ليست هناك تعليقات: