أعمى
الطريق ( انتهى الدرس )
محمد الكامل بن زيد
طلب منه بأدب أن يعبر به الطريق فهو أعمى كما يرى ..لم يمانع بل أجاب بصدر رحب..صدر
كله سرور وعفوية ..الطريق سريعة والسيارات أسرع ..لا ترحم ..ردّد نظره يمينا وشمالا..حاول
التقدم بعد أن لاحظ أنّ السيارات قلت ..أو تكاد تنعدم في هذه اللحظة ..غير أن الشيخ
أثناه ..رويدك ..تمهل ..انتظر سيارة أخرى قادمة ..لا تستعجل ..تبصّر فيه مليا وازدادت
مع تبصّره دهشته ..أراد مرة أخرى العبور..أمسك يد العجوز بشدة فتفاجأ به يصرخ بقوة
قلت انتظر..على رسلك..هاهي سيارة أخرى قادمة..أتستعجل الموت ؟؟..استغرب أمر هذا الشيخ واتسعت أحداقه من الحيرة ..وكأنما
جفون عينيه تملّكها الرمد ..أوانصهرت داخل الجمجمة..شك في نفسه قد يكون هو الأعمى
..لوّح بيده كحركة عادية للتأكد من صحة عماه..إنه أعمى حقا والسيارة الأولى جاءت مسرعة
حقا والثانية كادت تدهسهما حقا ..وهاهي الطريق قد خلت من السيارات مرة أخرى فوجب اغتنام
الفرصة وهاهو الشيخ مرة أخرى يعنفه بعصاه الخشبية الغليظة ..أن توقف..هذه شاحنة ..حقا
..معقول ؟؟ ..أمر لا يصدق ..هل هذا الشيخ أعمى أم يدعي النبوءة ؟؟..لوهلة لم يفقه ما
يحدث ..ثم تفطن لأمر ..ابتسم في قرارته ربما هي الكاميرا الخفية ..أعاد التبصّر في
الأرجاء فلم يجد أحدا غيرهما ..وهذا الشيخ أعمى ..أقسم بأغلظ الأيمان لنفسه من أنه
أعمى ..سرت في جسده قشعريرة ..طأطأ رأسه برهة من الزمن ثم شد على يد الشيخ مستسلما
:
- يا شيخ أريد أن أعبر الطريق فأنا أعمى كما ترى؟!
بسكرة في 01/07/2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق