محمد نجيب توفيق حسن مطر
وكأنما فطر على حب المجهول والبحث عنه كانت حياة المهندس عبدون، شئ ما يشده إلى المجهول ، قوة دافعة لا يدري لها سبباً، كان يعتقد أن كل البشر وراءهم تلك القوة الدافعة نحو اللامعلوم، لا يدري لماذا يسحبه المجهول وراءه في سعادة غامرة تنتهي بمعرفة المجهول فيصبح المعلوم والعدم سواء، لا ينسى كيف كانت ذكريات طفولته في القرية وحكاياتها التي لا تنتهي عن أمنا الغولة بشعرها الطويل التي تشنق به الرجال، وكم تمنى أن يقابل أمنا الغولة حتى لو كانت حياته ثمناً لتلك المقابلة، لقد كانت براعته لا تظهر في الدراسة إلا في الامتحانات المعقدة التي يحصل على الدرجة النهائية فيها، بينما في الامتحانات السهلة والروتينية لا يحصل درجات مرتفعة، كان يحس بالملل من المألوف ويعشق ما لا يعرف، وعندما وصل عمره إلى العشر سنوات سمع لأول مرة عن النداهة التي تنادي على النساء في ليالي الشتاء الطويلة والباردة والمظلمة وتأخذهم معها إلى قاع النهر أو الترعة، وتمنى لو كان أنثى كي تناديه النداهة ويذهب معها إلى اللا عودة، لقد خرج قبل صلاة الفجر بساعة وذهب إلى تلك المنطقة على شاطئ النيل تحت الكوبري في المنطقة التي لا يرى فيها أي شئ، وأخذ ينادي هو على النداهة ولا مجيب ، تمنى ألف مرة أن يتلبسه جن كما يسمع لكي يرى ذلك العالم المجهول لكن بدون فائدة، واشترى الكتب التي تتحدث عن الأرواح وجرب كل ما يقولون من عمليات وقراءات غريبة وأنواع عجيبة من البخور، ولكن لا فائدة ، وحاول التقرب إلى أرواح الميتين فكان يذهب إلى المقابر في الليل المظلم لعل روحاً تصدمه أو عفريتاً يتلبسه دون جدوى، وعندما سأل أهل الاختصاص أخبروه أن العفريت لا يظهر إلا لمن يخاف منه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق