المصير
محمد نجيب مطر
همست ذرة الهيدروجين لأختها ذات مساء،
لماذا نصبر على ما نحن فيه، لماذا نرضى بالارتباط بهذا الجزئ الثقيل من الأكسيجين،
الذي يكبرنا أضعافاً مضاعفة ونتشارك لكي نكون ذلك الجزئ الثقيل المائع من الماء
الذي نسجن بداخله، هيا بنا ننفلت ونتحرر من هذا الجزئ البغيض، ونصبح أكثر نشاطا
وحيوية وحرية في على طبيعتنا الغازية، لا يجذبنا أحد ولا ندخل في تحالفات مع أحد،
نملك إرادتنا ولا نفقد حريتنا، قالت لها أختها ولكنه قدرنا أن نشترك مع الآخر لكي
نكون الماء الذي تتوقف عليه الحياة، وها نحن نعيش مع أخينا الكبير الأكسيجين في
استقرار ووئام ، فأجابتها الأخرى في غضب ولماذا نحن نظل في هذا السجن بينما الذرات
الأخري تنعم بالحرية؟ الله لم يقدر الشقاء على أحد، نحن الذين نرضى بالشقاء
ونستعذب الألم، و لا نناضل في سبيل التغيير مدعين أنها إرادة الله لإخفاء ضعفنا
وكسلنا عن تغيير ما نكره، هيا بنا ننظر إلى الأعلى لماذا نظل محبوسين في هذا الماء
الذي تشده الجاذبية دائماً إلى الأسفل، إذا تحررنا لم يعد في مقدور أحد على سجننا
مرة أخرى، سنكون مع الهواء أينما حل وارتحل
، سنسافر ونسيح في الفضاء نجوب االبلاد ونشاهد العباد، لا يقتلنا الملل ولا يصيبنا
البلل، هيا بنا يا أختاه نخرج على المألوف نقتل اليأس ونعيش حياتنا كما نحب وكما
نريد، انتهزت الذرتان فرصة التقاط البرق أثناء المطر في صباح صيف حار، وتحررتا من
جزئ الماء تاركين ذرة الأكسيجين تنظر إليهما في استغراب، وانطلقتا في الفضاء ولكن
الحرارة الشديدة مع وجود الأكسيجين أشعلت النار في الذرتين ولم يتبقى لهما أثر، في
اليوم التالي كان الأوكسجين يتلقى التعازي في أختيه اللتان فارقتا الحياة تحت وهج
الشمس.
أنهى محمود مدرس الكيمياء الحكاية لزميله
بطرس مدرس الفيزياء الذي نظر إليه بود وأعتذر عما بدر منه، فاحتضنه محمود وقال لا
تتركنا وتهاجر أيها الهيدروجين لأن الحياة من غير اتحادنا تستحيل عدماً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق