2013/03/28

قراءة في كتاب " على صليب الإبداع" عندما يُفصح المبدعون عن أوجاعهم بقلم:د.عبد الحفيظ بوناب



الإبداع
على أو في
صـليـب الإبداع
    د.عبد الحفيظ بوناب
موضوع قراءتي هذه للإصدار الجديد يحتوي على: جزأين أو شطربن
-        الشطر الأول :من المقال خصصته لقراءة في عنوان الكتاب في حد ذاته
-        و الشطر الثاني: من المقال هو قراءة في صميم الكتاب
هذه جملة نموذجية لبعض إجابات الكاتبة في احد حواراتها أردت من القارئ أن يلاحظ الأسلوب الرائع الذي تجيب به عن محاورها فهو ليس ما ألفناه، و ما اعتدنا عليه،السؤال مع الجواب المتوقع ،الجواب العادي جدا .لكن مع زينب البحراني شيء مختلف: اقرؤوا معي بأنفسكم و قارنوا و احكموا بإنصاف لترو وجه الإبداع
• إلى أين تقف طموحات زينب البحراني الأدبية؟

• ولماذا "تقف" مادامت قادرة على الرّكض إلى ما لا نهاية؟!


• أخيراً .. ماهو جديدك؟

• إذا أخبرتك عنه سيصبح قديمًا!!


• لو كنتِ عضو في مجلس الشورى ماهي الموضوعات الي ستطرحينها أمامهم؟

• ليس المهم ما "سأطرحه"، المهم ما "سيتم تنفيذه" المستقبليَّة....
رابط النص الكامل للحوار على صفحات "حور":  http://hooor.org/news6532.html


الشطر أول: قراءة في عنوان الكتاب:على صليب الإبداع
ما إن نشر خبر صدور الكتاب على صفحات النات، و الأفكار لم تتوقف من التدفق علي حول عنوان الكتاب حتى قبل ا ناقرا الكتاب و اطلع على مضمونه.و قلت في قرارة نفسي لو طلبت الكاتبة من جموع المشاركين في إبداء رأيهم حول أي عنوان يختارونه لهذ العمل لكانت أراء وعناوين مختلفة مثلا: منهم من يقترح:  هموم المبدع،مشاكل المبدع،المبدع و الأحوال الظروف الصعبة للإبداع ،و..و.. كثير من العناوين .و يبقى العنوان الذي اختارته الأديبة هو الاختيار الموفق،والمعبر،و المبدع و المتميز في آن واحد: على صليب الابداع
دأب عدد كثير من الكتاب عند تقديم كتاب أو قراءة لكتاب ما يلجوا مباشرة لب موضوع الكتاب ، و لا يُشرون إلى العنوان مع أن العنوان قد "يشْرب "كل مضمون الكتاب في بعض الأحيان . و قد يطرح السؤال على صاحب المؤلف من طرف القراء أو الصحفيين :لماذا هذا العنوان و ماذا ترمي من ورائه ،و ماذا تعني به، و هو أمر مشروع في رأي.و قد سمعت صحافية تسال الشاعرة الجزائرية  إنعام بيوض (أم سورية :دغستانية و أب جزائري) عن معنى عنوان كتابها: السمك لا يبالي
أفكار  أو خواطر متفرقة:
-         خبر صدور الكتاب تنقلته المواقع أللالكترونية و نشر على أكثر من 15 موقع أو أكثر و كذا بعض الجرائد العربية
) كالقدس العربي و غيرها.
.AL-Quds AL-Arabi Volume 24 - Issue 7192 Monday 30 July 2012(

- عنوان الكتاب جد موحي، لو مررت على مكتبة و لمحت الكتاب ،أو وجدته في معرض لاقتنيتهُ بسرعة دون أدنى تفكير أو تصفح ،فعنوانه يُذكرني بأمر سحرة فرعون و أنهم امنوا دون مشورته و استئذانه
و أمر بصلبهم و قطع أيديهم و أرجلهم من خلاف ،و قد يكون الشأن كذلك بالنسبة للمبدع في عصر من العصور فالويل و الثبور له من سطوة الحاكم إن هو قال ما لا يرضيه فالصلب في حقه هو الجزاء المحتوم.على صليب الإبداع عنوان رائع جدا لمضمون جميع الآراء التي يحويها بين دفتيه .
كيف اختارت كاتبتنا العنوان أمر لا نملك جواب عليه ،هي الوحيدة التي بإمكانها أن تجيب عليه و لا تدع النقاد يخمنون كثيرا إذا أرادوا أن يتحدثوا عنها يوم ما و عن خلفيات اختيار هذا العنوان الجذاب.
يبدو لي أن لكل عنوان كتاب قصة:و لو حدثنا ابن حزم الأندلسي  عن قصة اختيار عنوان كتابه " طوق الحمامة " لكان اراحنا من كثرة التخمين،و قد قرأت أن  كتاب "العقد الفريد" لابن عبد ربه الأندلسي له حكاية – حكاية تسمية الكتاب بهذا الاسم- و له علاقة برايته لعقد على صدر جارية أو شيء من هذا القبيل،و قد قرأت حكاية لطيفة لسبب تسمية ابن إسحاق الشاطبي لكتابه " الموفقات" بهذا الاسم حتى يفهم القارئ قصدي:حيث يقول هو نفسه عن سبب هذه التسمية:
" و الأجل ما أُدع فيه من أسرار التكليفية المتعلقة بهذه الشريعة الحنيفية سميته بعنوان : التعريف بأسرار التكليف(هذه التسمية الأولية للكتاب). ثم انتقلت هذه السيماء لسند غريب ،يقضي العجب منه الفطن الأريب.و حاصله أني لقيت يوماً بعض الشيوخ الذين أحللتهم مني محل الإفادة ،و جعلت مجالسهم العلمية محطا للرحل و مُناخًا للوفادة ،و قد شرعت في ترتيب الكتاب و تصنيفه ،و نابذت الشواغل دون تهذيبه و تأليفه فقال لي احدهم :رايتك البارحة في النوم ،و في يدك كتاب الفته فسألتك عنه فأخبرتني انه كتاب " الموفقات" قال: فكنت أسالك عن معنى هذه التسمية الظريفة ،فتخبرني انك وقفت به بين مذهبي ابن القاسم ،و أبي حنيفة ،فقلت له :لقد أصبتم الغرض بسهم من الرؤيا الصالحة مصيب،و أخذتم من مبشرات النبوة بجزء صالح و نصيب". ابن إسحاق الشاطبي  الموفقات


*****


الشطر الثاني:قراءة في صميم الكتاب:
تأسيا بالكاتبة الأديبة زينب البحراني( حيث تستشهد بمقولة مطلع كل فصل من كتابها) أورد هذه الأقوال  حول الإبداع :لتعميق هذا المعنى أكثر في نفوس المبدعين و القراء على حد سواء.
قبل ذلك أقول:قد يقول القارئ الكريم- ربما- أن شهادتي مجروحة بحكم أني من المشاركين في هذا الكتاب،لكن قبل ذلك أنا قارئ جيد و مولع بكل ما تكتبه الأديبة زينب البحراني وقد سبق لي أن أبديت رأي في كتابها
" أديبة فاشلة"
أقوال في الإبداع:
    1-" و الإبداع كما هو  معروف لدى علماء النفس يعتمد على أربعة قدرات هي:
 الطلاقة(و تعني القدرة على إنتاج العديد من الأفكار فيما يخص مهمة ما)
المرونة (و هي القدرة على إنتاج العديد من الأفكار التي تظهر تحرك الإنسان من مستوى تفكير إلى مستوى آخر).
و التوسع (و هو القدرة على إضافة تفاصيل إلى الفكرة أساسية تم إنتاجها)
و الأصالة (و هي القدرة على إنتاج أفكار غير عادية و لا يستطيع إنتاجها الكثير من الناس).
و يرى علماء النفس أن  الناس – بصفة عامة- ينقسمون إلى قسمين: المفكرون تفكيرا مطابقا،و المفكرون تفكيرا مجانفا، كما يرون أن المبدعين الأصليين هم ذوو التفكير المجانف(وهو التفكير الذي يقود إلى الابتكار و الاختراع و الإبداع)"
د.احمد بن نعمان هذي هي الثقافة  دار الأمة

2-"الإبداع لا تُقيده حدود و لا يوقفه استبداد"  مجلة دبي الثقافية عدد 88 صفحة 46
3-"الإبداع يكمن في المغامرة و التجريب لا في التقليد " "  مجلة دبي الثقافية عدد 88. صفحة 88
من أقوال أ .د محمد راتب النابلسي
4- "المبدع هو الذي يوجد الشيء على غير مثال سابق"
5- "الحزن يصنع المعجزات ،أما اليسر و الغنى و الشبع و الترف فهذه غالبا لا تصنع شيئا"
6-" الحزن الخلاق و المصيبة تفتق العبقريات ،أما الرخاء و النعم و الطعام و الشراب فانه يؤدي إلى الخمول و القعود و الجمود".
7- "إن الاختراع و الإبداع قفزة في المجهول ،لمعة في الذهن،الهام من الله عز و جل"
8- "الألم يخير مهذب ،و خير مُفجر لينابيع الخير المستكنة و خير مرهف للحساسية في الضمائر الحية ،و خير موجه إلى ظلال الرحمة التي تلوح للضعاف المكروبين"
9- "إن سعادة الإنسان تنبع من داخله ،لا مما يحيط به نفسه من ألوان النعم" انتهى
-        المعاصرة حجاب،و شدة القرب حجاب،و اذا زاد القرب منع صحة الادراك


ما إن وقع الكتاب بين يدي قرأته في حينه و سجلت كل فكرة ترد على ذهني في اللحظة بالذات التي اقرأ فيها كل فصل، و كنت على يقين لو اترك الفرصة حتى انتهي من قراءة الكتاب جملة ما استطعت أن اخط حرفا واحدا حوله .
هذا الكتاب جاء في 177 صفحة، و اثنا عشرة فصل. شارك فيه ما يربو عن أربعين مثقفا من عدة أقطار عربية كل أبدى رأيه في الموضوع الذي طرح عليه.

1- لإبداع الأول:  بين المبدع و... الاخرين
في هذا الفصل كل مبدع رسم صورة جلية وواضحة للجو الذي يوجد فيه،و الوضع الذي هو عليه،و هي صورة قد يجد كل واحد منا نفسه فيها.و لذا لا يضجر مما يجده و يُكابده من مجتمعه،فقط ليعلم انه ليس وحده في هذا المجال ،فهناك من يعيش نفس ضروفه و ربما أكثر(إذا عمت خفت)،ليس نبي مكرم في أهله،"ازهد الناس في عالم أهله"، "زمار القرية لا يُطرب"...
 2- لإبداع الثاني:  بين المبدع و... الشللية :
هناك  أجواء سلبية تسود عالم الإنتاج و الإبداع الفكري و الأدبي قد يجهلها الكثير من المبدعين – المغمورين منهم خاصة- و الذين لا يرتادون الصالونات على و جه الخصوص،و يضنون أن هكذا أمر:المحسوبية،و الشللية،و المحاباة..أمور و تصرفات تتعلق بمجالات أخرى - كمنح وضيفة،و الترقية في منصب،أو الحصول على جائزة- غير مجال الإبداع   أما أن تتفشى المحسوبية الوسط الإبداعي ،هذا أمر تكتشفه عندما تقرا الفصل الثاني من هذا الكتاب.و في مثل هذه الأجواء يُصبح المبدع – مُبعد – ( على رأي جمعة الفاخري ص40) و لو كان هذا الأمر رأي تفرد به الكاتب وحده لقلنا تصفية حسابات،أو انه مغالي،أو انه لم تمنح له فرصة فهو يلطم الخدود ،لكن هناك إجماع و توافق أراء حول نفس الفكرة و هذا الجديد و هذا هو الإبداع :الإبداع في كشف ظاهرة الشللية في الوسط الإبداعي
3- لإبداع الثالث:  بين المبدع و... مهنته   
قد تكون الوظيفة عائق و قد تكون محفزا على الإبداع و مصدر الهام كبير لكل حسب مجال اختصاصه .قد تكون الوظيفة عائق للتنقل الكاتب او المبدع بصفة عامة لحضور ملتقيات أدبية ،قد تأخذ مقت كبير من وقته ،و...و  لكن هذا أمر لابد منه إذا كانت مصدر رزقه الوحيد.
قد تكون الوظيفة كذلك مجلبة لكثير من المشاكل للمبدع خصوصا مع السعاة الذي يشكونه إلى مسئوله المباشر غيرتاً و حسدًا و عدم هضم زملائه العملين معه طفرة نجاحه و تألقه .
الكتاب مشحون بالأفكار المفيدة جدا:
-        "يتأثر لكن لا يتوقف ، و قد يصنع المأساة مثلا لكتابة مبهرة"(ص 52)
-        " الوظيفة تقتل الإبداع " (ص56)
-        " خصوصا و أن الإبداع ،هو هم لا يبنى إلا على القلق .قلق الحياة" (ص 56)
4- لإبداع الرابع:  بين المبدع و... عوائق النشر
"يمتطي الزمن ليكون سفير عصر الكاتب الى العصور المقبلة باجيالها المتعاقبة
تقرا هنا إجماع من عدد كبير من الكتاب و المبدعين للاحتيال التي كانوا عرضة لها من طرف دور النشر ،و الهلع الذي يركب كل مؤلف جديد يقدم على دور نشر لطباعة كتابه .قراءتك لكتاب صليب الإبداع قراءة مشوقة و ممتعة حقا تُحس أن كل كتاب يتكلم على لسانك و يترجم بعض أفكارك و يُعبر عن بعض همومك و انشغالاتك .كتاب لا تمل و لا تضجر من قراءته تنتهي منه لتعود لقراءته من جديد ،انه يشدك إليه شدا.    
5/6- لإبداع الخامس و السادس:  بين المبدع و... الناشرين   
لكن رغم الطابع العام الذي ألفناه من عدم الثقة في أي دار نشر ،و الاستهزاء بالكتاب و  المؤلفين و أكل حقوقهم لكن هناك استثناء.
و الحل في رأي احدهم هو الاستعانة برجل القانون :أي محامي (ص75)
تقرا العجب العجاب و أنت تسمع لما يسرد من طرف كل كاتب أقدم على طباعة كتابه الأول،باكورة أعماله – كما يقال-تقول في قرارة نفسك – بناقص- من الكتابة و النشر و تكسار الرأس(وجع الدماغ).و الخلاصة التي تنتهي إليها انه هذه لم تعد دور نشر بل دكاكين حرمية معتمدة رسميا. لا رقيب و لا حسيب .و أصبحت العقود التي تُبرم بين الكاتب و الناشر لا معنى لها لأنها لا تُحترم  بنودها(لا مضمونا و لا شكلا) فهي مجرد عقود للذكرى فقط(ص93).
المواضيع التي ألهمت الكاتبة طرحها للنقاش و الإثراء من طرف ما يربو على أربعين مبدع عربي ،مواضيع جديدة ليست من المواضيع المألوف الحديث عنها أو فيها .ما يُفسر المطبات المتكررة التي وقع فيها كثير من المبدعين مع دور النشر و الكاتبة زينب احد الضحايا.

7- لإبداع السابع:  بين المبدعات الإناث و... قيود المجتمع   
أنا من رأي انه على المبدعات أن يخضن غمار الإبداع و يثبتن جدارتهن على الإنتاج الفكري مثلهن مثل أي مبدع أخر دون الالتفات إلى زيد أو عمر من الناس فقط يلتزمن بالحفاظ على أنفسهن لأنهن في الواجهة حتى يتمكن من أداء رسالتهن التي تخلد أسمائهن في التاريخ.و المرأة كان لها الصدارة في عديد من المواقف كانت هي السباقة و أصبح الكل يقتدي بها :أمنا هاجر أول من سعى بين الصفا و المروة،و أول من امن بالنبي محمد- صلى الله عليه و سلم- أمنا خديجة – رضي الله عنها- و أول شهيدة في الإسلام امرأة،و الرسول لم انتقل إلى الرفيق الأعلى كان رأسه على صدر أمنا عائشة- رضي الله عنها- ألا تكفي كل هذه الأمثلة المرأة اليوم لتعرف قيمتها و قدرها ودورها..
8- لإبداع الثامن:  بين المبدع و... المستغلين 
  بعد أن تنتهي من قراءة الكتاب المطلوب منك أن تُرسل رسالة شكر لصاحبته فقد شرحت واقع المبدع تشريحا مستفيضا،و أصبحت الأمور الآن واضحة  ،لم تعد هناك أسرار في مجال النشر و زالت تلك الصورة الجميلة التي كان يعتقدها عامة الناس و كل مبدع انه إذا طرق باب أي دار نشر يفرش له البساط الأحمر و يُرحب به و انه سيصنع منه نجم ،لكن تبين في الأخير أن هذا كلام مسلسلات ،و الحقيقة غير ذلك؛ الحقيقة للأسف مرة مرارة الحنضل و زيادة شوية.
كلما أواصل القراءة لكتاب الأديبة و القاصة زينب البحراني ،ترسخ لدي فكرة أردت ا ن أدلي بها في مطلع قراءتي لهذا الكتاب و هي :"أن هذا الكتاب من أوله إلى آخر صفحة منه وحتى قبل أن انهي قراءته (انا الآن في ص 117) هذا الكتاب قلت هو ترياق (ضد العديد من السموم) لعقل كل مفكر و مبدع ،كل في مجال إبداعه. و قد قرأت تعليق لأحدهم مباشرة بعد نشر خبر صدور الكتاب على النت  يقول فيه انه من النوع المكرر و قد بدى لي أن صاحبنا قرأ العنوان دون الكتاب و لم يطلع و لو على صفحة منه.لهذا كان رأيه نشاز.
 و أجمل ما قرأت من تعاليق على النت :"تميز الآراء الواردة في الكتاب بأنها تكشف عن أوجاع وهموم المبدع الخفية، من زوايا مجتمعية حساسة قلما نالت حظها من التحليل والمناقشة، قياسا إلى المشكلات التقنية والفنية الجامدة التي طالما أشبعتها الأبحاث الأكاديمية تحليلا ومناقشة، وفق محاور عديدة، أبرزها علاقة المبدع بمجتمع لا يفهمه، الشللية كمرض يفترس الواقع الثقافي، المبدع والصراع مع ضغوطات المهنة، المبدعات الإناث وقيود المجتمع، المبدع واستغلاله من قِبل بعض الناشرين، المبدع ومعاناته المادية، المبدع وهواة النقد الهجومي، والمبدع واعتزاله عامّة الناس. وهو ما سيجعل القارئ يخرج برؤية جديدة من زوايا لم تخطر لذهنه قبل قراءتها."

9- لابداع التاسع:  بين المبدع و... همومه
يبدو لي أن لا نستغرب بتاتا ما يتعرض له كل مبدع من طرف المجتمع أو الدائرة التي يعيش فيها خصوصا أن هذا الأخير قد تميز بشيء هو هبة من الله قبل كل ذلك ..فجمع المال و الثروة و تكديسها هذه أمور لا تخلد ذكر صاحبها .أما أن تكون مبدعا فالأمر يختلف  فلذا المضايقات ،و تضييق هامش الحرية، و عدم توفر الأسباب اللازمة و الظروف الملائمة للإبداع الخلاق هي أكثر منها محفزات للمبدع على أن تكون مثبطات كما يعتقد الجميع.فالرفاهية لا تصنع أديبا راقيا.
أن العلاج الذي يمكن للمثقف المبدع أن يستأنس به أمام كل ما يواجهه من ظروف قاسية هو قراءة تجربة غيره ممن سبقوه
اقرأ التاريخ إذ فيه العبر              ضاع قوم ليس يدرون الخبر
"ما خلقت الرجال إلا لصابرة الأهوال و العاقل يتلذذ بما يراه في فصول تاريخه من العظم و الجلالة ،و إن كان المبدأ صعوبة و كدرًا في أعين الواقفين عند الظواهر" احمد امين .فيض الخاطر الجزء السادس ص :199
10- لابداع العاشر:  بين المبدع و... ظروفه المادية
    "لقد ثار الجدل عند الأدباء الغربيين حول الكتابة للمبدأ أو الكتابة للعيش،فكان يرى بعضهم أن الأدب الذي يستحق أن يُسمى أدبا حقا ما غمر الكاتب شعوراً باللذة لكتابته،لا ما كان سداً لحاجة،أو ملأً لخانة،و لا ما حُمل الكاتب على كتابته حملا؛لأن الأدب الحق و حيُِِِِِِ ،و الوحي لا يمكن القبض عليه و تحويله حيثما أراد الموحى إليه،ليس هو كرةً تدار،و لكن صوتًا عميقًا من النفوس يُسمع فيطاع"
احمد آمين فيض الخاطر ج6 ص 85. 
11- لإبداع الحادي عشر:  بين المبدع و... هواة النقد 
في هذا الصدد أورد كلام جميل جدا " إنما النقد ما علِّل و بينت فيه أسباب الحسن و القبح،
 و أسس على قضايا ثابتة فبهذا يستفيد المنقود ،و يرقى الأدب ،و يسمو الذوق؛و بهذا وحده لا يكون النقد فتاتاً لموائد الأدب ،و لا متطفلا على نتاجه،إنما يكون هاديا للأديب ،و مرشدا للجمهور،و موجها للأدب نحو الكمال. 
12- لإبداع الثاني عشر:  بين المبدع و... اعتزاله
فبفقد الحرية تُفقد الآمال ،و تبطل الأعمال،و تموت النفوس ،و تختل القوانين،و تسأم الأمة حياتها فيستولي عليها الفتور." احمد آمين فيض الخاطر ج6 ص 224
الاعتزال هو الشيء الذي يفكر فيه كثير من المبدعين ،هروب من الصدام و طلب الراحة:لكن
الكاتبة لم تترك المبدعين هكذا يهمون لوحدهم ،لم تتركهم لليأس و الخمول بل أرسلت لهم نداء رحمة و إغاثة من منبر آخر اسمعوا لها تخاطبكم:
"أقول للكاتبات والكُتّاب المغمورين، الذين لم يجدوا فُرصتهم بعد رُغم اجتهادهم وإيمانهم بموهبتهم: استمرّوا، لا تيأسوا، ولا تستسلموا أبدًا. حاولوا مرّةً واثنتين وثلاث وأربع وعشر، وستصلون إلى مُبتغاكم ذات يومٍ بإذن ربّ العالمين. وأقول للواتي والذين وجدوا فُرصتهم في هذا الوسط بعد جُهدٍ وعناء: احذروا الإنصات لرُسُل الشّيطان من عُشّاق الغيبة، والنّميمة، ونشر الفتنة بين المُثقّفين، لأنّهم رأس أكثر المشاكل وأساسها. وأقول لمن ساعدوني، ونصحوني، ووهبوني مقاليد الفُرصة ذات يوم.. وحتّى اليوم: لا أدري كيف أشكُرُكُم، فأمثالكُم صمّام أمان هذا العالم. "
كلمة تود أن توجهها الكاتبة (زينب) للمبدعين والمبدعات في الوطن العربي ... محمد الكلاف
عندما تأتي على آخر صفحة من الكتاب ستحصل على جملة نتائج و تطلع على عدة حقائق:
طمأنينة و سكينة بالغة انك لست وحدك  كم عان من لامبالاة ،و عدم الاكتراث،و عدم الاهتمام،و من دور النشر ،و الفاقة، و من الإبعاد،و التهميش.
و حسرة ،و إحباط من تصرفات دور النشر ،و نظرة المجتمع،و تفكر في الاعتزال و سرعان ما تستدرك و تحصل لك قناعة :ان لكل نجاح ضريبة يجب أن تُدفع  .سنة الله في هذا الكون.
"احسب الناس أن يتركوا أن يقولوا أمنا و هم لا يفتنون"
يجب الصقل ،يجب التمحيص،ليتبين الغث من السمين،و الصادق من الكاذب
شكر الله لك هذا الجهد الموفق ،و إني استسمحك عذرا على أي إخلال في فهم و قراءة مضمون كتابك  القيم هذا

كاتب و مراسل صحفي- الجزائر
16/03/2013

ليست هناك تعليقات: