حوار مع القاص و الروائي المصري
محمد الفخراني
حاوره: عبد القادر كعبان (الجزائر)
الكاتب الشاب المصري
محمد الفخراني من الأسماء الأدبية التي لمعت في سماء الإبداع في العالم العربي من خلال أعمال قصصية وروائية
تقدم رؤية مختلفة عن كتابة الواقع، فازت
مجموعته القصصية "قصص تلعب مع العالم" الصادرة عن دار ميريت (2012)
بجائزة يوسف إدريس للقصة القصيرة التي يمنحها المجلس الأعلى للثقافة في مصر، و
التي عمد فيها القاص الى إعادة تقديم مفردات العالم، و ابتكار علاقات جديدة بين
هذه المفردات، كما أدهشنا عمله
الروائي "فاصل للدهشة" ليظهر كحكواتي الهوامش المنسية ليرسم بدقة
ملامح وجوه الفقراء و المسحوقين والمهمشين.
بداية ماذا تقول عن محمد الفخراني الإنسان؟
إنسان
عادى مثل أىّ أحد تصادفه فى الشارع.
يتأثر المبدع بحياته ومسيرته الشخصية ، إلى أي مدى تنعكس الذاتية والسيرة
الشخصية في كتاباتك؟
ربما
تأتى سيرتى الذاتية فى المرتبة الثانية فيما يخص انعكاس شىء ما فى كتابتى، بالدرجة
الأولى تأتى أفكارى عن العالم، أحلامى وتخيلاتى عنه، وما أريده له، وأريده لنفسى
فيه، فما نفعله فى الواقع دائمًا أقل من أحلامنا، وما يحصل عليه العالم أقل مما
نتمناه له، فى كل الأحوال أنا أكتبنى، وموجود فى كل الشخصيات والكائنات والأفكار
التى أكتبها.
صدر لك مجموعات قصصية حدثنا عنها؟
صدرت لى مجموعة قصصية بعنوان "بنت ليل" عام
2002، وفيها كنت مهتمًا بعالم الهامش، وهى تشكل مع روايتى "فاصل للدهشة"
مرحلة كتبت فيها عن هذا العالم، مع اختلاف الأسلوب والتقنية والرؤية بين المجموعة
والرواية، ثم كانت ثلاث مجموعات "قبل أن يعرف البحر اسمه، "قصص تلعب مع
العالم، و"طرق سرية للجموح"، والمجموعات الثلاث تمثل مرحلة جديدة فى
كتابتى، ويشكلن معًا ثلاثية قصصية، تكمل بعضها بعضًا، وفى الوقت نفسه يمكن قراءة
كل مجموعة على حدة قائمة بذاتها، وداخل كل مجموعة يمكن أن تقرأ كل قصة قائمة
بذاتها، أو داخل السياق العام للمجموعة، المجموعات الثلاث تعيد تشكيل العالم، تقدم رؤية جديدة لمفرداته، تنشئ
بينها علاقات لم تكن موجودة، وتكتب لها قصص حياة متخيلة وحقيقية فى الوقت نفسه،
تتناغم معًا، لتشكّل هذا العالم الجديد.
ما هي أهم خاصية قصصية ترتكز عليها قصصك عموما؟
ما
أركز عليه فى كتابتى عمومًا هو التجريب، والبحث عن طرق وعوالم جديدة للكتابة.
"قصص تلعب مع العالم" مجموعة قصصية كانت
منعرجا مهما في حياتك الأدبية بعد فوزك بجائزة يوسف إدريس، كيف كان شعورك لحظتها و
كيف تنظر الى هذا العمل القصصي اليوم؟
الحقيقة
أن بداية هذه المرحلة من كتابتى كانت بمجموعة "قبل أن يعرف البحر اسمه"،
بخصوص "قصص تلعب مع العالم"، بالطبع أسعدتنى الجائزة، وأعتبر المجموعة
صديقة جميلة ضمن ثلاث صديقات يمثلن ثلاثية قصصية، بدأت "قصص تلعب مع
العالم" فى الشتاء، سافرت إلى
الإسكندرية وانتهيت منها فى وقت قصير، الشتاء يحرضنى على الكتابة، أذكر أنى عرفت
عنوانها ربما حتى قبل أن أبدأ فعليًا فى كتابتها، وكأنها همست لى باسمها منذ
البداية، وكيف كانت أفكارها تأتنيى بسهولة، فكنت أحيانًا أتنقل بين قصتين وأكتبهما
معًا.
ما زالت المعركة بين القصة و الرواية محتدمة ، كما يشير بعض النقاد . فهل
هذه النظرة واقعية ، أم لكل من الجنسين أغراضه ورواده في
نظرك؟
الكتابة الجميلة تظل كذلك سواء أكانت قصة أو
رواية، ولا يوجد ما يمكن تسميته معركة بين القصة أو الرواية، لا شىء حقيقى فى هذا
كله، الكتابة أكبر من هذه الفكرة الضيقة.
من يقرأ روايتك
الموسومة "فاصل للدهشة" سيقف أمام عالم واقعي ببساطته البعيدة عن التقعر
و كأنه يعيش أجواء درامية، فما الذي يحدثه وصف كهذا في ذاتك ككاتب؟
أنت
تكتب، ومن حق القارئ أن يكون انطباعات وأفكار عن كتابتك، أو أنه لا بد سيفعل ذلك
بشكل تلقائى، فيما يخص "فاصل للدهشة" سمعت عنها آراء كثيرة، كانت تسعدنى
الملاحظات الذكية الدقيقة، ربما يكون تعليق بجملة واحدة، أو شىء بسيط جدًا، لكنها
كانت الأفضل والأجمل، حتى الآراء العنيفة تجاه الرواية كنت أتفهمها، وأعرف أن
رواية مثل "فاصل للدهشة" لا بد أنها ستصادف ذلك، وهذا ما يجعلها حقيقية
فى رأيى.
هل تأثر الكاتب المصري بالواقع الغامض الذي عرفه البلد منذ ثورة يناير حيث
نلاحظ غلبة المشهد السياسي المأزوم أم على العكس من ذلك؟
الكاتب
سيتأثر بحال بلده بالطبع مثل أىّ شخص، حتى على مستوى مزاجه الشخصى، لا يمكنك أن
تجلس فى بيتك وكل هذا يحدث فى الشارع، لا يمكنك ألا تكون موجودًا، حتى فيما يخصك
ككاتب، لا يمكنك أن تفوّت اللحظة.
هل يستطيع الكاتب أن يجمع بين السياسة والإبداع دون خضوعه لميول شخصية؟
يخضع
هذا لاختيارات الكاتب، بالنسبة لى لا أقحم السياسة فى كتابتى.
هل من كلمة أخيرة للقارئ؟
لنجرّب
المزيد فى العالم والكتابة.