2014/01/08

ساندريلو...الحطاب بقلم : أوباها حسين



ساندريلو...الحطاب
بقلم : أوباها حسين

في قرية قرب الغابة ومطلة على مدينة مهمة بعد كبريات المدن , موقعها غير محدد على الأرض وزمانها غير معروف عبر القرون ..
العم : لاحظت أنك تهمل واجباتك
ساندريلو : لا يا عمي
زوجة العم : استيقظت اليوم متأخرا ولم تسق لنا الماء من البئر
ساندريلو : غدر النوم جسدي المتعب
العم : خذ الشاقور والحبل لتأتي بالحطب
ساندريلو : حاضر عمي ( وفي نفسه : يا سارق رزقي الموروث )
زوجة العم : وعد لتتناول طعام الغذاء وبعده تكمل الحطب
ساندريلو : حاضر ( وفي نفسه : أكل ما فضل عليكما وأولادكما )
حمل ساندريلو الشاقور  ودوائر الحبل على كتفيه ..مشى كئيبا يصفر الغضب ويطرد الوحدة والحرمان , قطع المسافة التي تفصل القرية عن الغابة فسار بين الأشجار فوق ممرات رملية دكها المستفيدون من الغابة بأقدامهم ..قطع الأغصان الذابلة والساقطة على الأرض وجمعها أكواما ليلف الحبل حولها لكنه تخلى عن عمله لما سمع أصوات المصطفين على قارعتي الطريق المؤدي إلى المدينة ..جرى نحو الجموع لينصت إلى أخبار تفيد أن الأميرة قررت إقامة حفلات عيد ميلادها داخل القصر المشيد في المدينة بدلا من العاصمة والمدن الكبرى في البلاد ..فرح وفرح معه سكان المنطقة ولما نظر إلى ما تملاه من لباسه حزن لأن الشبان المدعوين والتابعين لأولياء أمورهم سيتمتعون بفضاء القصر وحفلاته الرائعة ..شتم الزمن الذي ضيعه وأرسل له عما يستحوذ على خيرات والده المرحوم , إنه يتيم وفاقد لطعم الحياة ..عاد إلى الحطب وأثناء انهماكه في القطع ذرف الدموع وغنى ..
أنا الحطاب قاطع الأخشاب ..
جوع
وقهر
وأعيش في العذاب
أنا الحطاب قاطع الأخشاب
طيور
وفراشات
بلا حب ولا أصحاب
أنا الحطاب قاطع الأخشاب
حرمان
ويتم
أحيا بلا أحباب
أنا الحطاب قاطع الأخشاب
مل نفسه ودفعه الغضب ليقسو على الحطب ويكسره بعنف إلى أن طارت شظاياه يمينا وشمالا وساندريلو غائب عن وجوده ..
شيخ : تبا لك ..لقد أسلت دمي بقطعة من حطبك
ساندريلو : أبدا ..أنا لم أر بشرا من حولي
وبجلبابه ولحيته البيضاء وشعره الغزير المتدلي خلف كتفه , بدا وقورا في عصبيته
الشيخ : سامحتك لأن جوابك أقنعني
ساندريلو : هل تريد أن أجلب ماءا لأنظف جرحك ؟؟
الشيخ : لا ..سيزول الدم وحده ..انظر
ساندريلو : عجيب أمرك يا شيخنا
الشيخ : ولا عجيب ولا حاجة أنا رجل شريف جئت من جولة طويلة وبعيدة وهنا أزعجت استراحتي قرب تلك الشجرة
ساندريلو : آسف .., اقبل اعتذاري
الشيخ : قبلته ..ولكن ما بك ؟ وجهك حزين !
ساندريلو : أغلب الشباب سيتملون وجه الأميرة وسيتلذذون أفخر الأطعمة والشراب وسيرقصون وينصتون لأعذب الأغاني ..
الشيخ : لا حرج عليك ..أنت شاب وسيم وقوي البنيان وجهك مليح يثير حب أحسن الشابات ..لا تقلق سأعينك
ساندريلو : كيف ستعينني ؟! وأنا العبد الفقير الذي لا يملك إلا الثياب الرثة ..
الشيخ : ستلبس أفضل كسوة بلون أخضر باهت وقميص رمادي خفيف اللون وربطة عنق سوداء وحذاءين لامعين
ساندريلو : أشكرك ولن أنسى جميلك
الشيخ : وستضع حول عنقك سلسلة ذهبية باهظة الثمن ..وستحتاجها لتغير حياتك فتصبح من الأثرياء , إنها سلسلة تخصك لوحدك ولا تتحول إلى الأغلى إلا إن أردت بيعها
ساندريلو : جازاك الرب خيرا
الشيخ : وخوفا على سلامتك من الحساد غادر الحفلة قبل أن تتم ..فكل العيون ستثور وتتحين الفرصة للقضاء عليك
ساندريلو : سأحتاط وأدبر تصرفات تحميني من شرهم
الشيخ : احترس ..أودعك وأتمنى أن تحقق أحلامك
 وقبل غروب الشمس استحم ساندريلو وقبع في غرفته بعدما سمع تهكمات عمه وزوجته وأولادهما , غربت الشمس جزئيا ..فهبط لباسه والسلسلة الذهبية على فراشه ..وفاح عطر يدوخ القريب والبعيد وظهر وفاء الشيخ جليا ..ترك غرفته ومشى بين أفواه فاغرة تسيل حسدا وكرها لحطاب تحول إلى ابن ذوات ..ترك القرية ركب التاكسي الذي حطه وسط المدينة قرب القصر ..لم يعترض أحد سبيله بل نال الاحترام الزائد فدخل القصر من باب حلمه ليندمج في الحفل المقام بمناسبة عيد ميلاد الأميرة ..شرب ساندريلو العصير بعد عصير وقضم حلويات ليشبع قليلا بعد جوع أنساه العمل وظهور الشيخ  .....بدأت الأغاني واختلط الكل في رقصات متنوعة ..
هيا يا شباب ..
غنوا
ارقصوا
لأميرة الأميرات
هيا يا شباب
تمتعوا
واختاروا
واحدة من الجميلات
وخلال المتعة العامة ..والانشغال بملذات الاحتفال , زاغت عينا الأميرة وجحظت حين رأت ساندريلو ..اتجهت نحوه بلا بروتوكول ..راقصته وذابت بين ذراعيه ..ولم تفترق عيونهما عن الأمل المنشود وهنا تحولت النظرات إليهما وبدأت القلوب تتآكل غيظا وكراهية لشاب ضيع أحلام الطامعين والمريدين للتقرب من سيدة القصر والحفل ..شعر ساندريلو بدنو الكراهية كما أخبره الشيخ ..استغل نهاية الرقصة التي طبعت وجدانه ورفعت من قيمته ..فاخترق الجموع متوجها نحو باب القصر لكن أعدائه طاردوه وخلال المشاجرات العديدة سقطت السلسلة فنجا منهم لكن الحراس اتبعوا أثره ووسط الظلام ..
أحد الحراس : ألم تر شابا وسيما مر من هنا ؟
ساندريلو : ( الذي عاد لحالته البائسة ) .. لا
أحد الحراس : سامحنا
عاد ساندريلو إلى سيرته الأولى كحطاب ونال من التهكم ما لم يثر حفيظته لأن نشوى وجوده بين يدي الأميرة أنساه تعب الحياة وسخافتها ..
وبدأت حكاية ساندريلو تتبلور حين اكتشفوا سلسلة تتمدد ولا تدار حول عنق أي أحد يريدها كقلادة ..وصل الخبر للأميرة فأمرت الكل للبحث عن الشاب لأنه الوحيد الذي يملك سر السلسلة ..طاف البراح ورجال الشرطة والحراس  عبر النواحي المحيطة بالقصر وعرض الشبان أنفسهم فلم تطوى السلسلة لتحيط أعناقهم ووصل الباحث عن الشاب صاحب السلسلة قرية ساندريلو ولما اقترب منه أحيط بتهكمات وسخرية يندى لها الجبين ..أخيرا وضد الأعداء تقلد ساندريلو السلسلة فسيق إلى القصر ..رحبت الأميرة بحبيبها وقبل الزواج , باع السلسلة كما وصاه الشيخ فربح أموالا طائلة لأنها تغيرت وأغرت المشترين الذين تنافسوا من أجلها ..وهكذا
تحول ساندريلو إلى ثري يستحق الأمير ة
...
القنيطرة
المغرب


ليست هناك تعليقات: