2015/11/21

جارة القمر والسنديان للشاعر : عادل البطوسى



جارة القمر والسنديان
للشاعر : عادل البطوسى
.. (بمناسبة ذكرى ميلاد الملائكية "فيروز" قيثارة الدنيا وحسناء الزمان 21 /11 أطال الله عمرها) ..
سرَّاً تبُوحُ بسرِّ روُحي
عندَ نبعِ العاشقين لسروة النسَّاكِ ..
تشرحُ نَرجِسَ الرُّؤيَا لعصفُور الصَباحِ على نَشيدِ الأقحُوَانْ
سرَّاً تبوحُ بسرِّ قنديلِ الصنُوبَرةِ الوحيدِ ..
بسرِّ حُزن شُجيرة الأرز التي
سكبت بياضَ الثلجِ مُزناً من سَماء الأرجُوَانْ
سرَّاً تبُوحُ ..
فهَل أبُوحُ بسرِّ سيدةٍ
تبوحُ لعُشبة الأحلامِ فوق جبال لِبنَان الجميل ..
بلحن أغنيةٍ يُموسقها الحنينُ على أنين النَاي أو وَجع الكمَانْ ..؟
فيروز .. يا قيثارة الدنيا .. وحسناء الزمانْ
ما سرُّ صوتكِ ؟ ..
أيُّ سرٍّ فيكِ سيِّدتي ؟
طفولة وجهك العذب الحييِّ ..
ونظرة العين الخجولة في خشوعٍ ؟
أم رحيق الوجد في ورع العذارى ؟
أم تراتيل المحبَّة والحنانْ .. ؟
الربُّ يسكنُ في وداعةِ صوتكِ النسكيِّ سيِّدتي ..
ويُلقي بالسنابل للطيورعلى شطوط البحرِ ..
في بيروت فاتنة المدائنِ ..
حيثُ تنهضُ زهرةُ الفينيقِ ..
تعبقُ فى انبعاثِ رمَادِهَا .. وتحطُّ فوق أريجِهَا عصفُورتانْ
فيروز .. يا قيثارة الدنيا .. وحسناء الزمانْ
يا جارة القمر البهيَّة .. يا ربيع البيلسانْ
من أين ينُبع صوتُكِ المسحُور سيِّدتي ؟
وكيفَ يمرُقُ للمصبِّ ؟
وكيفَ يجرِي في الجداولِ ؟
كيف يلعبُ ـ مثل أطفال المخيَّمِ ـ بالشظايا ..
ثمَّ ينعسُ تحت ظلِّ السيسبانْ     
من أينَ ينبعُ ؟
كيف يمضِي بالحنينِ إلى الجبال ِ..
وبالجبالِ إلى الحدودِ .. 
وبالحدودِ إلى الخرائطِ .. ؟
كيفَ تتبعهُ البلابلُ والأيائلُ حين يشدو ..؟
كيف يذهبُ بالنوارس للفوارسِ .. 
كيفَ يسبحُ في شرايين الصبابةِ ؟
كيفَ يأخذُ في مَدارجهِ الحِسَانْ ..؟
من أين يبدأ ؟ ..
من سُهاد العندليبِ على عبير الياسمينِ ..
ورقصة الخيلِ .. السنابكِ .. ؟
من مدار الليلك الشاميِّ والعبق الذي يهمي وريفاً فى المكانْ
فيروز يا قيثارة الدنيا وحسناء الزمانْ
فيروز أنتِ مُضَاءَةٌ في ذاتِهَا ..
ومُضَاءَةٌ من ذاتِهَا .. ومُضَاءَةٌ في كُل آنْ
فيروز سيدةٌ بحجم قبيلةٍ ..
هي قامةٌ .. وهويَّةٌ .. هي أمَّةٌ ..
هي نجمةُ النجماتِ في وطن السُهى والسنديانْ
هي لا تغنِّي .. بل تصلِّي ..
صوتها صوتٌ يوحِّدُ حين تقتتل القبائلُ .. 
يجمعُ الفرقاءَ ..
يركضُ كالجيادِ من المحيط ِالى الخليجِ ..
وليسَ يُدركُ : كيفَ راحَ ؟ وكيفَ عادَ ؟ وأينَ كانْ ؟
فيروز تتبعُهَا إذا غنَّت طواويسٌ وبجعاتٌ ..
إذا غنَّت يصيرُ الطيرُ قدِّيسا .. 
ويجري البحرُ رقراقا ..
ويهدي الشط َّ أغنيةً ..  يموجُ الموجُ ترتيلا ..
إذا غنَّت تصيرُ البجعةُ الغيداءُ عاشقةً ..
وتصبحُ مهرةُ الأيقونةِ العذراء ناسكةً ..
وتلبسُ وردةُ التاريخِ بُرْدَتَهَا .. وتخلعُ تاجَهَا والصولجانْ
فيروز يا قيثارة الدنيا وحسناء الزمانْ
يا جارة القمر النديَّة يا ربيع البيلسانْ
إنِّي أقيمُ على الودادِ ..
ولا أقيمُ على الرمادِ ..
فما تكدَّس من صراخٍ في نحيب الشدو سيِّدتي
يهيلُ الدمعَ ملتاعاً على مِزق الخرائطِ ..
فى الخرائبِ .. ما تكدَّس من صُراخٍ ..
أرَّخَ الصرخات ـ سيِّدتي ـ شظايا من لهيب العنفوانْ  
فيروز .. يا فيروز ..
يا قيثارة الدنيا وحسناء الزمانْ
فيروز أنتِ مُضاءةٌ في ذاتِهَا ..
ومُضاءةٌ من ذاتِهَا .. ومُضاءةٌ في كُل آنْ
يا جارة القمر الأبيَّة يا ربيع البيلسانْ
فيروز سيدةٌ بحجم قبيلةٍ ..
هي قامةٌ .. وهويَّةٌ .. هي أُمَّةٌ ..
هي نجمةُ النجمَاتِ في وطن السُهى والسنديانْ ..!
.............................................. عادل البطوسى

ليست هناك تعليقات: