2015/11/21

عزيزي حلمي النمنم: الصورة لم تكن حلوة! بقلم: أحمد طوسون



عزيزي حلمي النمنم: الصورة لم تكن حلوة!

أحمد طوسون*

لا يؤمن أحد من صناع القرار الثقافي في مصر بالتغيير، وبالتالي فمن الطبيعي أن تشهد أنشطة الوزارة الفشل بعد الآخر وسط تصفيق الحضور ودوي فلاش الكاميرات وتبادل القبلات والتهاني!

فشل مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ومن قبله فشل مهرجان سينما الطفل وغيره وغيره من المهرجانات، وسيضحك الجميع من أجل الصورة الجميلة على شاشات الفضائيات ومانشيتات الصحف، وإذا تجرأ أحد وتساءل عن بعض السلبيات التي حدثت وتحدث، فحقيبة المبررات ملأى بالإجابات الجاهزة عن الميزانيات الضعيفة والظروف الأمنية والإرهاب الدولي.

دعك من هذا كله ولنعد لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي اختتم فعالياته وتوزيع جوائزه مساء الجمعة 20 نوفمبر وسط غياب كبير من الفائزين بجوائز المهرجان، والسؤال هنا أوجهه إلى وزير الثقافة عن حضوره حفل لم يحضره أحد؟!

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ليس مجرد مهرجان فني، بل أكاد أدعي أنه الواجهة الثقافية والفنية والإعلامية الأكبر لصورة مصر الحضارية، وأكبر دعاية سياحية لبلد تمتلك أكثر من ثلث آثار العالم، ولا تأخذ نصيبا يذكر من سوق السياحة العالمي، فما بالك بالوضع في ظل الأزمات الراهنة التي تواجهها السياحة المصرية؟!

ولا أظن أن الميزانية الضعيفة التي بلغت 9 مليون جنية لمهرجان لم تخرج فعالياته عن أسوار دار الأوبرا المصرية كانت من أجل مهرجان لحفنة من المنظمين ونجوم السينما المصرية في ظل غياب كبير للنجوم أصحاب الأفلام المتنافسة (الأفلام التي يتهمها البعض بمخالفتها لائحة المهرجان بأسبقية تنافسها وعرضها في مهرجانات سينمائية دولية أخرى).

قيمة المهرجان الحقيقية يا وزير الثقافة في حضور الضيوف من نجوم العالم الذين كان من المفترض أن يحتشد بهم حفل الختام وتوزيع الجوائز، فيقدموا في بلادهم صورة للاستقرار الذي نعيشه، وتصبح رسالة تواجدهم أفضل رد على الدعوات التي نواجهها بعد حادث الطائرة الروسية!.. أما الصورة التي شاهدناها في حفل الختام من صعود موظفي قنصليات بلاد الحاصلين على الجوائز نيابة عن الفنانين لغيابهم فهي تصب لصالح الدعوات التي تحذر السياح من القدوم إلى بلادنا وتؤكدها!

أما القيمة الثانية التي لا تقل أهمية فهي أن يوفر المهرجان عروضه لجمهور المصريين بقاهرة المعز وليس بحبسه بين أسوار الأوبرا بمعزل عن جمهور السينما الحقيقي والذي يستهدفه الفن السابع، وبالتالي خلت كثير من صالات العرض بالأوبرا من الجمهور رغم الدعوات المجانية التي وزعتها اللجنة المنظمة بمعرفتها!

هناك الكثير من الأمور المحيطة بالمهرجان التي تحتاج إلى تفسير مثل أن يهدر نصف مليون جنية في ترجمة الأفلام رغم أنها تعرض في قاعات الأوبرا للمتخصصين، ورغم ما يقال عن أنها ترجمة إلكترونية كما تفعل كثير من المواقع الإلكترونية على شبكة النت دون مقابل!

وكيف تكون قاعات الأوبرا غير مجهزة بأجهزة عروض ديجتال فتنفق إدارة المهرجان مليون جنية على تأجير الأجهزة الديجتال لعرض الأفلام؟

لكن كل هذه الأسئلة تبعد بنا عن جوهر القضية والسؤال الرئيس الذي يلح علينا مع كل فشل جديد يحدث في أروقة وزارة الثقافة.. من المسئول عن تشويه صورة مصر ثقافيا وتراجعها؟

والحقيقة أن الإجابة سهلة وبسيطة وتتلخص في بعض الأسماء التي تحتكر تنظيم المهرجانات منذ عهد فاروق حسني وحتى الآن، وعلى أي مسئول أن يراجع أسماء لجان المهرجانات وأعمار أعضائها ليكتشف حقيقة المأساة التي نعيشها والفكر الذي يسيطر على عقل الثقافة المصرية ويقودها إلى الوراء.. فلا أحد يؤمن بالتغيير، وتتضافر مصالح حفنة هنا وهناك على بقاء الأوضاع على ما هي عليه ولتكن صورة مصر وثقافتها آخر ما يفكر فيه المسئولون عن الثقافة.

يتحمل حلمي النمنم وزير الثقافة وحده المسئولية لأنه سار على الدرب المرسوم له وأختار لثقافة مصر لجان للمهرجانات من موظفين وأسماء لها تاريخها لكنها لم تعد صالحة لمسايرة العصر وتجاهل المبدعين وشباب الفنانين من الأجيال الجديدة وجيل الوسط وتغافل عن أهمية تطعيم لجانه بالإداري الناجح الذي يفهم العصر ويتحدث بلغته ولا يكون جل همه أن يضحك الجميع لتصبح الصورة حلوة رغم مرارة الواقع!.

·         قاص وروائي
 http://www.middle-east-online.com/?id=211859

ليست هناك تعليقات: