احمد ابراهيم الفقيه يصدر كتابه السردي الخامس والاربعين "قصص من عالم العرفان"
صدرت في القاهرة هذا الاسبوع المجموعة القصصية الجديدة للكاتب الليبي الدكتور احمد ابراهيم الفقيه ، التي تحمل عنوان "قصص من عالم العرفان"،
عن دار نشر "المكتب المصري الحديث"، وتضم خمسة وعشرين قصة تدور في تلك الاجواء الروحانية التي يعبر عنها العنوان وتتواصل مع ارواح عدد من الادباء والكتاب والفنانين من اصدقاء الكاتب ومن الشخصيات العامة، وهي موجودة في القصص باسمائها الحقيقية مرفقة بصورها وهي الشخصيات التالية عليهم جميعا رحمة الله ورضوانه
عباس محمود العقاد ونجيب محفوظ ويوسف إدريس وصلاح عبد الصبور ورجاء النقاش ومحمود درويش وعلي شلش وعبد الله القويري وإبراهيم الفقي حسن وعلي صدقي عبد القادر وعليّ الرقيعي ورشاد الهوني وبشير الهاشمي ويوسف هامان وكاظم نديم وحسن عريبي ومحمد الزوي وعلي القبلاوي ومحمد الفيتوري وفؤاد الكعبازي وبشير كاجيجي وخليفة حسين مصطفى والسيدة ام كلثوم
الكتاب متوفر للبيع في مكتبة المكتب المصري الحديث بعمارة اللواء بوسط المدينة بالقاهرة ، وقد قدم المؤلف للكتاب بهذا الاستهلال والاهداء
استهلال و إهداء
إنها رحلة روحية ومغامرة وجودية يحاول فيها الكاتب عبور تلك الحدود من عالم الواقع والحواس، وصولاً إلى عالم الروح، والدخول إلى دوائر الرؤيا والعرفان، حيث المعرفة ليست محدودة بحدود الزمان والمكان، وحيث العالم ليس فقط ما نرى ونسمع ونعاين بالحواس الخمس، وإنما أبعد وأكبر وأكثر ثراء وعمقاً وزخماً، نحس به ونعيه بحواس أخرى سادسة وسابعة وثامنة كامنة في خبايا أنفسنا وأرواحنا.
إنها رحلة لاكتشاف العوالم الخفية التي حولنا، بمثل ما هي رحلة لاكتشاف الذات، وصولاً إلى العوالم الخفية المجهولة بداخلنا، ووعينا بأنفسنا، وتفجير طاقاتنا الروحية.
إنه تواصل مع أحباء رحلوا، وفي نفس الوقت هو تواصل مع مناطق حميمة في أنفسنا، هي تلك المناطق التي نطوي عليها قلوبنا، ونحتفظ فيها بالمشاعر الحميمة لأحبائنا، سواء ممن هم على قيد الحياة أو ممن غادروا دار الفناء إلى عالم البقاء والخلود.
ولهذا فإنني أريد أن أهدي هذا الكتاب الى لأحباء الذين اقتبست من حياتهم هذه القصص، وجعلتهم موضوعاً لها، ثم الى أسلافي الذين يرحلون في دمي، ممن خدموا رسالة الروح، وكانوا رموزاً لعالم العرفان، وحلقة وصل بين أهل الأرض والسماء، وهم جدي لوالدي العارف بالله، الفقيه أحمد بن عبد الله القنطراري، سليل أسلاف من العلماء والفقهاء والعارفين بالله، وجدتي لوالدتي منوبية عبد الله بن الفضل، وهي من سيدات الولاية والصلاح، ووالدها الولي الجليل سيدي عبد الله بن فضل الكبير، وأبنائه خليل والجيلاني وعبد الله، وكلهم من أهل الولاية والصلاح، فإلى أرواحهم أهدي هذه القصص الروحية، التي هي قبس صغير من أقباسهم، وفيض من فيوضاتهم، في عالم الرؤيا والروح والعرفان.
وتتصدر الكتاب كلمة لاحد الشخصيات الموجودة في الكتاب وتدور حولها واحدة من قصص، هو عبقري القصة القصيرة واستاذها يوسف ادريس ، كتبها منذ خمسين عاما اي في عام 1966 عن الكتاب الاول لاحمد ابراهيم الفقيه ، الذي صدر في تلك السنة بعنوان "البحر لا ماء فيه " يقول فيها
(ان هذه المجموعة القصصية مساهمة حقيقية فى دفع القصة العربية القصيرة لكى لا تصبح عربية فقط ولكن أيضاً لكى تشمل الإنسان فى كل زمان ومكان)
وكان الناقد الليبي الدكتور طاهر القراضي استاذ اللغة العربية وادابها في الجامعات الليبية قد قرا الكتاب وكتب عرضا وتقييما للقصص هذا نصه:
د. طاهر القراضي
قراءة في قصص من عالم العرفان
ما إن رأيت إعلانا على الفيس بوك حول صدور آخر مؤلَّفٍ من مؤلفاتِ السيد الأستاذ الدكتور أحمد إبراهيم الفقيه، وهو الكتاب المُبيّن أعلاه، حتى سارعت للحصول على نسخة وصلتني في طرابلس بمساعدة من المؤلف الذي اجزي له الشكر الجزيل على ذلك وايضا على ما ورد في هذا الكتاب الفريد المكتوب بالروح والنكهة والاسلوب الذي تميز به أستاذنا الدكتور أحمد، فأنت لا تكاد تجد قصةً من القصص الخمس والعشرين التي بداخل هذا الكتاب تخلو مما يسميه الروائيون بمصطح " الفلاش باك " مع أنها قصص قصيرة. والذي يشدُّك لقراءته وإكماله من دون انقطاع هو أنّ كل قصصه أو جُلّها تتعامل مع العالم الآخر، والتواصل الأثيري بين الأحياء والأموات، وكلها ترتبط بنسيج متداخل بين الواقع والخيال، بل ربما نسميها:" مفارقات، وملابسات ومصادفات، ولكنها حقائق واقعة أغرب من الخيال ". ونظرا لفذاذة هذا الكتاب وفرادته وطرافته فإنني رأيت أن أعرّف به القرّاء الكرام ليقتنوه ويقرؤوه للاطلاع على ما فيه من غرائب الحوادث التي تشبه الأساطير ولكنها واقعية لا مراء فيها ولا جدال حولها، وقد أوردها الأستاذ الدكتور الفقيه في أسلوب قصصي رائع، وقد اختصرتُها اختصارا شديدا، لئلّا أثقل كاهل القارئ الكريم، الذي يمكن أن يقتني الكتاب ليعرف أسباب هذه الاختصارات في هذه القصص، وهي مرتّبة وفق الترتيب الذي رتبها عليه المؤلِّف:
1- كوكب الشرق، السيدة أم كلثوم، سيدة الغناء العربي:
قد صيغت حول أم كلثوم، وهي في فراش الموت، قصصٌ وأساطيرُ لا يصدقها العقل ولكنها غير قابلة للتكذيب؛ فقد شهد بصحتها خمسةٌ ممّن شهدوها وشاهدوها ورؤوها مرأى العين وهم: قارئ القرآن الكريم الملازم لأم كلثوم في مرضها الذي انتقلت منه إلى دار البقاء، والشاعر أحمد رامي شاعر أم كلثوم الأثير، والموسيقار رياض السنباطي، والدكتور المعالج، والممرضة المرافقة.
2 – الكاتب والروائي نجيب محفوظ:
يتمتع محفوظ بذكاء خارق لا يصدقه العقل؛ فلقد التقى مع أحمد إبراهيم الفقيه في لقاء عابر لا يزيد عن دقيقة واحدة، ثم انقطعت اللقاءات بينهما لمدة ثلاثين عاما، وبعدها ذهب الفقيه إلى الركن الذي كان نجيب محفوظ يرتاده مع بعض الكتاب والأدباء بكازينو قصر النيل، ووجده هناك فتذكره وخاطبه باسمه ( يا أحمد). وفي هذه القصة، وردتْ واقعة تشير إلى أنّ الفنان المخرج السينمائي سمير الجاعوني، الفلسطيني الأصل، والليبي النشأة والجنسية، استطاع بذكاء محفوظ وقوة ذاكرته، وبوساطة الدكتور أحمد إبراهيم، أن يستعيد مبلغا ماليا يقدّر بألف دولار آنذاك، وكان هذا المبلغ سببا في انفراج ما كان يعانيه الجاعوني من الإفلاس والمديونيات التي كادتْ أن تجبره على بيع بيته الوحيد الذي كان يسكنه.
هذه قصة حول نجيب محفوظ وذكائه الخارق، وهي القصة الثانية بعد قصة السيدة أم كلثوم كما وردتْ بمتن الكتاب. ويضيف الفقيه قصة أخرى حول محفوظ، وهي القصة رقم 20، وفيها أنّ الدكتور أحمد إبراهيم الفقيه يلتقي مع نجيب محفوظ بعد وفاته بعدة سنوات ومعه بعضٌ من مُجالسيه في الركن الذي اعتاد محفوظ الجلوس فيه بكازينو قصر النيل.
3 – البشير الهاشمي:
يعترف أحمد إبراهيم بأن البشير الهاشمي له فضلٌ كبير عليه؛ فهو أول من ساعده وآزره عندما وضع رجله على أول درجات السلم للوصول إلى العَلَميّة والعالمية في الأدب والفن، واصبحا صديقين حميمين. كانت وفاة الهاشمي أمرا مفاجئا وغامضا، وما كان الفقيه ليصدقه، ولكنّه لم يكن قادرا على نفيه.
4 - يوسف هامان:
كاتب وقصّاص موهوب كان يستحق أن يكون في صدارة الصف الأول من الكُتّاب والأدباء الليبيين الذين كانوا أصغر منه عُمْرا، وأقل منه إنتاجًا أدبيًّا. ولكنه لم يحظَ بمثل الحظوة التي كان يتمتع بها الآخرون؛ ربما لأنّ لعنة الانتماء لحزب سياسيّ محظور كانت تلاحقه. كان أصدقاؤه المقربون يلقبونه مداعبين بلقب: " أفقر مليونير في العالم "، فهل فعلا كان مليونيرا؟ أو أنه آثر أن يكون فقيرا برغبته وليس مرغما؟؟
5 – الشاعر علي الرقيعي:
يكتب قصة وفاته بيده، ويرفض أن يصطحب معه صديقه أحمد إبراهيم الفقيه إلى عالم البقاء.
ولسبب أو لآخر، يكتب الدكتور أحمد إبراهيم الفقيه في هذا الكتاب قصتين حول علي الرقيعي هذه واحدة وهي رقم 5 بالكتاب، أما الأخرى فهي القصة رقم 25 أدناه وفيها أنّ علي الرقيعي بعد موته بثلاثة أشهر يعود لكتابة سيرته الذاتية، أو قصة حياته على صفحات جريدة الرائد التي كان يرأسها عبد القادر أبو هرّوس.
6 – القاص عبد الله القويري:
بعد خروجه من عالم الفناء إلى عالم البقاء، يعود القويري ليباشر ديدنه في التجوال فجرا بشوارع مدينة طرابلس. ويلتقي القويري مع الأديب توفيق الحكيم في طرابلس بعد وفاتهما، ثمّ يلتقي بهما الدكتور أحمد إبراهيم الفقيه في طرابلس وهما في عالم الأموات، وهو لا يزال بيننا يُرزق حتى يوم الناس هذا.
7 – الفنان كاظم نديم:
يزور طرابلس أكثر من مرة قادما إليها من الدار الدائمة بعد وفاته بفترة من الزمن، وقد رآه كثيرٌ من أصدقائه، وزملائه، وتلاميذه، ومن بينهم صديقه الحميم الدكتور أحمد إبراهيم الفقيه.
8 – إبراهيم الفقيه حسن:
يعود من عالم الأموات إلى عالم الأحياء في يوم قائظ، شمسُهُ لا تُطاق، فوجد الدكتور أحمد إبراهيم الفقيه يجلس في إحدى المقاهي يشرب فنجان قهوة في ركن تكاد تصله أشعة الشمس الحارقة، فطلب أحمد الفقيه من ضيفه أن يشاركه الجلسة، وعندما همّ الضيف بالجلوس، طلب منه أحمد الفقيه أن ينتقلا إلى مكان ظليل داخل المقهى، ولكنّ الضيف أجلس الفقيه وأخذا يتجاذبان أطراف الحديث في المكان نفسه، ثمّ جاء ظلٌّ ظليلٌ من مكانٍ ما ليظللهما، ويقهر حرارة الشمس، ثمّ تحركّت مراوح هوائية لتلطيف الجو وتبريده، وهما لا يزالان في المكان المشمس ذاته.
9 – الصحفي رشاد الهوني:
أحمد إبراهيم الفقيه يتنبأ بقرب وفاة رشاد الهوني؛ لأنه قد ضاقت به كلٌّ من طرابلس وبنغازي، ولم يجد فيهما مكانًا لإقامته، فلم يبقَ أمامه إلا أن يغادر هذه الدنيا ليحيا حياة سعيدة هانئة لا تنغصها منغصات الحياة الفانية. وهكذا يموت الهوني بسبب ما مرّ به من الغصة، والحرقة، وخيبات الأمل المتلاحقة.
10 – شاعر الشباب علي صدقي عبد القادر، صاحب الوردة الحمراء:
يرفض شاعر الشباب الموت ويقول إنه سيبقى حيًّا، ولن يموت، ولكن بدلا من أن يموت ميتةً واحدة مات مرتين، ويحضر موتَهُ أحمد إبراهيم الفقيه في المرتين.
11 – الشاعر صلاح عبد الصبور:
يموت عبد الصبور في لندن وهو بصحبة صديقه الحميم الدكتور أحمد إبراهيم الفقيه الذي يتفاجأ ويُذهل ويكاد يُصعق عندما يقرأ خبر وفاة عبد الصبور في صحيفة الأهرام القاهرية، والغريب في الأمر أن عبد الصبور يقرأ خبر وفاته ونعيه ولم يتفاجأ به، بل إنه أوجد له مُبرِّرا وهو في لندن قبل أن يرجع منها إلى مصر ليفارق الحياة في بيته بالقاهرة بين أهله وذويه.
12 – الأديب عباس محمود العقاد:
العقاد يتمتع بنسختين من أصل، وصورة. ولك أن تعتبر الأصل هو الأصل أو تعتبر الصورة هي الأصل؛ فالصورة والأصل صنوان وتوأمان، أو وجهان لعملة واحدة.
13 – علي شلش:
أحمد إبراهيم الفقيه يحدس موت علي شلش، ويكاد يحدد تاريخ وقوعه، وفعلا صدق حدس الفقيه ومات شلش كما توقعه الفقيه.
14 – يوسف إدريس:
يوسف إدريس يُملئ على الفقيه مسرحية كاملة الفصول والتفاصيل باللغة العربية تحت عنوان: " محمد علي باشا الذي مات " ولكنّ الفقيه ينشرها في إحدى الصحف، وينسبها إلى نفسه حرصا على الأمانة العلمية!!!!!.
15 – الأديب رجاء النقاش:
هناك تشابهٌ كبيرٌ بين ما مرّت به السيدة أم كلثوم وهي تودع عالم الفناء إلى الدار الباقية، وما مرّ به رجاء النقاش في مرضه الأخير الذي خرج منه إلى قبره مودّعًا هذه الحياة. أحمد إبراهيم يرى العديد من الشخصيات الأدبية والفنية، العربية والعالمية يتحلّقون حول رجاء النقاش، وهو في الحياة الأخرى.
16 – الشاعر الفلسطيني محمود درويش:
يتعرّف درويش في تونس على الصحفية الإنجليزية كارولينا، وفي لقاء صحفي معه سألته عن العمر الذي يتمنى أن يصل إليه قبل الموت، فاختار أن يموت في العمر الذي يتّفق مع تاريخ السنة التي تفجّرت فيها قريحته، ويشاء القدر أن يُصاب بمرض القلب ويرى في منامه أنه راحل إلى العالم الآخر، وهذا ما كان من الأمر حيث مات في العمر الذي حدده للصحفية.
17 – الفنان حسن عريبي:
يترجّل من بيته ويقترب من سيارته ليفتح بابها، فاعترضته سيدةٌ ليست من الحسناوات، ولا هي من القبيحات، وحالت بينه وبين سيارته ومنعته من الركوب، وبعد فترة وجيزة أعطته شيئًا ما، وطلبتْ منه أن يقول ويكرّر جملةً ذكرتْها له. ثمّ اختفتْ تلك المرأة أو تلاشت أو توارتْ عن أنظار الفنان عريبي، الذي ذهب إلى صديقه القارئ المقرئ للقرآن الكريم الشيخ الأمين قنيوة ليستوضح منه دلالة هذه الحادثة، الشيخ قنيوة لم يصرّح بشيء. عريبي استوضح أنه سيفارق الحياة فأخذ يستعد للقاء ربه، وأخبر كل أفراد العائلة، وسدّد ما عليه من الديون، ومات في اليوم الرابع من تلك الحادثة. ( أخذ الدكتور أحمد إبراهيم الفقيه هذه القصة عن الشيخ الأمين قنيوة ).
18 – الأديب محمد أحمد الزوي:
في الليلة الرابعة من وفاة هذا الأديب، كان أحمد إبراهيم الفقيه منهمكًا في كتابة بعض المراثي النثرية التي طلبتها منه بعض الصحف لنشرها في رثاء صديقه الحميم محمد الزوي، وكان الفقيه لا يزال مفجوعا يتألم من الفراق الأبدي بينه وبين صديقه الزويّ، وكان ما يزال مفجوعا حزينا مهموما يُكابد ظُلمة الحزن والفراق، وبينما هو على هذه الحال جاءه صديقه محمد الزويّ المتوفَّى منذ أربعة أيام، في زيارة مفاجئة ليبدّد الظلام ويحيله نورًا وبهاءً، ويحيل الحزن والوجوم إلى فرح وبهجة وسرور.
19 – الممثل والمسرحي علي القبلاوي:
أبو المسرح العالمي شكسبير، يشترك مع الفنان المسرحي الليبي علي القبلاوي في تقديم مسرحية بحضور جمهور غفير ونخبة من عمالقة الفن والمسرح والتمثيل. وكان الأستاذ أحمد إبراهيم الفقيه من بين الحضور الذين شاهدوا هذه المسرحية.
20 – الأديب نجيب محفوظ:
بعد وفاة نجيب محفوظ ببضع سنوات ينعقد لقاءٌ بينه وبين الدكتور أحمد إبراهيم الفقيه بالمكان المخصص لندوة نجيب محفوظ بكازينو قصر النيل: ( يُرجى الاطلاع على القصة رقم(2) أعلاه.
21 – البشير يوسف كاجيجي:
يقول صديقه زميله عياد الطاهر إنّ والدة كاجيجي المتوفاة منذ عدة سنوات مضتْ، والمدفونة في مقبرة سيدي الشافعي بمصر، كانت تطلب من ابنها البشير، كلما ذهب لزيارة قبرها والترحم على روحها الطاهرة، أن يبقى معها ويمكث بالقرب منها. وفي رحلة علاجية لعياد الطاهر بالأردن، أصرّ البشير على مرافقته، وفي طريق العودة من عمّان إلى ليبيا قرّر البشير أن يبقى مع والدته ويُدفن بالقرب منها، وعاد المريض صحيحا مُعافَى إلى ليبيا، ومات المرافق ليبقى في جوار أمه التي طالما طلبت منه ذلك.
22 – الفنان، الأديب، المؤرخ، الدبلوماسي فؤاد الكعبازي:
كان أحمد إبراهيم الفقيه على علاقة وثيقة مع الكعبازي، وصادف أن كان الفقيه ذاهبا إلى بيروت لحضور مؤتمر أدبي هناك، فأوصاه صديقه الكعبازي أن يبلّغ سلامه وأشواقه إلى الأصدقاء المشتركين بينهما، وصل الفقيه إلى بيروت وسكن بفندق في شارع الحمراء، وتهاتف مع أصدقائه وأصدقاء الكعبازي. وبينما كان يتطلّع في إحدى الليالي إلى البحر من خلال النافذة، رأى الأستاذَ فؤادَ الكعبازي يرتدي زيَّ قبطان بحري، ويقف مع عددٍ كبير من رجالات الأدب والفن الليبيين الأموات، على سطح يخت شاهقٍ كبيرٍ يمخر به البحر وهو يلوّح بيديه كما لو كان مُودِّعًا. لم يستطع الفقيه أن يفهم ما يراه أمام عينيه من مشهد رهيب مهيب يجمع صديقه الكعبازي بأموات قد فارقوا الحياة في أزمان متفاوتة. وعندما رجع الفقيه إلى ليبيا، اكتشف السرّ الذي حيّره، وكشفَ الغموض الذي اكتنفه!!!!
23 – الشاعر محمد الفيتوري:
الدكتور أحمد إبراهيم الفقيه يجالس الشاعر الفيتوري في مقهى الفندق الكبير. الفيتوري لا يعرف شيئا عن نفسه وهو طريح الفراش بالرباط؛ فيتوجّه بالسؤال إلى جليسه الفقيه ليخبره عن ذلك. وفي الوقت نفسه يموت الفيتوري بالقاهرة بين يدي الشاعر الناقد المصري فاروق شوشة، ومع ذلك يبقى حيًّا يجالس أحمد إبراهيم في الوقت نفسه.
24 – الروائي خليفة حسين مصطفى:
من أشهر أعماله روايته " الجريمة " تدور أحداثها حول معتقل العقيلة وما يمثله من المعاناة والإبادة الجماعية التي تعرض لها أجدادنا الليبيون في عشرينيات القرن الماضي عندما قتل المستعمر الإيطالي عددًا غير قليل من العائلات الليبية التي تم إعدامها وتصفيتها بهذا المعتقل بشرق البلاد، إلى درجة أن بعض العائلات اندثرت نهائيا، ولم تترك أي فرع من خلفهم.
كانت الرواية عملا يستحق التكريم والإكبار، ولذلك أقامت رابطة الكُتّاب والأدباء الليبيين حفلا لتكريم صاحب هذه الرواية. وبعد أن رجع إلى البيت رأى في منامه ما يرى النائم من أن شيخا وقورا جاءه في منامه وأعطاه بعض أسماء الذين ماتوا في معتقل العقيلة من عائلته، وكان من بين هذه الأسماء أم السعد، حليمة، زهرة، فاستغرب الروائي مما رأى وسمع حيث كانت هذه الأسماء من ضمن شخوص روايته " الجريمة ". تكررت زيارات هذا الشيخ المنامية للكاتب خليفة حسين، ,وأخذ يلوم عليه، ويعنفه على عدم الاهتمام بمتابعة تاريخ أهله وذويه. أصبح الروائي يتأكد يوما بعد يوم من صحة وصدق ما يقوله الشيخ. وبناءً على هذه الثقة التي وضعها الكاتب في هذا الشيخ، فإن الكاتب طلب من زوجته أن تكتب مذكراته بعد وفاته، وطلب منها أن تستعين بصديقه الحميم أحمد إبراهيم الفقيه إذا احتاجت إلى مساعدة. ( هذه التفاصيل أخذها مؤلف هذا الكتاب أحمد إبراهيم الفقيه من زوجة خليفة حسين مصطفى بعد وفاته).
25 – الشاعر علي الرقيعي:
سبق أن أورد الدكتور أحمد إبراهيم الفقيه في هذا الكتاب قصة حول الشاعر علي الرقيعي وهي القصة رقم ( 5 ) أعلاه، وقد ذكرتُ هناك ملخصا لما ورد في هذه القصة من أنّ الشاعر الرقيعي يعود بعد وفاته بثلاثة أشهر إلى الحياة الدنيا، ليستأنف كتابة مذكراته على صفحات جريدة الرائد التي يرأسها عبد القادر أبو هروس.
من خارج النص:
أ – الكتابُ يزدان بصورة شخصية لصاحب كل قصة وردت بمتن الكتاب: قد تكون صورةً فوتوجرافية، وقد تكون رسمًا كيراكاتوريًا.
ب - ما ورد بهذا الكتاب يستحق القراءة والتأمل والتمعن وعدم الوقوف عند هذه الملخصات والاختصارات التي رأيت من ورائها تعريف القراء الكرام بمحتوى كل قصة آملا أن يدفعهم هذا الإيجاز إلى اقتناء الكتاب والاطّلاع عليه بأيّ طريقة.
ج – الدكتور أحمد إبراهيم الفقيه يختار شخصية الكاتب المصري يوسف إدريس لتقديم هذا العمل وتصديره بالمقدمة ذاتها التي كتبها يوسف إدريس عندما قدّم أول أعمال الدكتور أحمد إبراهيم " البحر لا ماء فيه ". فهل يرى القارئ الكريم أن أحمد إبراهيم الفقيه أراد أن يخلق نوعا من التماهي والمواءمة والتجانس بين مجموعته القصصية " البحر لا ماء فيه" وقصص هذا الكتاب، وذلك لأن كل القصص بالكتاب تعتمد على التواصل الأثيري أو الروحاني بين الحاضر والغائب، فجاء بهذه المقدمة لتربط بين تاريخ تلك المجموعة 1966، وتاريخ إصدار هذا الكتاب؟ وأن التواصل بين الأحياء والأموات بطريقة أو بأخرى، هو الذي حدا بأديبنا الأستاذ الفقيه أن يستدعي ويستحضر ذلك التاريخ من خلال تلك المجموعة التي يفصلها عن هذه المجموعة خمسون سنة بالتمام والكمال؟ ليس هناك ما يمنع من المصادفة ولكنه مجرد سؤال.
د – أرى أنّ هذا الكتاب جدير بالقراءة والاقتناء وذلك لما ينطوي عليه من وقائع هذه القصص من ناحية لأنها توضّح أسلوب الكتابة الأدبية، وتوضح علاقات الدكتور الفقيه الشخصية بأغلب أصحاب هذه القصص. ومن ناحية أخرى لأهمية المَسْرَدَين اللذين يشتملان على جُلّ مؤلفات هذا الأديب، وعلى الكثير من تعليقات الكُتّاب والصحافيين والأدباء والنقاد والسياسيين والدبلوماسيين حول كتاباته. وإنني أرى أنه ضروريّ بالنسبة إلى طلبة الدراسات العليا والكُتّاب للرجوع إليه لمعرفة كلّ ما قالَ وكَتَبَ، وكلّ ما قِيل وكُتِبَ حوله وحول أعماله.
هناك 3 تعليقات:
شكرا للاستاذ الفاضل احمد طوسون هذه الافادة
شكرا للاستاذ الفاضل احمد طوسون هذه الافادة
ألف مبروك.. الشكر والمودة والتقدير لكم
إرسال تعليق