مدينة الكاتب(ناحية يثرب)هذهِ المدينة من مدن محافظة صلاح الدينالجميلة, تحيط بها المناطق الزراعية والبساتين,ومن صفاتها انها مدينة الآخاء والمحبة,وتجمع الناس فيها على كلمة التعاون والتسامح والمحبة,يناجيها الروائي )عامر عبدالوهاب( بنداء حزين,ويصف مآثرها وتأريخها وما آلت اليه من مصير,ويصفها بانها أقرب طريق بين الارض والسماء,خلاصة الحكاية: تمر هذهِالمدينة بمحنة الفتنة الفظيعة, تدمر بيوتها, تحرق بساتينها,تقطع الطرق فيها, يقرأ اهل المدينة من جحيم النيران قصف الطائرات والمدافع, تتشابك فيها النيران من كل الجهات, يحترق فيها كل شيء جميل, في هذهِ ظروف العصيبة يشمر عن ساعديه بطل الرواية أسامة صادق الروضان,صاحب المنصب الرفيع والمقام المحمود لينجومن هذهِ المطحنة وينجي افراد عائلته(زوجته,واُمه,وابناءهُ)وقد صور لنا طريق النجاة بأجمل الصور وكيف تجاوز تلك المحن والصعوبات التي كانت بمثابة المعجزة وكيف كان يعالج تلك الصعوبات بالصبر والامل, هذهِ خلاصة الحكاية( ).
من هنا قد كونّا صورة مختصرة عنها ونقول:
ان لجوء الكاتب الى الاسلوب القصص لإعطاء مغزى يكون على الاغلب اما لتبسيط الرواية وتقريبها من افهام الناس,واما لنقد الحياة الاجتماعية والسياسية بأسلوب رمزي مبطن حيث قسم القوتين المحاربتين,الاول بالجيش الابيض,والآخر بالجيش الاسود بحيث لا يثير غضب الحاكم,والجيش,والقوات القادمة من خلف الحدود,التي لا يعرف أهدافها ونواياها,ونعتقد ان هذا الاسلوب قد ينجح لفترة زمنية محددة,ولكن كان على الكاتب ان يختار تسمية تصلح الى فترات متعددة؛ لان الزمان والمكان متغيران,وعلى الكاتب أن يأخذ هنا المبدأ في الحساب نقصد لقراء المستقبل بمختلف ثقافاتهم ومعتقداتهم( ).
الحقيقة الثانية ان الرواية هي اجتماعية,ونرى من خلال قراءة الحوارات والصورة التي كومها لنا النص بأنه يصور فيها المدينة تحترق, تحرقها وتلتهم أطرافها نيران الجيش الاسود,كما اسماه الكاتب,ثم يظهر لنا حجم استياءهوحزنه لما بلغت به الاحوال والظروف من اعلى درجات الضعف والهوان, حتى اصبح كل شيء مدمر ومخرب,وآلت امور الناس الى شفا حفرة من النار,الكل يرقب وينتظر متى يسقط فيها, امة مغلوبة على امرها,(لاحول ولا قوة),ويعزز الكاتب الاسباب, ان الحكومة قد فقدت القدرة على السيطرة على الاوضاع,وحماية الناس من الاخطاء المحدقة لها؛ بسبب تفشي حالات الظلم والاستياءوالقهر.
هنا يدعوالكاتب الى صحوة من الحد المميت,والتخلص من قيود الاوهام التي حاكها أولئك الجهلة الذين تجلببوا بالدين وفسروا تعاليم الاسلام بغير هدى.
قدم لنا الكاتب عامر سرداً طويلاً,صور لنا شخصيات روايته مثل (أسامة الروضان,نجلاء,سرحان,فرحان,ساجد)وكان دورهم ضعيفاً ومحدود, من خلال سلسلة الاحداث,وكان الراوي للبطل حيث تناول أغلب الحدث,بداية من محاولة الهروب عن طريق عبور النهر التي لم يكتب لها النجاح,ثم صور لنا تفاصيل التنقل من يثرب مروراً بالمدن والقصبات الاخرى, الى مدينة بغداد,وما واخهم من صعوبات وموافق عسيرة,والحدث الاكثر تأثيراًالتساؤلاتوالاستفسارات من قبل افراد(الجيش الابيض)ووضع الكثير من علامات الاستفهام لهوية الاسرة ورب الاسرة بالذات وسلامة موقفها الامني فضلاً عن ذلك المشاكل الاخرى, من استخدام وسائل التنقل المختلفة,وانقطاع الطرق,وكثافة النيران المنبعثة من السماء والارض اثارة حفيضة العائلة وارهقتهم خوفاً وفزعاً كان الكاتب دقيقاً في نقل أغلب الاحداث وتحويلها الى حوارات وجمل جيدة,واختفاء تلك الاهداف حول وخلف الكلمات والجمل,وكان بارعاً في نقل أهم الاحداث ووصفها( ).
اما عتبة العنوان– باعتقادي– لم يكن الكاتب (عامر عبدالوهاب) منصفاً في اختيارهالعدة أسباب؛ أهمها: ان عنوان(جحيم الوطن)ثقيل وذومدلولات تشاؤمية,تدعوا الى تنافر التجاذبات السلوكية,نقترح على الكاتب اعادة النظر فيها( ).
تتناولالرواية موضوع مهم من موضوعات الساعة,هوالنزوحالجماعي لمدن كاملة,إذ يُعدُّ من الموضوعات أوالروايات الاجتماعية,وفيها شيء يسير من السيرة الذاتية, راعى فيها الكاتب العديد من القواعد الاساسية في الرواية الحديثة, وهي نوع من انواع النثر الفني الجميل,استخدم فيها الشعر ولم يكن بمستوى العمل؛لعدم توظيف ذلك الشعر بشكل جيد,–باعتقادي–كان من الاجدر به أن يوظفه بشكل يخدم ذلك العمل الجميل, لكن لم يستطيع كاتبنا ان يقوم بهذهِ الوظيفة,وبهذا نود ونتمنى عليه ان يعيد النظر في هذا الباب ليكون نقطة قوة للعمل( ).
عند احتكامنا للنص كله,بدءاً من الكلمة والجملة والفقرة وصلنا الى معايير ثابتة, تظافرت فيها عناصر الرواية جميعاًوكونت لنا رواية جميلة معتدلة ذات موضوعية هادفة,أعتقد أنه أختار الكلمات حيث صلحت فيها الاشارات والرموز,ونقل لنا تجربته وقد وصلتنا بشفافية( ).
لقد غصنا في التراكيب والالفاظ, بحثنا عن الشحنات الدلالية فيها وعلاقتها ببعضها,وصولنا الى جوهر المعنى, كان سهلاً وهذهِ تسجل لصالح الكاتب,الحقيقة ان جوهر المعنى في هذهِ الرواية يقبع خلف هذهِ الدلالات,وقد قام بأثارة استجابات سلوكية لدينا,وقد كون لنا الكاتب مطابقة اللغة مع واقع الاحداث ولم يكن مبتكراً فيها بل كانت بسيطة وجيدة( ).
أما العاطفة–في رأي–ومن خلال الاطلاع على تفاصيل الرواية فكانت تتأرجح بين القوية والضعيفة؛وذلك لأن أغلب الاحداث تدور حول بطل الرواية اسامة صادق الروضان وهذا المؤشر سبق وأن قلنا اثر على توازن الرواية,وكانت الصور المركبة في أغلب احداث الرواية جيدة.
اما اسلوب الرواية–فقد رأينا–في نقد الاصطلاحات واستخدامها في الرواية هي سلامة اللفظ, جيدة مع دقة استخدام الكلمة المفردة, اما التعبيرية فكانت بسيطة وغير معقدة.
وختاماً نقول هذا ما يسر الله لنا فيه ولدى الاخوة والقراء والنقاد الكثير نتمنى للكاتب التوفيق ومزيد من الجد والمثابرة وأمامه الكثير والســـــلام عليكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق