أهل الكهف
السيد فهيم
آخر ما يذكره حين هوي،
تناثرت هتافاته تحت الأقدام المذعورة : الشعب يريد إسقاط النظام .
أفاق كفتية الكهف من غفوة طالت،
ظنها يوما أو بعض يوم،
وجد جسده المسجي ممددا علي الفراش ينوء بآلام رهيبة ..
بتروا ذراعه اليمني،
نزف من الدماء أنهارا،
وذرف عليه الأحباء شلالات من الدمع طوال غيبوبته.
لم يكترث بآلامه ولا بدموعهم فقط سألهم :
- أخبار الثورة إيه؟!
أجابوه بما أثلج صدره، وأراح فؤاده:
- مبارك تنحي.
هتف محاولا رفع ذراعه المبتورة:
- الله أكبر.
قفزت العيون من المحاجر وخرست الألسنة، تطوع صديق رابط الجأش:
- اضطروا يقطعوا إيدك .. خافو من الغرغرينة.
اختنقت الكلمات في حلقه وهو يردد:
- الحمد لله، المهم إنها راحت بفايدة .. عايز أروح الميدان.
عاونوه علي الخروج، واتجهوا صوب الميدان، فوجئ بدخان كثيف وصرخات مدوية: يسقط .. يسقط حكم العسكر.
تملكته الدهشة، فلخص له أحد رفاقه ما فاته أثناء غيبوبته التي طالت لأشهر.. تأمل مكان ذراعه المبتورة في أسي، ورفع ذراعه الأخرى هاتفا في حماس:
- الشعب يريد إسقاط النظام.
واحتدمت المواجهات، وأمطرت سموات النظام بالخرطوش والدخان المسيل للدموع.. وتدافعت جموع الثوار في كل مكان، بين كر وفر، وهتاف وسباب.
وكان آخرُ ما يذكره حين هوي،
وتناثرت هتافاته تحت الأقدام المذعورة : الشعب يريد إسقاط النظام.
أفاق كفتية الكهف من غفوة طالت،
ظنها يوما أو بعض يوم،
وجد جسده المسجي ممددا علي الفراش ينوء بآلام رهيبة ..
بتروا ذراعه اليسري،
نزف من دمائه انهارا، فلم يتبق سوي ما يكفل له سد رمق الحياة.
وذرفوا عليه ما استطاعوا من الدموع، وابتهلوا من أجله وتضرعوا للسماء،
وحينما أفاق، ظن أنه حلمٌ طال، أو كابوس انتهي لتوه، بادر بالسؤال:
- أخبار الثورة إيه؟!!
أجابوه بفتور:
- رحل العسكر.
هتف بحرارة:
- الله أكبر.
انتبه إلي غياب ذراعه اليسري، فتقدم نفس الصديق رابط الجأش وقال بأسي بالغ:
- اضطروا يقطعوا إيدك التانية.. خافوا من الغرغرينة.
ابتسم في مرارة، وحاول أن يتحلي بصبر المناضلين:
- الحمد لله، إنها راحت بفايدة، عايز أروح الميدان.
عاونوه علي الخروج، واتجهوا صوب الميدان، فوجئ بدخان كثيف وصرخات مدوية: يسقط .. يسقط حكم المرشد.
تملكته الدهشة، فلخص له أحد رفاقه ما فاته أثناء غيبوبته التي طالت لأشهر أخري.. لم يستطع رفع ذراعيه، لكنه مط عنقه ورفع رأسه هاتفا في حماس:
- الشعب يريد إسقاط النظام.
واحتدمت المناوشات، واشتعل الميدان، وتطاير الشرر، وتكاثف الدخان، وبدأ الكرُ والفرُ، وتعالت الهتافات، وهطلت السماء بالطوب والحجارة،
و ...
وكان آخرُ ما يذكره حين هوي،
وتناثرت هتافاته تحت الأقدام المذعورة : الشعب يريد إسقاط النظام.
أفاق كفتية الكهف من غفوة طالت،
ظنها يوما أو بعض يوم،
وجد جسده المسجي ممددا علي الفراش ينوء بآلام رهيبة ..
حاول فتح عينيه،
غلفه ظلام مطبق،
عاجله نفس الصديق رابط الجأش بقوله:
- الإصابة كانت خطيرة، فقعوا عنيك.
خيل إليه أنه يبتسم في حسرة، وردد في ثبات:
- الحمد لله .. ما قربوش من لساني ...
وصرخ صرخة هائلة، هاتفا بكل ما بقي لديه من عزيمة:
- الشعب يريد إسقاط النظام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق