2014/10/19

قراءة في قصة "هكذا دواليك" لصونيا عامر بقلم: عبد القادر كعبان



قراءة في قصة "هكذا دواليك" لصونيا عامر
 
بقلم: عبد القادر كعبان
من يباغثه عنوان المجموعة القصصية "...و قصص أخرى" للمبدعة اللبنانية صونيا عامر سيأخذه الشغف و الفضول لإكتشاف قصص تمت كتابتها بأنامل تعلمت المصداقية و الشفافية من منبع الحياة.
توقفنا عند قصة تحت عنوان "هكذا دواليك" و هي  تذكرنا بجملة نكررها في العديد من المواقف. هذه الأخيرة تعلن عن محتوى مضمون السرد من جملتها الأولى حيث تقول القاصة صونيا عامر:"هذه القصة تدور حول عائلة من القرن الماضي، تواجه تحديات التطور التكنولوجي الذي غزا كوكبنا الأرض دون سابق إنذار..."1. الرؤية الأولية لهذه القصة تحوم حول مفهوم التكنولوجها التي أصبحت من أهم الضروريات في عصرنا الحالي و باتت تساعد الفرد في إنجاز العديد من المهام و الأعمال بل و أصبحت وسيلة لجلب الرفاهية لكن هل هي دائما تضيف بهجة و راحة و قيمة لحياة الإنسان؟ هذا ما سنكتشفه من خلال مغزى القصة الذي تريد إيصاله صونيا عامر للقارئ الذي يعتبر بدوره شخصا معاصرا يواكب كل ما هو جديد.
تواصل القاصة في نسج خيوطها القصصية حيث قامت برسم ملامح  رؤية الجيل الأول حيث تقول:"الرعيل الأول ينقسم بدوره الى قسمين، منهم المتفهم الذي لا يبالي بكم الربح و الخسارة، و منهم الحاقد على سوء طالعه، ناقما على من جاء بعده، و نعم بالخيرات تلك" 2. هذا ما يؤدي الى هيجان و حساسية مطلقة نعايشها اليوم بين الجيلين لا تخدم مجتمعنا العربي في شيء بل تسعى الى خلق هوة عميقة بين الآباء و أبناؤهم و هذا ما لمسناه من خلال القصة:" الأم المسكينة تحاول التوفيق، لكنها لا توفق في معظم الأوقات كما الأمهات جميعا، فهن يتهن بين رغباتهن التي لم يحصلن عليها و ما يرغبن به حقا، و بين ما يرغب به أبناؤهن حقا أيضا..." 3. 
تتوقف القاصة عند موضوع حساس و هو زواج البنات كمثال حي نعيشه اليوم فنرى أغلبية الأمهات تحاول جاهدة تزويج بناتهن من منطلق طموحات مكبوتة، و يتناسين أن الزواج بالأساس هو نوع من التواصل الإنساني بين الذكر و الأنثى.  من هذه البؤرة تغوص صونيا عامر الساردة في نفسية الأم التي تحاول الهروب من ميلة بختها محاولة أن تحقق رغبتها في ايجاد عريس مناسب لإبنتها بعيدا عن ملامح زوجها الذي يركض فقط وراء رغيف الخبز.
و لعل المثير في هذه القصة هو سعي القاصة لفتح نقاش عميق عما تعيشه الأسرة العربية اليوم و هذا ما نجده مثلا في قولها:"...لا يجوز للمركب أن يقودها اثنان." 4. هذا ما يعتبره جيل اليوم مخالفا لما أسموه التحضر أو العصرنة و هذا يجعله يتمرد على العادات و التقاليد و الأخلاقيات بشكل عام.
تعتمد القاصة في طروحاتها على عنصر التشويق حيث تبتعد كل البعد عن الإطالة في السرد و تقدم الفكرة ببساطة و سهولة حيث تقول:"حصلت و خالفت واحدة من البنات الأوامر، فهي أحبت ذلك الشاب و رغبت بالزواج منه، و طبعا لم يكن لها ما أرادت..." 5. تحاول المبدعة صونيا عامر من خلال هذا المثال الوقوف على أهمية خلق فضاء للحوار داخل الأسرة بإعتباره العنصر الأساسي لتعزيز الثقة بين الآباء و أبناءهم. بالحوار يمكن أن يحدث التواصل، أي التفاهم و الإقناع و الإقتناع و إلا سيحدث العكس كما تقول الساردة:"و بعد صراعات مريرة تبدأ صراعات أخرى، وترى الأبناء كل في طريق..." 6.
اختارت القاصة صونيا عامر طريقة السرد بضمير الغائب في قصتها الموسومة "هكذا دواليك" محاولة منها للحصول على تناسق فكري للموضوع الذي اختارته كتيمة للقصة فهي بهذا التكنيك تدفع القارئ ليتغلغل في نفسية الإنسان مهما كان جيله لمعرفة مساره و أفكاره و همومه حيث تقول: "رائع جميل سردك و لكن أين القصة؟ و تجيب هنا لا تكن ساذجا و تعلم الحداثة، البدايات نهايات و الحبكة خاطرة قد تحمل أكثر من معنى..." 7.


هوامش:
1.صونيا عامر، ...و قصص أخرى ، مؤسسة الرحاب الحديثة للطباعة و النشر و التوزيع، لبنان بيروت، ط1 2012- 2013، ص:29 .
2. المصدر نفسه ص 29.
3. المصدر نفسه ص29-30.
4. المصدر نفسه ص30.
5. المصدر نفسه ص 30 .
6. المصدر نفسه ص31.
7. المصدر نفسه ص 31.

ليست هناك تعليقات: